الجيش الإلكتروني السوري

INSS

دانييل كوهين ودانييل لفين

4/3/2014


خلق تهديد إرهاب السايبر صورة شخص يوجد في مكان بعيد ومنعزل ويلحق ضررا هائلا من خلال التسلل إلى أجهزة الأمان أو المنظومات الاقتصادية عبر مجال السايبر. وتنتشر هذه الصورة بشكل خاص من خلال عمل الجيش الإلكتروني السوري.اضافة اعلان
ويشكل القراصنة الالكترونيون من الجيش الالكتروني السوري الذين توجه هجماتهم نحو مواقع الإنترنت الشعبية تهديدا عالميا. ولكن في أثناء فحص تهديد ارهاب السايبر ينبغي فحص القدرات الحقيقية لمنظمات الارهاب مثل الجيش الالكتروني السوري في ساحة السايبر والاستيضاح هل يكمن بالفعل في هجمات السايبر التي يشنونها تهديدا شديد القوة.
تصف المعلومات القائمة والموثقة عن الجيش الإلكتروني السوري المنظمة كمجموعة من القراصنة الالكترونيين السياسيين الشباب الذين يؤيدون الرئيس السوري بشار الاسد في الحرب الاهلية في الدولة من خلال تنفيذ أعمال سايبر مغرضة ضد المعارضة السورية ومواقع الانترنت الغربية. ولا تعرف هويات اعضاء الجيش الالكتروني السوري، وتعرف المجموعة نفسها بانها متناثرة. ويعتقد الكثيرون بانه باستثناء بيانات التأييد من المنظمة لبشار الاسد توجد علاقة بينها وبين الحكومة السورية. وقد سجلت المنظمة في الاصل كجمعية الحواسيب السورية Syrian Computer Society – SCS  التي كان الاسد يترأسها في التسعينيات، مما عزز التخمين بان أصل الجيش الالكتروني السوري يعود الى جمعية الحواسيب السورية. ووصف الاسد الجيش الالكتروني السري بانه "الجيش الافتراضي في مجال السايبر".
واحتفظت المنظمة بموقع ضمن النظام الالكتروني للحكومة السورية قبل تجميده بزمن غير محدود في حزيران 2013، مع اعتقال مسؤولين كبار في الحكم السوري. وما تزال التخمينات بشأن التعاون الحكومي مستمرة وان كان الدليل الملموس الوحيد على مثل هذا الدور هو قدرة المنظمة على العمل في اطار النظام المقيد، وكما قال الخبير في شؤون الجيش الالكتروني السوري هيلمي نومن، يبدو أن العلاقات تتلخص بـ "الدعم الصامت" ().
يركز الجيش الالكتروني السوري اساسا على الهجمات على بوابات الدخول (gateways). والمستوى الاكثر اساسية لهجوم السايبر هو الهجوم على صفحات الانترنت لبوابة الدخول الى المنظمة، المكشوفة بطبيعتها للجمهور. فرجال الجيش الالكتروني السوري يقتحمون هذه المواقع بشكل منتظم، وتعتبر سرقة مفاتيح الدخول نجاحهم الاكبر. وحتى الآن اقتحمت مجموعة السايبر اكثر من 120 موقعا، بما في ذلك هيئات الاعلام الرائدة مثل "الفايننشال تايمز"، "تلغراف"، "واشنطن بوست" و"العربية".
وكذا مواقع اعلامية للطرف الثالث مثل "فايبر" و"تانغو". إحدى الهجمات الأهم والأكثر نجاعة وقعت في نيسان 2013 عندما اقتحم رجال الجيش الالكتروني السوري حساب التويتر لوكالة الانباء "اسوشيتدت برس" وزرعوا فيه تغريدة تقول ان البيت الابيض قصف وان الرئيس اوباما اصيب. وكان الاثر الفوري هو انخفاض حاد على مدى بضع دقائق بحجم أكثر من 100 مليار دولار في الاسواق المالية في الولايات المتحدة وفي جدول داو جونز. كما هاجم الجيش الالكتروني السوري حسابات تويتر لمواقع ترفيه لا تدعم اهدافه مثل E!Online و The Onion - الامر الذي يؤكد الاعتقاد بان المنظمة تستمتع بشكل خاص من الانتباه الذي تحققه عقب الانكشاف للمواقع غير المرتبطة وغير المشاركة.
ظهر الجيش الالكتروني السوري لأول مرة في نيسان 2011 عندما نفذ أعمال افساد وارسال بريد قمامة في مجموعات الـ"فيس بوك" من خلال نشر لوغو المنظمة وبيانات تأييد للاسد مثل "نأسف، لا نريد أن ندمر موقعكم الرسمي، ولكن اعمال الحكومة البريطانية، مواقفها ضد سورية وتدخلها في الشؤون الداخلية لسورية أجبرتنا على العمل واقتحام موقعكم".
في 19 كانون الثاني 2014 هاجمت المنظمة وأفسدت 16 موقعا حكوميا سعوديا، نشرت بيانات تتهم السعودية بأعمال الارهاب وعطلت نشاط كل المواقع الـ 16. وتشكل شركة "مايكرو سوفت" هدفا لهجمات متكررة تقوم بها المنظمة، باقتحام حسابات البريد الالكتروني من خلال سرقة مفاتيح الدخول للمرة الثانية في الاشهر الاخيرة. وقد حصلت على تفاصيل شخصية لمشتركي "مايكرو سوفت" وعامليها ونشرتها. ومع ذلك، فان الجانب الاكثر اقلاقا كان تصريح الجيش الالكتروني السوري مع تجميد هجماته، والذي غرد به لزمن قصير بعد ذلك: "لم ننهِ بعد هجماتنا على "مايكرو سوفت"، استعدوا لضربات اخرى".
ومؤخرا هاجم الجيش الالكتروني السوري بايبل بريطانيا وفورباس، وغمر مواقعهما ببيانات التأييد للنظام السوري. وبالنسبة للهجوم على بايبل، صرح الجيش بانه لم تتضرر معطيات شخصية للمستخدمين وان هدف الهجوم كان الرد على رفض بايبل السماح للسوريين باستخدام منظومة تشغيلها.
ويخلق النشر الذي يعطى لكل واحدة من هجمات الجيش اهتماما اعلاميا، يشدد على الحاجة العاجلة الى حماية السايبر في أسرة الاعلام. ويدعي محللون بانه توجد وسائل قليلة فقط لصد سورية في هذا السياق، لأنها تعتبر الدولة العربية الاولى ذات الجيش الالكتروني العام. ولكن على الرغم من أن هجمات السايبر لهذا الجيش تحدث شللا وتشويشات، ففي احيان بعيدة فقط تلحق ضررا جوهريا، لا مرد له او بعيد المدى، وهي محرجة اكثر مما هي هدامة.
تنحصر أعمال الجيش الالكتروني السوري اليوم بالهجوم على المواقع العامة وهي تتركز في الافساد والاقتحام لمواقع الانترنت العامة وصفحات الشبكات الاجتماعية. والسبب الاساس لهذا الحجم المحدود هو عائق قدرة الوصول الى التكنولوجيا التي تصطدم به منظمات الارهاب. فالانترنت تتيح التجارة بوسائل قتال السايبر، التي تسمح للجيش الالكتروني السوري بان يقتني بسهولة الادوات اللازمة للهجمات على بوابات الدخول.
وبالفعل، يستغل القراصنة والتجار هذه المزايا ويعرضون أدوات السايبر وخدمات هجمات السايبر لكل من هو معني بذلك. ولكن هجمات السايبر الاكثر احكاما ليست مثابة امكانية معقولة وذلك لان الحصول على الوسائل لتنفيذها محدود بالدول ذات الخبرات التكنولوجية المتطورة او لمنظمات الارهاب العاملة تحت رعاية الدول.
لم يتطور الجيش الالكتروني السوري الى النقطة التي يكون فيها قادرا على ان يلحق ضررا لا مرد له. تنقصه المعلومات النوعية الضرورية لغرض اعمال السايبر وكذا القوى البشرية الواسعة باللحجم اللازم، الاستثمار المالي والزمن للعثور على النقاط الحساسة. ينجح الجيش الالكتروني السوري بتنفيذ هجمات بحجم منخفض، والتي في الزمان والمكان المناسبين بوسعها أن تلحق ضررا من خلال ظواهر مرافقة مثل الهجوم على حساب التويتر لوكالة "أ.ب".
ومع ذلك فان صورة المخرب الوحيد الذي يحدث مصيبة هي صورة مضللة وذلك لأن إرهاب السايبر الذي نفذه حتى الآن الجيش الالكتروني السوري لا يمكنه أن يلحق ضررا دائما لمدى طويل.