الحكومات وقراراتها والمواطن

محمود الخطاطبة غريبة هي مواقف وقرارات وإجراءات الحكومات المُتعاقبة، وكذلك الحالية، فمُعظمها إن لم يكن كُلها، تكون ضد المواطن، وفي صف الطرف الآخر، وأقصد هُنا القطاع الخاص، بمُختلف مُكوناته، وهل هي تنم عن «عشق» غير طبيعي، أم هُناك أجندات لا يعلمها الكثير؟. الحكومات ومنذ دخول فيروس كورونا المُستجد إلى الأردن، أصدرت 35 أمر دفاع، كثير منها صب في صالح القطاع الخاص، على حساب المواطن، الذي يدفع الضرائب، التي يعتاش عليها موظفو القطاع العام، فضلًا عما تُساهم به في المشاريع المُختلفة.. لكن لم يكن من بين أوامر الدفاع تلك ما يُعالج الديون والالتزامات المالية لأولئك المتوفين جراء جائحة كورونا. إضافة عبارة «بسبب فيروس كورونا» في تعليل أسباب الوفاة، تتسبب في حرمان ذوي المُتوفى من حق إسقاط القروض البنكية المُترتبة عليه، وبالتالي يرث ورثته ديونا والتزامات، هم في غنى عنها، وهذا كله في صالح القطاع الخاص، الذي يُعتبر الأقوى ليس عند مقارنته بالمواطن بل حتى مع القطاع العام. من يُصدر 35 أمر دفاع، قادر على أن يُصدر أمرًا يتضمن إسقاط الديون والقروض عن ذلك الذي يُفارق الحياة بسبب «كورونا»، واعتبار سبب هذه الوفاة كغيره من الأسباب التي تُوجب إسقاط الالتزامات المالية الموجودة على المُتوفى.. باعتقادي لا يوجد ما يمنع من إصدار مثل هذا «الأمر»، خصوصًا أن حال المواطن الأردني، لا يسر صديقا ولا عدوا، فهو يُعاني من أوضاع اقتصادية صعبة وضيق يد، وزيادة في معدلات البطالة، وارتفاع في نسب الفقر، وإلا فإن أهل المُتوفى سيكونون أمام «موت وخراب ديار». لا أحد يفهم هذا العشق ما بين الحُكومات والقطاع الخاص ورجال الأعمال، إلى درجة أن يتم إصدار قرارات وإجراءات كثيرة منها يصب في صالح شركات هذا القطاع.. وللإنصاف فإنه لا أحد في نفس الوقت ضد أن يكون هُناك تشابك وتنسيق وتعاون بين القطاعين العام والخاص، لكن ليس على حساب المواطن الأردني.. وحتى لا يتم فهم كلماتي هذه بشكل خاطئ، وللموضوعية وللأمانة، فإنه يجب الإشارة إلى مُساهمات القطاع الخاص في تقدم ورفعة الوطن، وكذلك في تشغيل أيد عاملة بنسب تفوق تلك التي تعمل في القطاع العام. لكن قرار أو أمر دفاع، يتضمن إعفاء ورثة المُتوفى بسبب فيروس كورونا، ليس صعبًا على الحكومة، ولا يُثقل كاهل القطاع الخاص، ولا يُرتب عليه التزامات مالية ضخمة، وخصوصًا أنه يقع في باب التأمينات، فعندما يُقدم مواطن على الحصول على قرض مالي، سواء أكان من بنك أو شركة مصرفية، فإنه يترتب عليه مبلغ من المال، تحت بند «التأمين ضد الحياة»، وبالتالي فإن الشركة المصرفية تلك أو ذلك البنك لا يترتب عليه أي التزام مالي. يكفي المواطن ما يُعانيه في حياته، فلا تجعلوا ذويه يُعانون الأمرين بعد موته!.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

اضافة اعلان