الحكومة تطفو على موج إشاعات التغيير والتعديل

4-2019
4-2019
نورالدين الخمايسة عمان - وسط بحر من الإشاعات والأنباء غير المؤكدة، تطفو حكومة الدكتور عمر الرزاز على موج يدفع بها إلى شاطئ ما يزال يتأرجح بين خيارات تقليدية ثلاثة؛ التغيير، التعديل، الثبات. خصوم الحكومة يطرحون سيناريو الرحيل، وإن أرادوا التلطف بها يتحدثون عن تعديل واسع يطاول مراكز وزارية مفصلية، بينما يكتفي مريدوها بالصمت أحيانا أو بالتأشير إلى تأكدهم من بقائها وفي أسوأ الأحوال إجراء تعديل آخر يكون "محدودا" عليها. الحكومة التي تشكلت في 14 حزيران (يونيو) من العام الماضي، على وقع "احتجاجات رمضان 2018" التي أطاحت بحكومة الدكتور هاني الملقي، ليتولى رئاسة الوزراء الدكتور الرزاز بحكومة جديدة تكونت من 29 وزيرة ووزيرا. أربعة أشهر فقط على بدء عملها، وكانت حكومة الرزاز تشهد أول تعديل وزاري، أجراه الرئيس في 11 من تشرين الأول من العام الماضي، ثم اتبعه بتعديل ثان بتاريخ 22 كانون الثاني من العام الحالي. التعديلان السابقان تنوعت أسبابهما، ففي الأول حاول الرئيس، بعد حصول حكومته على ثقة مجلس النواب بأغلبية 79 نائبا (مقابل: 42 حجبوا الثقة، ونائبين امتنعا عن التصويت)، التجاوب مع سيل ملاحظات وانتقادات عديدة لتشكيلته، وكان تعديلا واسعا شمل تسع حقائب. التعديل الثاني جاء لتصويب وضع الحكومة بعد استقالة وزيري التربية والتعليم، والسياحة والآثار، إثر حادثة "فاجعة البحر الميت" التي أسفرت عن 22 شهيدا وأكثر من 40 جريحا في سيول عارمة اجتاحت وادي زرقاء ماعين في 25 تشرين الأول من العام الماضي. وجاء التعديل "محدودا" وشمل 4 حقائب. وحاليا، وعلى أعتاب رمضان 2019، تطل متلازمة الثلاثة - أربعة أشهر برأسها، فيتصاعد الحديث مجددا عن قرب إجراء تعديل ثالث موسع على حكومة الرزاز، بينما تتسرب إشاعات تقول إن المطروح رحيل الحكومة برئيسها، لتحل مكانها حكومة جديدة. وبينما يبقى القرار الأول والأخير بيد صاحب الولاية، جلالة الملك عبدالله الثاني، تدور في الصالونات السياسية، أحاديث عن خيارات عديدة، غالبا ما تتوافق مع أهواء مردديها الذين يطرحونها دون تقديم ما يثبت صحتها. الحكومة تصطدم بجدار مسلح من معوقات اقتصادية عميقة، تبدو حتى الآن عاجزة عن إحدات اختراق نوعي فيه، رغم كثرة حركتها وتناوب تصريحاتها وتطميناتها بقرب الانفراج، والبلاد على مشارف رمضان 2019، ذاك هو الأمر الوحيد الذي يجمع عليه الجميع؛ خصوما ومريدين. وأمام معطيات أقلها تعتبر أن الحكومة تراوح محلها، وسط أفق مسدود؛ سواء اقتصاديا أو سياسيا، يتفق كثيرون على أن منجزات الرزاز وحكومته مخيبة لسقف التوقعات المرتفع أساسا، وهنا تتوالى وتتصاعد أحاديث قرب الرحيل أو التعديل، مقدمة سيناريوهات متعددة، تنبثق عن أمرين لا ثالث لهما؛ إما البقاء على حالها أو مع تعديلها أو إعادة تشكيلها، وإما الرحيل وحلول حكومة جديدة مكانها. ووسط صمت حكومي