الحكومة عندما تنفي!

قبل نحو أسبوع من بدء العام الدراسي، كتبنا في هذه الزاوية، أن الحكومة تنتصر بطريقة أو أخرى للتعليم الخاص، فالمعلومات التي تسربت كانت تُشير إلى أن التعليم سيكون في أول شهر فقط من العام الدراسي، ثم جعله “عن بُعد”.. لتخرج بعدها بيوم أو يومين نافية بشدة ذلك، وواصفة تلك المعلومات بأنها “محض افتراءات وأقاويل لا أساس لها من الصحة”.اضافة اعلان
اليوم وبعد أن قررت الحكومة تعليق الدوام، لمدة أسبوعين، اعتبارًا من يوم الخميس الماضي، خرجت منتشية مرة أخرى، لتؤكد أن “التعليم في المدرسة هو الأساس إلى جانب التعليم عن بُعد كبديل مؤقت، والتغيير الذي حصل لمدة أسبوعين”.
لقد قلنا منذ فترة، كما قال غيرنا إلى درجة “بُحت” الأصوات، إنه لا بد من التريث كثيرًا، وليس هناك ما يُضير من تأجيل العام الدراسي لأسبوعين أو ثلاثة أو حتى شهر، وخصوصًا أنه كان ظاهرًا للجميع ازدياد أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد.
الآن وبعد نحو أسبوعين، تُعلق حكومة النهضة الدوام المدرسي، وإن كانت استثنت بعض الصفوف، تارة بحجة أن طلبة الصفوف الثلاثة الأولى، من الصعب انتقال عدوى ذلك الفيروس لهم، وتارة أخرى بداعي أن التعليم الوجاهي مهم وضروري لطلبة شهادة الدراسة الثانوية العامة “التوجيهي”.
ولكن للأسف، ولن أقول هذا تخبط وخطأ قرارات فقط، إنما تعمد الحكومة وميلها ميلًا كثيرًا، إلى جانب القطاع الخاص (المدارس الخاصة)، لكي تقوم الأخيرة، بكل برودة أعصاب، بتحصيل أقساط مدرسية من قوت ودماء أهال، يواصلون الليل بالنهار لتأمين أقساط أبنائهم المدرسية، التي باتت سمتها الأساسية، الارتفاع الجنوني.
حكومة النهضة تطلق التصريح تلو الآخر، بأن الأوضاع الاقتصادية صعبة وأن معدلات البطالة ستزداد، وذلك بفعل جائحة كورونا، التي “زادت الطين بلة”.. لكنها غضت الطرف عن الأوضاع المادية للأسر الأردنية، التي كانت تزداد سوءًا أكثر فأكثر، حتى قُبيل وصول ذلك الوباء اللعين.
الحكومة، التي تدعي دومًا بأن مصلحة المواطن على رأس أولوياتها، لم تُعر أي انتباه أو اهتمام عندما أقدم الأردنيون على تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة، مع ما يتبع ذلك من تجهيز قرطاسية، من كتب ودفاتر وأقلام، وملابس وحقائب وزي مدرسي.
الشعب الأردني، ليس غبيًا أن تمر عليه تلك الحيل، التي يعجز اللسان عن وصفها بكلمات التلاعب، لكنه كان مجبورًا على الإقدام على تلك الخطوة، فمصلحة فلذات أكبادهم فوق كل اعتبار، فالجميع لسان حاله يقول انه “عايش من أجل أولاده”.
السؤال، لماذا تنحاز حكومة النهضة، لأصحاب رأس المال، كل مرة؟ من حق الشعب الأردني أن يعرف مدى العلاقة بين هذين الطرفين، التي صفتها الأساسية أنهما “سمن على عسل”؟ وبالأخص أن القطاع الخاص، لا يهمه سوى جمع المال من الشعب.
لماذا لم تكن الحكومة منصفة ولو مرة واحدة على الأقل في موضوع التعليم؟ أليس هي من “بُح” صوتها بأن الشباب هم فرسان التغيير، وأن عمران البلد يعتمد بالأساس عليهم.
حتمًا، ستخرج علينا الحكومة لتنفي لنا ثانية ذلك، وتصفه بأنه “افتراء”، لكن أريد أن أذكرها بقول رئيسها الرزاز، أن “إغلاق الاقتصاد ومنع الحركة والعزل الكامل لكلّ المحافظات، غير مجد صحيًا، ولا اقتصاديًا”.
صفتان ظاهرتان للعيان، أولها أن حكومة النهضة ستبقى تنتصر لرأس المال، ويا ليتها تقف عند ذلك، فهي تنتصر على حساب الأردنيين، وخاصة أولئك الفقراء وأصحاب الدخل المتدني، وثانيها خطأ وتخبط قرارات وإجراءات تتخذها، ومن يشك في ذلك فلينظر إلى قراراتها خلال الأشهر السبعة الماضية.