الحاجة لقانون انتخاب موحد للنقابات المهنية

زيد نوايسة في الفترة الممتدة من أواسط سبعينيات القرن الماضي وحتى عودة الحياة الحزبية بشكلها القانوني عام 1992؛ وهي الفترة التي كانت الحياة السياسية غائبة تماما بفعل الأحكام العرفية التي فرضتها ظروف الأردن المعقدة واشتباكه وتأثره بالقضية الفلسطينية وقضايا المنطقة شكلت النقابات المهنية بوابة التعبير الوحيدة عن القضايا الوطنية والقومية بحيث أصبحت وحدة قياس الموقف الشعبي على الأقل أمام المتابع الخارجي، والقادرة على ملء الفراغ السياسي والاشتباك مع السياسات الحكومية وساهمت في تقديم كفاءات مهمة لمواقع صناعة القرار السياسي وتسلم العديد من النقباء وأعضاء المجالس المواقع الوزارية، واثبتوا بفعل خلفيتهم المهنية كفاءة مشهودة. اليوم علينا أن نعترف أن مياها كثيرة سالت خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وأن حالة تجريف كبيرة حدثت في الأجيال التي تنتسب للنقابات بشكل عام؛ فلم تعد المرجعيات سياسية أو مهنية بل طغت مرجعية المكون الجغرافي والقبلي وحتى الجهوي بمعناه الأوسع للدرجة التي لا يمانع فيها مرشح محسوب شكليا على تيار سياسي معين أن يخلع كل تاريخه السياسي ويتنازل لتيار سياسي مناكف ومتناقض معه كليا؛ ويقف على الضد منه لتصفية حسابات أقل ما يقال فيها أنها شخصية وجغرافية مؤسفة يبدو أنها تستوطن مجتمعنا بمن فيهم من يقدمون أنفسهم على انهم نخب سياسية ولكن السلوك والممارسة يخالفان الواقع. لا اعتقد أن هناك من ينافسنا في استخدام الكلمة المستفزة والمنفرة “خاوة»؛ من ينجح عضو مجلس بلدي أو في ناد أو من يفوز في مباراة كرة القدم أو يصبح عضوا في جمعية أو نقابة أو حتى من يربح في ورقة يانصيب؛ يخرج علينا اقاربه ومحازبوه أو مناصروه بمفردة «الخاوة» مخالفاً بذلك المفهوم السائد في كل الدنيا أن من يختاره الناس عليه أن يقدم نموذجا في تقبل الآخرين والعمل على خدمتهم. المؤسف والمثير أن من يحمل هذه النزعة ويعيد استحضارها عند كل مناسبة انتخابية مستثيرا العصبيات على اختلافها، هم الفئة التي يفترض أن تحاربها وتشكل حالة مختلفة ومناقضة لها؛ لقد انتقل هذا المفهوم البائس من الجامعات إلى الانتخابات البرلمانية والمحلية وصولا لبعض النقابات التي يفترض فيها أن تكون الحالة النموذجية والمثالية التي يسعى لها ويقتدي به المجتمع. تبدو اليوم الحاجة ملحة أن تتفرغ فعليا النقابات لدورها المهني فقط، وهذا يستدعي اولا أن تتوافق مع الحكومة على قانون انتخابات موحد يضمن إجراء انتخابات في المركز الرئيسي والمحافظات بنفس الوقت، ويضمن تمثيلا عادلا ومتساويا للجميع بمن فيهم الشباب والمرأة وأن يكون الحسم من الجولة الأولى حتى لا يتم تمرير الصفقات التي تنطلق من الزوايا الشخصية والتي تنعكس سلبا على مفهوم العمل النقابي وفوق كل ذلك أن تكون الانتخابات خاضعة لإشراف ورقابة الهيئة المستقلة للانتخاب؛ فالأصل أن النقابات مؤسسات وطنية تخضع للقانون الأردني شأنها في ذلك شأن البرلمان والبلديات وغرف التجارة والصناعة. بنفس الوقت؛ ومن يريد أن يمارس العمل السياسي فالطريق معروف وهو الانخراط في الأحزاب السياسية وهذا يعني بالضرورة أن تخرج النقابات من دائرة الاستقطاب التي تبدو في ظاهرها سياسية ولكنها تعبير صارخ عن تعزيز الهويات الفرعية والجهوية لا أكثر ولا أقل. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان