الحكومة تهوي في الاستطلاع

سلامة الدرعاوي

ليست فقط حكومة الدكتور بشر الخصاونة وحدها التي هوَت باستطلاعات الرأي بعد مائتي يوم على تشكيلها، فغالبية الحكومات بالحال ذاته تقريبا مع فارق نسب التشاؤم والتفاؤل.اضافة اعلان
طبيعي أن تتراجع ثقة الشّارع في الحكومة، فالأمر ليس مفاجئاً، والسبب في ذلك أن المواطن لم يشعر بأي تحسن جديد يطرأ عليه بعد ما عاناه في عهد الحكومة السابقة، فهذا هو معيار التقدم أو التراجع في منسوب ثقة الشّارع بالحكومة، وهو شعوره بالتحسن والاختلاف الإيجابيّ فقط لا غير.
حكومة الخصاونة إضافة لكونها غير "محظوظة" في كثير من الأمور التي حدثت رغماً عنها وفوق إرادتها كنقص المياه والجراد، إلا أنها تعرضت لهزات كبيرة نتيجة لتداعيات تردي أوضاعها الإدارية التي هي بالأساس مخلفات الحكومات الماضية والتي أوصلت الإدارة العامة إلى ما هي عليه من تراجع في كل المستويات، فحكومة الخصاونة تجني اليوم "علقم" ما زرعته حكومات سابقة، ففاجعة السلط ما هي إلا مثال حيّ على تردي الإدارة العامة، وفقدان ضابط الأكسجين ليس فقط في المستشفى، وإنّما في كُلّ مفاصل وإدارات القطاع العام، فالأمر قد يتكرر في أي مؤسسة رسميّة مثل النقل أو الصحة أو التعليم وغيرهم من القطاعات الرسميّة التي تعاني ترهلا إداريا وتشبعا كبيرا بالموظفين الذين تساقطوا بالبراشوت.
للأسف، تحركات الحكومة تجاه عمليات الإصلاح والتغيير كانت محدودة جداً، وتعمل الحكومة يوما بيوم، بعيدة عن العمل البرامجي المخطط له بشكل شامل والذي يحدد الأهداف ضمن إطار زمني معين، فهذا لم يكن موجوداً، تشعر أن كُلّ وزير بحكومة الخصاونة يعمل وحده ولا يوجد تنسيق بين السادة أعضاء الحكومة، وهذا واضح من خلال الأداء لعدد كبير من الوزراء الذين يختبئون اليوم وراء كورونا، فهي تخدمهم جداً، فلا يعملون بالشكل المطلوب بحجة الوباء.
أيضاً مسألة التعديلات الوزاريّة التي بلغت خمسة تعديلات بعضها فردي شمل حقيبة واحدة، وبأوقات زمنية قصيرة، مما ولّد انطباعات لدى الشّارع بأن التجانس مفقود بين أعضائها والخلافات بدأت تطفو على السطح كلمح البصر مع وزيري العمل والاستثمار على سبيل المثل لا الحصر.
غياب الرؤية الاقتصاديّة والبرنامج الوطنيّ الواضح في مواجهة تحديات اقتصاديّة كبيرة، مع تنامي مؤشرات سلبية على أرقام البطالة والفقر بشكل كبير ساهم في زيادة الصورة السوداوية تجاه عمل الحكومة وتراجع الثقة بقدرتها على مواجهة الحادث، فالشعور العام تجاه الحكومة في هذه القضايا بأن تحركها شبه محدود ان لم يكن معدوما وهي تتلقى الأحداث، في حين أنها غير مبادرة إلى إحداث التغيير المنشود، فهي حكومة جامدة على وصف الكثير من المراقبين.
حتى بعض التعيينات لم تلق أي ترحيب أو ارتياح من الشّارع، لا بالعكس، بعض التعيينات رأى الشّارع أنها خالفت ما تنادي به الحكومة من معايير الكفاءة والنزاهة حتى في الإجراءات مع غياب الشفافية فيها.
جمود البيئة الاستثماريّة وعدم اتخاذ الحكومة أي خطوات فعلية في عملية الإصلاح من الناحية التشريعيّة والبنيوية لهيئة الاستثمار مع وجود شواغر في عدد كبير من المناصب القيادية المهمة في الدولة منذ اشهر لا بل إن بعضها تجاوز العامين بلا تعيين يعطي انطباعاً سلبيا في الشّارع بأن تلك المناصب إما أنه غير مهمة أو فعلا لا يوجد من يستحقها، والأمر يشمل كذلك العلاقة القطاع الخاص الذي يشعر بعزلة في علاقته مع الحكومة وإن الشراكة لا تتعدى إطارها النظريّ لا أكثر.
حكومة الخصاونة التي حظيت بدعم غير مسبوق على كل المستويات بقيت أسيرة للسوشال ميديا ومختبئة وراء كورونا التي وفّرت غطاء للكثير من الوزراء الذين لم يعد أحد يراهم أبداً.