الحركة الإسلامية ليست فوق النقد

حزب جبهة العمل الاسلامي ليس فوق النقد. واعضاؤه ليسوا منزهين عن الخطأ. فهو حزب سياسي فاعل في الأردن. له سياساته ومواقفه وتصرفاته التي يحق لأي مواطن ان يتفق معها أو يختلف. للحزب مواقفه التي تحظى بالقبول. وله مواقف أخرى وتصرفات ترفضها شرائح في المجتمع.

اضافة اعلان

تلك حقيقة يجب أن يعيها الحزب وجماعة "الاخوان المسلمون". ولا يحق لقياديي الحزب أن يخوّنوا كل موقف ناقد لهم، وأن يتهموا كل موقف يختلف معهم بالتبعية للأجندة الأميركية.

فلا حصانة لحزب ولا قدسية لجماعة في الأردن. فالحزب يلعب في ساحة السياسة. وفي السياسة لا قدسية إلا للوطن وثوابته الراسخة. ويخطئ حزب جبهة العمل الاسلامي كثيراً ان ظل يعتمد خطاباً اقصائياً في التعامل مع الرأي المخالف.

ويخطئ الحزب أيضاً إن اعتقد انه يستطيع ان يحصر كل المواقف السياسية في دائرة المعارضة للسياسة الأميركية. فحزب جبهة العمل الاسلامي ليس الوحيد المعارض لسياسات واشنطن تجاه العرب وليس الوحيد المناهض للإرهاب الاسرائيلي والاستعمار الصهيوني لفلسطين.

لكن المعارضة لواشنطن والرفض المطلق للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ليست درعاً يحصن أياً كان ضد المساءلة في مواقف وتصرفات غير مقبولة لا يجوز ولا يمكن تغطية عيوبها من خلال الاختباء وراء الموقف السياسي من واشنطن والمبدئي من اسرائيل.

تعزية نواب حزب جبهة العمل الاسلامي بأبي مصعب الزرقاوي كانت سقطة اخلاقية. ووصف الزرقاوي بالمجاهد كانت خطيئة. وهذه حقيقة يجب ان يعترف بها الحزب قولاً أولاً وعملاً ثانياً من خلال الخروج من دائرة المراوحة الرمادية فيما يتعلق بموقفه من الزرقاوي واسامة بن لادن وغيرهما من الإرهابيين.

فرغم ادانته للعمليات الإرهابية التي ذهب ضحيتها ستون شهيداً في عمان, لم يخرج عن الحزب أي تصريح رسمي يصف الزرقاوي بالإرهابي. وتحاشي هذا الوضوح المطلوب سياسياً واخلاقياً باطلاق تصريحات ضبابية تدين ارهاب الزرقاوي في عمان وتمجد مقاومته للأميركان موقف غير مقبول وغير مقنع. فالزرقاوي كان عدواً للأردن وللأبرياء من العراقيين قبل أن يكون عدواً لأميركا. ولا يستطيع الحزب السياسي الأكبر في الأردن أن يجمّل من بشاعة الزرقاوي وجرائمه.

كان متوقعاً من الحركة الاسلامية ان تتخذ موقفاً اكثر نضوجاً في التعامل مع الأزمة التي فجرتها تصرفات اعضائها. فالمواقف التي صدرت عنها حتى الآن جاءت دفاعية تبريرية مختبئة وراء ادعاءات المحاصرة السياسية.

وهذا موقف لن ينهي توتراً ولن يطوق أزمة ولن يخفف من حدة الاحتقان بينها وبين الحكومة. فيجب التعامل مع قضية الزرقاوي بمعزل عن الخلاف السياسي الأعم والواضح بين الحكومة والحركة الاسلامية. وتلك أزمة يجب أن تحل بالحوار العقلاني الهادئ. لكن الخلاف حول الموقف من الزرقاوي يجب أن تحسمه الحركة الاسلامية، من خلال موقف واضح يقول انها تعتبر الزرقاوي إرهابياً لأنه قتل الأبرياء من العراقيين والأردنيين.

أما استمرار الاختباء وراء المعارضة لأميركا والرفض لاسرائيل فهذا منطق لا يحصن الإسلاميين ضد النقد. فلكل حادث حديث. والحديث هنا حول الإرهاب وليس حول الموقف من أميركا أو اسرائيل.