الحرب على البنوك والحكومات بدوافع أخر

يبدو أن قضية الحرب على الإرهاب جلبت عملا جديداً مغرياً لبعض المحامين في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يستفيدون من قانون مكافحة الإرهاب الصادر في العام 1992، والذي يتيح رفع دعاوى ضد مختلف البنوك ومطالبتها بتعويضات تحت عنوان "مكافحة الإرهاب".اضافة اعلان
وخلال الفترة الماضية، أقام عدد من المصابين من قدامى المحاربين الأميركيين، وأفراد من عائلاتهم، دعاوى ضد خمسة بنوك أوروبية، بزعم أنها تتعامل بأموال إيرانية استخدمت في تمول الهجمات ضدهم.
البنوك الأوروبية الخمسة هي "باركليز"؛ و"كريدي سويس"؛ و"رويال بنك أوف سكوتلاند"؛ و"ستاندرد تشارترد"؛ و"أتش. أس. بي. سي". ويعني ذلك أن النظام المصرفي بات هدفاً سهل المنال بالنسبة لبعض المحامين في أميركا، حتى إن "الإرهاب"، وفق مفهومه الغربي المطاط، جعل بعض المحامين يرفعون قضية ضد السلطة الفلسطينية، وكان الهدف في النهاية هو الحصول على المال. وقد بدأت محكمة أميركية النظر في دعوى رفعتها عائلات أميركية للحصول على تعويض بقيمة مليار دولار، تتهم السلطة الفلسطينية بالمسؤولية عن هجمات شُنت في إسرائيل خلال الفترة ما بين 2002 و2004.
بالعودة إلى النظام المصرفي، فإن ما يقلقه هو مدى قدرته على مجاراة أهواء القانونيين. إذ إن المحاميين اللذين رفعا الدعوى ضد البنوك المذكورة -جاري أوسن وتاب تيرنر- هما جزء من فريق الدعوى المقامة ضد البنك العربي في بروكلين. ويؤشر تواجدهما هنا أيضاً على أنهما أصبحا مصدرا للتحرك في أي مسألة تُثار ضد المصارف حول العالم. ويخوض البنك العربي تلك المعركة، وسبق أن أُسقطت دعوى أخرى ضده لعدم القدرة على إثبات مسؤولية البنك عن إصابات جسدية للمدعين في العام 2008. وكما هو معروف، يشكل البنك العربي واحداً من أعرق المصارف العربية، ولن تتوقف المحاولات الصهيونية لضربه إذا استطاعت.
يتم تشبيه البنوك عموماً بالشرايين الاقتصادية التي تقوم بنقل الأموال من الحسابات من خلال الحوالات. وهي ليست معنية بالتحقق ممن يستلمونها ومآربهم، ما دامت الأسس القانونية المتعلقة بسلامة الوثائق والإجراءات البنكية صحيحة. وقد أصبح الجهاز المصرفي العالمي مكشوفاً اليوم أمام بعض المحامين المستعدين لإرباك أعماله بداعي مكافحة الإرهاب. ومن المعروف كم تسببت هذه "المكافحة" في احتلال دول وتضييع شعوب، كما حدث في العراق كمثال واضح.
الخطر الجديد الذي بات يتسبب به البعض بداعي الإرهاب، هو استخدام التشريعات الموجودة في الولايات المتحدة من أجل تحقيق منافع مالية خاصة. ويجعل ذلك كل البنوك عرضة للابتزاز، خصوصا أن التشعبات في العمليات المصرفية تمتد من بنك لآخر بسبب الحوالات والحسابات المختلفة. وبما أن المرحلة الحالية معنونة بحديث الإرهاب كمشكلة عالمية، فقد أصبح الجميع، من المصرفيين والعاملين في البنوك، يراقبون التطورات بحذر، في ظل محاولة البعض الانتفاع بما يحدث. فلطالما كان لكل حرب تجارها المنتفعون!