الجيل السادس من قادة الأردن

من المفترض أن الأردن بدأ يشهد عملية تاريخية غير مخطط لها بوضوح  أي تشكل الجيل السادس من النخب السياسية والتكنقراط وحتى قادة الأعمال من النساء والرجال، فقد شهدت الدولة الأردنية على مدى نحو قرن خمسة أجيال من القادة ؛ بدأ الجيل الأول المؤسس في عهد الإمارة في الربع الأول من القرن الماضي من النخب السياسية العربية التي التفت حول القادة الهاشميين في مشروعهم المؤطر بأهداف قومية عربية، وتمثلت تلك النخب من بقايا أعضاء حزب الاستقلال وغيرهم، في نهاية الثلاثينيات بدأ جيل ثان من القادة يتبلور فقد جذبت الإمارة الصغيرة والجديدة المزيد من المثقفين العرب إلى جانب بدايات ظهور قادة من أبناء العشائر حافظ هذا الجيل على الدولة الناشئة التي سلمت إلى الملك الراحل الحسين بن طلال حيث  شهد عهده ثلاثة أجيال من النخب والقادة تزامنت مع تبلور الأفق الوطني لهوية الدولة ومسارها.اضافة اعلان
الجيل الخامس من الطبقة السياسية والتكنقراط ورجال الاقتصاد الذي ما زال يحكم ويرسم مسار الدولة والمجتمع والاقتصاد يعد مزيجا من نخب عهد الملك الحسين ومن رجال ونساء عهد الملك عبدالله الثاني،  وعلى الرغم من أن مؤسسات التصعيد السياسي والإداري وقيم العمل قد نال بعضها التغير فقد حافظ هذا الجيل على قيم مشتركة وعلى وجوه مشتركة أيضا، إلى هذا الحد فإن السنوات القليلة الماضية والسنوات القليلة القادمة تعني بدايات تشكل الجيل السادس من القيادات الأردنية وبعض ممثلي هذا الجيل أصبحوا في مواقع صنع القرار بالفعل.
الجيل السادس الذي يتشكل هذه الأيام مخولا أن يقود الأردن خلال 15 إلى 20 عاما قادما ومن المفترض أنه سوف يعمل في بيئة تتشكل هذه الأيام  أيضا؛ وهي بيئة مختلفة تماما أبرز ملامحها نهاية الدولة الريعية فكرا وممارسة وعلى هذا الجيل تحويل فكرة " الاعتماد على الذات " إلى  مسار حقيقي من السياسات والأفعال وتراكم المصالح .
علينا اليوم أن نطور جرعة من الخيال المعافى لرسم ملامح هذه النخب التي سوف تقود الاقتصاد والسياسة والتعليم  والأسواق أي الخيال السياسي المبدع  للانتقال بالبلاد خلال العشرين عاما القادمة من "مجتمع الموظفين " إلى " مجتمع الرواد والابتكاريين " فالاقتصاد العالمي اليوم بات اقتصاد الريادة والابتكار أكثر من أي شيء آخر؛ المجتمع الجديد الذي نحن بأمس الحاجة إلى الاستثمار حتى بالخيال السياسي من أجله ليس مجرد شركات صغيرة يؤسسها شباب موهوبون برأسمال مغامر، تثار حولهم قصص تشبه الأساطير، انه مجتمع يشهد تحولا ثقافيا ومعرفيا مصحوبا بمؤسسات عامة وخاصة تدشن بنية تحتية عميقة في مجالات التكنولوجيا والادارة والانتاج، ورأس مال وطني يستثمر في الفرص الجديدة والحلول الجديدة ولا نحتاج إلى أمثلة من كندا والنرويج والولايات المتحدة ، فهناك أمثلة لمجتمعات تسارع الزمن في احتلال مكانة في العالم الجديد من الهند والصين إلى كينيا ورواندا في افريقيا .
الجيل السادس من هؤلاء القادة أكثر كفاءة وأقل فسادا ومن المفترض أيضا أنهم يعرفون العالم جيدا ولكنهم يعرفون الأردن أكثر، ومن المفترض أيضا أنهم لا يرتبطون بالأجيال الماضية من القادة جينيا ولا يرثون منهم إلا القيم الكبرى التي تمتع بها الكثير منهم . علينا أن نفتح المجال لخيال سياسي واجتماعي لرسم ملامح القادم فهذا جزء من صناعة الأمل.