الحرب قد تكون غدا

نقلت وسائل إعلام غربية وأميركية تحديدا أن الرئيس الأميركي اتخذ قرارا بتوجيه ضربات استراتيجية لأهداف في ايران ثم تراجع عن هذا القرار في اللحظات الأخيرة، وكان من المقرر أن يتم تنفيذ الضربة صبيحة يوم الجمعة، ردا على إسقاط طائرة أميركية مسيرة قيمتها 130 مليون دولار، وهي المرة الاولى التي تصل فيها تعليمات بعمليات عسكرية ضد ايران بهذا الحجم الى العسكريين ويتم ايقافها بعد وقت قليل.اضافة اعلان
وكانت حرب اسقاط الطائرات المسيرة بين ايران والولايات المتحدة قد وصلت مداها باسقاط طائرة اميركية من نوع (غلوبل هوك ) قالت ايران انها اسقطت فوق مياهها الاقليمية، بينما تصر واشنطن انها اسقطت فوق المياه الدولية، يتم ذلك بالتزامن مع اسقاط القوات السعودية لطائرة مسيرة اخرى ايرانية اطلقها الحوثيون صوب الاراضي السعودية.
على مدى عقود طويلة من الحرب الباردة بين الادارات الاميركية وايران والتهديدات المتبادلة بين الطرفين سادت حالة من الغموض الاستراتيجي والتي تخللها حالات استرخاء وربما القبول بشيء من التعاون في بعض الازمات الدولية، اليوم يبدو أن البلدين يخرجان من حالة الغموض الاستراتيجي بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وازدياد ضغوط الولايات المتحدة الاقتصادية التي ادخلت الاقتصاد الايراني في حالة انكماش غير مسبوقة.
في الحالة الاميركية يبدو البنتاغون ومستشار الامن القومي الاميركي الاكثر حماسة لعمليات عسكرية تعيد ايران الى حجمها، وتقودها في نهاية المطاف الى حوار استراتيجي تسلم فيه ايران مفاتيح مشروعها النووي في المقابل يبرز الكونجرس اكبر المعارضين لأي عمليات عسكرية أما البيت الأبيض فما زال يناور ويجس النبض الدولي ونبض المؤسسات الفدرالية الاميركية بينما يبدو ان مسار الاحداث قد يجعل من عمليات عسكرية على شكل ضربات استراتيجية موجعة لأهداف ايرانية هو مصلحة للرئيس الاميركي وفريقه الجمهوري الذي بدأ فعليا بالاستعداد للانتخابات مطلع العام القادم.
في الحالة الايرانية، تذهب التقديرات الى أن ايران باتت تفقد الكثير من أوراق المناورة بعد أن أوقعت العقوبات الاميركية خسائر ضخمة في الاقتصاد الايراني، بمعنى ان استمرار هذه الضغوطات لا يمكن ان يحتمل لفترة اطول وربما هي بحاجة الى عمل نوعي لتحريك المنطقة وربما خلط الاوراق ولو حتى وصل الامر الى اعمال عسكرية، وعبر التاريخ غالبا هكذا كانت تجد الدول نفسها مضطرة للحرب.
في الكثير من الحالات التاريخية، كانت البيئة الدولية هي السبب الرئيس في وقف قرار الحرب او في تعجيله، على مدى سنوات طويلة عملت البيئة الدولية والتوازنات على منع تفاقم الامور ووصولها الصادم، يبدو المشهد الدولي اليوم اكثر غموضا من تاريخ الغموض الاميركي – الايراني نفسه، الرئيس الروسي بوتين قال بالأمس "ان روسيا لا يمكن ان تبقى تمارس دور اطفاء الحرائق"، الاتحاد الاوروبي في هذه اللحظة اقل حماسة من اي وقت مضى لاتخاذ مواقف مؤثرة تحديدا بعد خيبته من عدم استجابة ايران في اتخاذ مواقف اكثر مرونة، في نفس الوقت تزداد العلاقات الاميركية الاوروبية تعقيدا كما نشهد في الحالة الالمانية، وحتى الصين التي تبحث ايران فيها عن اسواق بديلة لنفطها فإنها تواجه ضغوطا اميركية غير مسبوقة وهي اليوم اكثر وفاء للمبدأ الصيني في عدم الرغبة في التدخل في الصراعات الدولية البعيدة عن مجالها الحيوي.
ثلاثة سيناريوهات طرحتها مجلة الفورن بولسي في عددها الاخير حول ما يحدث على تخوم الخليج، السيناريو الاول: ان ما يحدث مجرد دراما اميركية لابقاء السعوديين والاسرائيليين ودول الخليج والمانحين الجمهوريين سعداء بما يحدث للايرانيين، والسيناريو الثاني المزيد من الضغط على ايران للاستسلام والقبول في الشروط التي وضعتها الادارة الاميركية وابرزها التخلي عن دعم الارهاب والتخلي عمليا عن مشروعها النووي، السيناريو الثالث؛ المزيد من الضغط لاحداث تغيير من الداخل اي أن يتحرك الشعب الايراني لإسقاط النظام في طهران.
الجديد فيما يحدث على تخوم الخليج، ان الوضع الراهن لن يستمر طويلا، فقد استنفدت الأطراف كافة موارد طائلة في ادارة الوضع الراهن دون تحقيق أهدافها، والكل يتطلع لتحريك الوضع القائم.