"الجوكر: القاتل الجديد"!

لم أر ملامحه وتقاسيم وجهه، ولم أسمع نبرة صوته الحقيقية. لكنني أحسست بحزنه وألمه، بلومه وإدانته الشديدة لذاته. استشعرت حجم القهر الكبير والحال الذي وصل إليه وهو يروي قصته مع تعاطي المخدرات التي أوصلته إلى ما هو عليه الآن.اضافة اعلان
في الفيديو الذي نشر على موقع “الغد” الإلكتروني، أول من أمس، ضمن برنامج “تريندات”، وعنوانه “الجوكر: القاتل الجديد”- الجزء الثاني، والذي أعده الزميل حمزة دعنا، وأخرجه الزميل مراد ميرزا، قدم الشاب عماد، وهو اسم مستعار، نموذجاً حقيقيا لكل من يقع في براثن آفة المخدرات.
عماد، كما حال شباب آخرين، تعرض لظروف معينة في حياته، حاول تجاوزها برفقة “أصدقاء السوء”، لتبدأ رحلته في تعاطي ما يسمى “الجوكر”؛ وهو نوع خطير من أنواع المخدرات.
كان يصعب عليه الاعتراف، ولو بينه وبين نفسه، أنه أصبح مدمنا لتلك المادة التي دمرته نفسيا وبدنيا واجتماعيا، وسببت له خللا كبيرا بوظائف جسده.
“كنت كمن يقتل نفسه..” يقول عماد الذي تأذى، وآذى -من دون وعي- كل من حوله من عائلة وأصدقاء. لكن أذاه الشخصي دفع ثمنه غاليا بعد أن كان ناجحا في حياته وعمله، كما كان متفوقا في دراسته، متميزا عن أقرانه. إذ، وكما يروي، تعرف إلى شاب أوهمه بمتعة “الجوكر”، لكنه حينما أدمن عليه شعر أن حياته أصبحت رهينة ذلك الشخص، يخضع من دون وعي لكل ما يطلبه منه، مقابل أن يحصل على “الجوكر”!
عماد الذي وقع فريسة الإدمان والتعاطي، سرعان ما تدهورت صحته وأصبح يشعر بالخوف والشك والرفض لمن حوله، ويميل إلى الوحدة والانعزال عن المحيط. وباتت كل تصرفاته غريبة، كأنه وصل حد الجنون!
هذا الشاب، وجد أخيرا وقبل فوات الأوان من يسانده. إذ استطاع أن يلجأ لمركز عرجان للعلاج، ويكون في أيد أمينة، يخضع لكل ما يلزم ليتعافى من هذه الآفة المميتة والسموم التي دخلت جسده، ويقدم للشباب نصيحة بأن يحذروا من مخدرات تحطم آمالهم ومستقبلهم، وتجعلهم يخسرون حياتهم بلحظة.
في فيديو “الغد” أيضا تحدث النقيب أنس الطنطاوي من إدارة مكافحة المخدرات، بطريقة مهمة وتوعوية عن أخطار “الجوكر”، وهو حشيش صناعي ومادة كيميائية مهلوسة تعمل على إحداث تغيير مفاجئ بوظائف الدماغ، لذا تم إدراجه على قائمة العقاقير الخطرة في الأردن. فحذر النقيب الطنطاوي من أضرار هذا السم المميت، وممن يروجون للمادة التي تكون على شكل مادة عشبية أو مادة تشبه “التبغ”.
للأسف، متى بدأ الشخص بتعاطي الجرعة الأولى، يصبح خط العودة صعبا للغاية، لأن السلوك الإدماني سلوك متنام ومتصاعد، والتجربة قد تصبح قاتلة. فالنتيجة هي الحتمية هي جنون أو موت مفاجئ لمن يتعاطى هذا القاتل الجديد.
ينبغي أن تعي الأسرة آفة المخدرات، خصوصا مع الانتشار الكبير لها في الآونة الأخيرة. إذ عليهم مراقبة الأبناء وتصرفاتهم بشكل مستمر لتحصينهم وحمايتهم. ففي المدارس والجامعات مروجون محترفون يسعون لتدمير الصغار والكبار، وإيقاعهم في براثن التعاطي. وباستطاعة الأهل إنقاذ الأبناء إن لاحظوا عليهم علامات الإدمان والتعاطي، بإرسالهم لمراكز مخصصة للعلاج، قبل فوات الأوان.
“الغد” سبق وأن قدمت الجزء الأول من “الجوكر: القاتل الجديد”. وبعد ردود الفعل الكبيرة التي جاءت عليه، والتوعية التي قدمت للشباب من هذا القاتل الجديد، طلبت إدارة مكافحة المخدرات نشر جزء ثان وتوعوي يكمل الأول، علّ كل من يشاهده يتنبه لهذا الخطر الكبير، والذي قد تكون نتائجه تدمير أبنائنا وخسارتهم مبكرا، بالتزامن مع تهديد كبير للسلم الاجتماعي.
كل يوم نقرأ ونحلل الأرقام المرعبة التي تتحدث عن ضبط كميات مهولة من المخدرات، وإحباط الكثير من عمليات التهريب. مع ذلك، تبقى تلك الآفة منتشرة في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا وشوارعنا. فهل سيبقى الأردن كما كان يقال دائما “ممرا للمخدرات وليس مقرا لها”؟