ورسمي، يذهب السيناريو الأول إلى أن الرزاز تقدم بالفعل لجلالة الملك بطلب لإجراء تعديل موسع على حكومته، قد يشمل تسع حقائب، متعجلا بأن يتم التعديل قبل حلول رمضان، لتجاوز عقبته وتقليل احتمال عودة احتجاجاته. السيناريو الثاني، يذهب إلى ما هو أبعد، بترجيح أصحابه، من سدنة الصالونات السياسية، قرب رحيل الحكومة لتحل مكانها واحدة جديدة، تتولى زمام الرابع، في وقت لا تتوقف فيه التحديات أمام جدار الأزمة الاقتصادية، بل تمتد لتشمل جوانب سياسية كبرى تتمثل في صفقة القرن، المرفوضة أردنيا وفلسطينيا، والتي تقول الإدارة الأميركية أنها ستعلنها بعد عيد الفطر المبارك. لا يغفل السيناريو الثاني، الحديث عن ضرورة إجراء تعديلات دستورية تمر في مجلس الأمة، وتتيح للحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها، البقاء لا الرحيل، ذلك باعتبار أن أي حكومة جديدة ستجد نفسها بعد فترة وجيزة أمام استحقاق إجراء الانتخابات النيابية، صيف العام القادم، ما يعني رحيلها. على أن تنفيذ هذا السيناريو، إن كان الأمر سيتم قبيل رمضان، يتطلب دورة استثنائية لمجلس الأمة يتم فيها إدراج تعديلات دستورية تمهد لحكومة جديدة، يمكنها الاستمرار بعد الانتخابات النيابية المقررة، حسب الدستور صيف العام المقبل مع انتهاء ولاية المجلس الحالي. وبين هذا وذاك، ثمة سيناريو ثالث، يقول إن الرزاز سيجري تعديلا موسعا على حكومته، وسيبقى في الدوار الرابع، حتى ينقضي رمضان، وتنجلي تفاصيل صفقة القرن، لتشهد البلاد بعد ذلك، وعلى الأرجح بحلول نهاية العام، حركة سياسية تشمل إجراء تعديلات دستورية، خلال الدورة العادية لمجلس النواب، المقرة دستوريا في تشرين الأول القادم. وبعد ذلك، وحسب السيناريو الثالث، يستمر مجلس النواب في أداء مهمته حتى الشهرين الأولين من العام القادم، ليتم حله، تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة قد تكون في نهاية ربيع العام القادم، أي قبل أشهر قليلة على الموعد الدستوري، ليترافق ذلك مع تشكيل حكومة جديدة. مروجو السيناريو الثالث، يسندون موقفهم بأن البلاد، والمنطقة، أمام تحولات سياسية كبرى، يخشى الأردن تبعاتها عليه، ويربطون بين الاستعصاء الاقتصادي وبينها، باعتبار الاقتصاد واحدا من أشكال الضغط على المملكة لدفعها لتخفيف حدة رفضها لصفقة القرن المرتقبة والمقلقة في نفس الوقت. هؤلاء يقولون إن "التريث" في تغيير الحكومة وإجراء التعديلات المطلوبة، يأتي من باب "الترقب" انتظارا إلى ما ستؤول إليه الأمور، في حال نفذت الإدارة الأميركية قولها وأعلنت صفقتها، وما يلي ذلك من تبعات، ليأتي التغيير أردنيا، بما يتطلبه الأمر لمواجهة المستجدات، حسب مصالح المملكة. وحتى الآن، لا أحد يعرف على وجه الدقة أي السيناريوهات هو الصحيح، فيما ستكشف الفترة القليلة المقبلة، حقيقة ما تتناقله الصالونات السياسية من أنباء لا تزال في طور التكهن تارة والأمنيات تارة أخرى.اضافة اعلان