الحظر الشامل.. سلبياته وإيجابياته

تشهد المملكة ارتفاعا بعدد الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد، بشكل غير مسبوق، وكذلك زيادة الوفيات جراء هذا الوباء، الأمر الذي يُشير إلى أن الحكومة قد تُقدم على إجراءات مشددة، أقلها حظر شامل، لمدة أسبوع أو أسبوعين.اضافة اعلان
لا يشكك أحد، بأن تصريحات رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، والتي أشار فيها إلى إقدام حكومته على إجراءات «لها تداعيات سلبية أكبر على المواطن والدولة والإيراد العام والقطاعات الاقتصادية».. بأنها مقدمة أو تلويح بحظر شامل لأيام عدة.
ولا يشكك أحد أيضًا، بأن تغير تصريحات وزير الدولة لشؤون الإعلام، صخر دودين، بشأن الحظر الشامل، حيث كان يصدح بأعلى صوته بأن الحظر الشامل غير وراد، لكن خلال الأيام القليلة الماضية، تغيرت أقواله مائة وثمانين درجة، وأكد أن الحظر الشامل وارد، وذلك بناء على الوضع الوبائي، وخطورته.
وبعيدًا عن التناقض في تصريحات المسؤولين، والترغيب والترهيب، إلا أن الأردنيين اليوم أمام خيارين، أحلاهما مر وصعب؛ فالأول يتمحور حول اللجوء إلى حظر شامل، يترتب عليه فاتورة باهظة، لن تقدر عليها الحكومة، التي تُعاني جراء الأوضاع المالية.
كما أن هذه الخطوة، تُرتب حملًا ثقيلًا على المواطن الذي أصبح إما مفصولًا من عمله، أو تخفيض قيمة راتبه بنسبة تتراوح ما بين 25 % و50 %، هذا على فرض أنه يعمل.. أما أولئك الذين لا يعملون أصلًا أو الذين يعملون بـ»المياومة»، فحدث ولا حرج عن أوضاع مأساوية يعيشونها وأفراد أسرهم.
وأما الخيار الثاني، فيتمثل بفتح القطاعات جميعها وعودة الحياة إلى طبيعتها، لكن وللإنصاف، فإن تكلفة ذلك مرتفعة أيضًا، فقد يترتب على هذا الخيار فقدان أرواح وزيادة بعدد الإصابات، حتمًا سيتبعها انهيار القطاع الصحي، الذي هو أصلًا منذ فترة بات منهكا وفي مرحلة حرجة وخطرة.
هذان خياران صعبان جدًا، ستقدم الحكومة على أحدهما، ومن المرجح، حسب الوضع الوبائي، والتصريحات الحكومية، أن الخيار الأول هو الأنسب بالنسبة لها.
لكن من المهم أيضًا، أن تقوم الحكومة بإنشاء المزيد من المستشفيات الميدانية، لاستقبال الحالات المُصابة بالوباء، إذ مع ازدياد الحالات اليومية، والتي تجاوزت الـ9 آلاف، بات من الجنون الاكتفاء بمستشفى ميداني واحد في كل محافظة، وخصوصًا ذات الكثافة السكانية.
منطقي جدًا، في الوضع الراهن، أن يكون أكثر من مستشفى ميداني في محافظة العاصمة، التي يقطنها نحو أربعة ملايين ومائة ألف نسمة، وتتجاوز نسب الإصابة في هذه المحافظة بـ»كورونا» الثلاثة آلاف يوميًا.
من المهم أيضًا، أن تبذل الحكومة قُصارى جهدها وعمل المستحيلات، لتأمين لقاحات ضد ذلك الوباء، فحسب تصريحات الخبراء، فإن اللقاح يُخفف من الأعراض التي تُصيب مريض كورونا.
وللإنصاف، فإن مهمة مواجهة هذا الوباء، لا تقتصر على الحكومة، التي يتوجب الإقدام وبكل قوة على ما ذكرته سابقًا، فإن المواطن مُطالب أيضًا أن يكون على قدر المسؤولية، ويلتزم بشكل كامل بالإجراءات الصحية، والابتعاد كليًا عن التجمعات، أيًا كان نوعها.
بقي أن أقول، إن الإقدام على خطوة الحظر الشامل، حتى ولو كان لمدة أسبوعين فقط، يعني مزيدًا من الفقر والبطالة بالنسبة للمواطن، وبالتالي آثارا سلبية، لا تُحمد عقباها، على الوطن.