الحدث السوري في تصريحات المومني

تصريحات مدير المكتب الإعلامي لفريق بعثة المراقبين العرب في سورية ونقيب الصحفيين الأردنيين الزميل طارق المومني أول من أمس، حول الأحداث في سورية، لا تكشف جديدا، بل تزيد المشهد غموضا وإبهاما.اضافة اعلان
كلام المومني جاء وكأنما ليلقي المسؤولية على الإعلام الذي "يختلق" الأحداث والروايات في الشأن السوري، والتي ليس لها من الحقيقة نصيب، وليحمّل "الإعلام غير المهني" مسؤولية "المغالطات" التي تنشر ويتناقلها الناس حول العالم، حينما "يهرف بما لا يعرف".
غير أن التصريحات لا تلمح لا من قريب ولا من بعيد إلى "الأسوار المنيعة" التي بناها النظام السوري حول سورية، والتي منع من خلالها الإعلام المستقل من دخول القلعة السورية، وليبقي العالم في حالة تكهن، معتمدا على ما يراه من صور ولقطات فيديو على الإنترنت.
إذا كان هناك أخبار منشورة تفتقد إلى الصدقية، فإنه لا يمكن لنا أن نلوم أحدا سوى النظام، فهو صاحب القرار الذي يمكن له أن يفتح أبواب بلاده أمام الصحافة ولجان تقصي الحقائق، ليبين بالتالي أن "الأمور ليست كما تظهر"، وأن الحقيقة تحتمل أكثر من وجه.
وحين نقول "لجان تقصي حقائق"، فهي بالتالي لجان حقيقية تمتلك القدرة على حرية التنقل وسؤال الناس بعيدا عن أعين أجهزة النظام، وبعيدا عن الجولات المرتبة مسبقا، والمواطنين المجلوبين من بيوتهم قسرا لتمجيد النظام والتسبيح بحمد ظلمه وجبروته.
هناك تياران متصارعان في سورية اليوم، الأول هو جزء من الشعب رأى أنه لا يمكن أن يستمر في العيش ضمن اشتراطات الماضي؛ والثاني هو النظام الذي اكتشف أن مخالب الأمس لم تعد مجدية في تدجين شعب عرف كيف يعبر عن توقه للحرية والكرامة.
إن إدارة الصراع تتطلب من الطرفين استخدام الأسلحة المتوفرة، فإذا كان النظام يمتلك سلاح البطش والقمع والقتل بواسطة ترسانة كبيرة من الأسلحة التي تستخدم ضد شعبه، فإن الثوار السوريين ليس في أيديهم سوى سلاح الإعلام المتأتي من شبكات التواصل الاجتماعية، وهم يرفعون على مواقع تلك الشبكات صورا وفيديوهات وأخبارا، قد تكون نسبة منها غير صحيحة أو غير دقيقة، ولكننا، نحن الذين في الخارج السوري، لا نمتلك طريقة أخرى لمعرفة ما يجري هناك، إلا إذا كان أحد ما يطالبنا بأن نستمع إلى إعلام النظام السوري وهو يعيد إنتاج حكاية قديمة سقطت في أكثر من ساحة عربية قبلها، وهي حكاية "العصابات المسلحة" التي تشكلت في بداية الأمر من الأطفال الدرعاويين الذين اعتقلوا في "الغوانتانامو السوري".
من الجيد أن تبقى بعثة المراقبين العرب عاملة في سورية؛ فعلى الأقل، نحن نعرف بذلك أن مسألة تدويل الأزمة ما تزال بعيدة، ونعرف كذلك أن أطماع الدول الإمبريالية ما تزال بمنأى عن التحقق. ولكن على جميع الأعضاء في البعثة أن يعرفوا أن النظام السوري لن يتركهم يعرفون إلا ما يريدهم أن يعرفوه، وأن إيجاد الحقيقة في الداخل السوري غير متاحة في ظل نظام لديه تاريخ حافل بالتزوير وإخفاء الجثث والأدلة.