"الحمص والفول والفلافل": طبق شعبي يجمع العائلة والأصدقاء

الحمص والفول من المأكولات الشعبية المحببة لدى المجتمع الأردني - (أرشيفية)
الحمص والفول من المأكولات الشعبية المحببة لدى المجتمع الأردني - (أرشيفية)

عمان- وقع اختيار المغترب الخمسيني باسل الطريفي العائد من أميركا على تناول "الحمص والفول" وحبات الفلافل في صباح اليوم الأول له بين الأهل، مستعيدا التقليد الذي ما يزال في ذاكرته منذ الطفولة.اضافة اعلان
ويقول "رغم وجود العديد من المحلات المختصة ببيع الحمص والفول والفلافل لأصحابها العرب هناك، إلا أن اللمة العائلية وطقوس هذه الأكلات تجعل لها مذاقا ونكهة خاصة لا تعوض".
و"الحمص والفول والفلافل"، تعد من أساسيات وجبة الفطور الصباحية، التي ارتبطت بتجمع العائلة الأردنية على مائدة واحدة، والأصدقاء في العمل، وكذلك أصحاب المحلات التجارية في العديد من الأماكن.
وتؤكد الثلاثينية أم محمد حرصها وأسرتها الصغيرة على تناول إفطار يوم الجمعة وبالذات "الحمص والفول والفلافل" بعد الصلاة، أي في وقت متأخر قليلا، ليتأخر موعد تناول طعام الغداء مما يلغي وجبة العشاء.
وتقول "يقوم زوجي بإحضار الحمص والفول والفلافل لدى عودته من الصلاة، وأحيانا نستبدلها بطبق "فتة الحمص" الغني بزيت الزيتون، والمزين بالمكسرات الشهية".
أما ربة المنزل أم علاء فتحرص على إعداد الأكلات الشعبية هذه بنفسها، فتقوم بنقع الحمص والفول ليلا، وتجهز خلطة (الفلافل) في الصباح الباكر، لتتفنن في تحضيرها وتزيينها وتقديمها على مائدة الإفطار.
وتضيف "أستخدم طرقا متعددة في صنع حبات الفلافل منها السادة والمحشية، كما أن هناك طبق (القدسية) الذي ندمج فيه الحمص والفول والطحينية معا، والجميل في الأمر أن أطفالي يأكلون جيدا منها، ويشاركون بإعدادها، ولا شك أنها وجبة غنية بالبروتينات ومفيدة".
ولا تقتصر اللمات العائلية على تناول الحمص والفول والفلافل، فلا يكاد يمضي أسبوع في العمل، إلا ويقوم الموظف أسامة وأصدقاؤه في العمل بعمل مائدة تضم الحمص والفول وحبات الفلافل إلى جانب حبات البندورة والخيار والمخللات وأكواب الشاي.
ويبين أسامة ضاحكا "هذه الأكلات مشبعة، كما أننا نفضل تناولها بالصحون فضلا عن الساندويشات، كما أننا نكسر روتين العمل لدقائق بهذه الجلسة".
أما الستيني أبو كريم وهو أيضا صاحب أحد المحلات التجارية، فقد اعتاد وأصدقاؤه المجاورون له في المجمع التجاري، التجمع أمام محل واحد منهم لتناول وجبة الفطور الصباحية وعلى رأسها الحمص والفول والفلافل بين الحين والآخر، إلى جانب خبز الطابون الساخن.
وبعد الانتهاء من هذه اللمة، كما يقول، يتم تقسيم مبلغ الشراء على الجميع، مؤكدا "أن "الأكلة الهنية تكفي مية"، فهذا ما نشأنا وتربينا عليه في السابق".
ويفضل الطالب الجامعي علي رمضان أن يكون صباح الجمعة هادئا، يجتمع به وأصدقاؤه، لتناول إفطار مميز في أحد المطاعم الشعبية، وإن كان اللقاء لا يخلو من بحث ومناقشة قضايا تدور حولهم، إلا أن كسر الروتين اليومي بهذا الطقس، يبعث في النفس راحة وتغييرا يشحن الهمم لبداية أسبوع مقبل حافل بالإنجاز والتعب.
ويؤكد رضا عبدالله العامل في أحد المطاعم الشعبية لبيع الحمص والفول والفلافل، أن الفترة الصباحية من يوم الجمعة تشهد ازدحاما من قبل المواطنين لشراء هذا الطبق الشعبي و"حبات الفلافل" ذات الحجم الصغير التقليدية، ويرافق ذلك ازدحام مروري بالشارع لكثرة الزبائن الذين يحرصون على شراء صحن الحمص الذي يشهد إضافات حسب الحالة المادية للزبون بين اللحمة والصنوبر أو الشاورما، وشراء حبات الفلافل كبيرة الحجم التي بداخلها البصل والسماق والشطة وطبق "فتة الحمص" بالسمن البلدي.
وتؤكد خبيرة التغذية ربى العباسي الفائدة الكبيرة التي تمتاز بها الأكلات الشعبية؛ الحمص، الفول، الفلافل؛ إذ يمتاز الفول باحتوائه على البروتينات والفيتامينات المهمة للجسم، كذلك يستفيد الجسم من مادة الكلوروفيل الموجودة في الفول، فضلا عن أنه يحد من الإصابة بالأزمات القلبية ويقلل من نسبة ارتفاع الكولسترول في الدم.
كما أن الفول، يعد بديلا جيدا عن اللحوم وغنيا بالألياف الغذائية المفيدة، بحسب العباسي، وبخاصة الذين يعانون من مرض السكري، ويحتوي على مادة تساعد على حماية المرأة من السرطانات وتقوية العظم.
وتضيف "أما الحمص فيحتوي على نسبة عالية من المواد البروتينية والأملاح المعدنية؛ كالكبريت والفوسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والحديد، إضافة إلى أنه يعمل على تنشيط المخ والأعصاب".
وتتابع "يعد الحمص أقل الأغذية التي يمكن أن تسبب الحساسية للجسم، ويعد بديلا جيدا عن اللحوم؛ إذ يحتوي على القيمة الغذائية العالية، كما أن الحمص المطبوخ جيد لعلاج مشاكل الجهاز التنفسي كالبرد والسعال".
كما يعد الحمص، وفق العباسي، بديلا جيدا لحليب الأطفال، كما يحتوي على مواد مضادة للتأكسد تمنع الإصابة بأمراض القلب والسرطانات ويعزز من مناعة الجسم ضد الأمراض.
ويحتاج الجسم، كما تقول، لهضم الحمص والفول، من ست إلى ثماني ساعات، وتنصح الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى بالابتعاد عن تناول الحمص والفول.
في حين يبين الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي، أن الحمص والفول من المأكولات الشعبية المحببة لدى المجتمع الأردني، والتي تطلبها الأسر الأردنية بكثرة في أيام العطل والجمع؛ حيث تلتف غالبية الأسر حول طعام واحد.
ومما شجع على انتشار هذه الأكلات، في رأي الخزاعي، أنها غير مكلفة وتتمكن الأسر الأردنية من شرائها، وانتشار المطاعم التي تبيع هذه الأكلات في أغلب أحياء المملكة.
ويشير الخزاعي إلى أن الحمص والفول والفلافل هي من الموروث الثقافي والاجتماعي للمجتمع الأردني؛ حيث إن من امتهن هذه المهنة قبل خمسين عاما تجد اليوم أحفاده هم من يمتهنونها أيضا، وتشكل جزءا من ثقافة المواطن الغذائية وبخاصة الوجبات السريعة "السندويشات"، لأن أغلب من يريد أن يأكل وجبة سريعة وخفيفة يفكر أولا بالحمص والفول والفلافل.
ويضيف، أن الحمص والفول والفلافل ليست حكرا على الأسر الفقيرة، بل ونجدها على مائدة الأسر الغنية، ولكن ليس كوجبة رئيسة كما الحال لدى الأسر الفقيرة، وإنما مقبلات للوجبات الرئيسة، وتعد هذه الأكلات الملاذ الآمن للأسر الفقيرة في أغلب وجباتهم.