الجيش الإسرائيلي ليس "جيش الشعب"

معاريف - ياعيل باز ميلاميد

 ما الذي لا يمكن عمله من أجل القضاء على ظاهرة التملص من الخدمة في الجيش الإسرائيلي؟ يدخلون ضباطا كبار في الاحتياط الى المدارس الثانوية كي يضربوا الطلاب بالصهيونية ومحبة الوطن ويشجعوهم على الخدمة في الجيش، ويبعثون الشرطة العسكرية الى ان يخرجوا من أسرهم المتملصين ويبعثون بهم الى السجن، يمنعون مغنين وممثلين ممن لم يخدموا في الجيش من الظهور في الاحتفالات والمهرجانات الرسمية للدولة – ولكن شيئا لا يجدي. الظاهرة تتعمق فقط. "جيش الشعب على شفا هاوية"، شرح رئيس شعبة القوى البشرية اللواء آفي زمير في حديث مع تلاميذ في اسدود، واضاف بانه في العقد المقبل سنصل الى 40 في المائة نسبة تملص من عموم الشبية اليهودية في إسرائيل.

اضافة اعلان

خذوا مثلا عارضة الازياء بار رفائيلي. هي ايضا لم تتجند. رفائيلي أحضرت وثائق تقول انها متزوجة، وتلقائيا اعفيت من الجيش. في حديث مع طلاب قال ذات اللواء زمير ان الجمهور في اسرائيل يجب أن يقاطع استهلاكيا منتجات الشركات التي تنشر بار رفائيلي دعاية لها، مثل شبكة "فوكس". ولعل المتملصون يفهمون بان هناك ثمنا لافعالهم. رفائيلي يمكنها أن تهدأ. فهي ستواصل كونها ممثلة محبوبة لشركات عديدة، ولن يكون هناك حتى اسرائيلي واحد يتوقف عن شراء المنتجات التي تنشر دعايتها.

هذا الاقتراح يعبر فقط عن الضائقة الكبرى لقادة الجيش في مكافحتهم للمتملصين. مهما فعلوا، فانه لن يجدي نفعا. إذن لعله من المجدي التفكير بتغيير شامل للمفهوم. حان الوقت لتحطيم اسطورة اخرى، هناك من سيقول هي الاكثر معنى التي خلقتها الصهيونية الجديدة والكف عن التفكير بالجيش وكأنه جيش الشعب. إذ أنه ليس كذلك. ومنذ الكثير جدا من السنين. الفكرة الهامة لجيش الشعب ولدت في اليوم الذي ولد فيه الجيش الاسرائيلي وقد كانت صحيحة لعهود اخرى حين كنا امة صغيرة محاطة بالاعداء. في حينه كانت اهمية هائلة لكل جندي وجندي. اليوم نحن أمة كبيرة محاطة بالاعداء، الجيش القوي ما يزال الاساس لوجودنا هنا ولكن ليس مؤكدا ان يعني ذلك تجنيد الجميع، بلا استثناء (بالطبع مع استبعاد الاصوليين الذين هم دوما استثنائيون حين نأتي للبحث في المساهمة في العمل العام)، هي الصيغة التي ينبغي للجيش ان يعدها استعدادا لحروب العقد المقبل.

يكاد يكون ممكنا بيقين القول ان من يفعل كل شيء كي يتملص من الخدمة العسكرية، بما في ذلك الاكاذيب والمسرحيات امام مكتب التجنيد، سيشكل عبئا كبيرا اكبر بكثير على الجيش من أن يكون ذخرا له. فبار رفائيلي  ينبغي للجيش أن يرفضها ولكن لما كنا "جيش الشعب"، وهي تشكل نموذجا شخصيا، فثمة خوف من أن تسير الفتيات في اعقابها. فلتسرن. على أي حال الجيش لا يستغل كما ينبغي الفتيات اللواتي يجندهن، واذا لم تتجند بضع مئات منهن في اعقاب رفائيلي، فان خيرا فقط سينشأ عن ذلك لميزانية الحرب وللقوات المقاتلة. واذا لم يتجند كل اولئك المهاجرين الجدد من رابطة الشعوب، ممن يملأون السجون العسكرية، حسب التقرير الاخير لمراقب الدولة، فان هذا سيوفر الكثير من المال والقوى البشرية المخصصة لمعالجتهم. من ليس ملائما ولا يريد أن يخدم فليذهب الى البيت.

البشرى الطيبة هي أنه حتى لو لم تتجند كل الشبيبة، فسيبقى الكثيرون ممن سيبذلون كل جهد مستطاع كي يخدموا في الجيش خدمة قتالية كاملة. وانا اقول ذلك من معرفة شخصية. اعرف الكثيرين والطيبين في محيطي القريب (في تل أبيب) ممن يعتبرون الخدمة العسكرية ذات المغزى في الوحدات المختارة امنية لهم. هؤلاء يجب تمجيدهم. ليس في الاقوال. بل بالافعال. يجب تعويضهم كما ينبغي. اعطاؤهم الاحساس بانهم يقدرون ما يفعلون، وبعض من هذا التقدير يجب تعبيره بالمال ايضا. نعم، راتب أساس لكل جندي قتالي. اقل من الحد الادنى للاجور، ولكن اعلى من الرواتب البائسة التي يتلقونها اليوم. والمال من أجل ذلك يؤخذ من الملايين التي ستوفر في المحاولات اليائسة لتجنيد الجميع، بمن في ذلك اولئك الذين من الواضح انهم لن يساهموا في شيء للجيش الاسرائيلي.

هذه الشبيبة يجب أن تتلقى الاولوية في القبول في المؤسسات الاكاديمية، وفي القبول للعمل في خدمة الدولة، وفي تلقي المنح الدراسية والمساعدات المالية الاخرى. وبدلا من مطاردة المتملصين، من الافضل تغذية اولئك المتجندين. ويجب الاعتراف بالواقع حتى لو كان بشعا: الجيش الاسرائيلي لم يعد جيش الشعب. هذه الفكرة تحطمت.