الحملة الشرطية لجمع السلاح ستفشل

هآرتس يهوشع براينر 11/10/2019 كان يمكن أن تكون صفقة مربحة. المواطنون العرب الذين في حوزتهم سلاح غير قانوني أعطيت لهم الامكانية لتسليمه للشرطة بصورة لا تكشف عن هوية صاحبها، وفي المقابل أن يحصلوا على حصانة كاملة. في عملية جمع السلاح التي قامت بها الشرطة في 2017 استثمرت نصف مليون شيكل – معظمها في الاعلانات. ولكن في نهايتها تبين أنها حققت فشلا ذريعا. لقد سلمت للشرطة ثلاث قطع سلاح و21 وسيلة قتالية اخرى فقط. يبدو أن هذه المعطيات لم تمنع الشرطة من اعادة تكرار العملية، على خلفية الاحتجاج في اوساط الجمهور العربي ومطالبة قادته باخراج السلاح من الشوارع. ولكن عدد من الخبراء وقادة المجتمع العربي الذين تحدثت الصحيفة معهم يعتقدون أن هذه العملية ايضا ستفشل، من بين امور اخرى، بسبب أن الناس الذين بحوزتهم سلاح غير قانوني لن يتطوعوا لتسليمه. ايضا في الشرطة وفي وزارة الامن الداخلي هناك من يعتقدون أن العملية مصيرها الفشل بسبب عدم التعاون من قبل الوسط العربي. ربما يكون جزء من المشكلة هو أن الشرطة لا تعرف كم هو عدد قطع السلاح غير القانوني التي توجد في القرى العربية، وحسب تقديرات أولية الحديث يدور عن مئات آلاف البنادق والمسدسات والوسائل القتالية. ومثلما في العملية السابقة ايضا هذه المرة الشرطة تنوي شن عملية بدون تواجد شرطي بارز – نقاط للجمع ستقام في البلديات وفي مباني غير مباني الشرطة وتحت حماية شركة مدنية. هذه المرة تخطط الشرطة ووزارة الامن الداخلي لزيادة ميزانية الدعاية التي ستوظف في وسائل الاعلام المتحدثة بالعربية وفي الشبكات الاجتماعية وفي اللافتات الكبيرة في الشوارع. على هذه الخلفية التقى أمس وزير الامن الداخلي جلعاد اردان وكبار ضباط الشرطة مع اعضاء الكنيست من القائمة المشتركة. وحسب مصادر حضرت اللقاء فان عضو الكنيست احمد الطيبي قال بأن ممثلي القائمة سيدعون الجمهور لتسليم السلاح، لكن في لقاءات مغلقة قال اعضاء الكنيست بأنهم لا يأملون بنجاح العملية. في وزارة الأمن الداخلي وفي الشرطة رفضوا شرح كيف سينجحون في المكان الذي فشلوا فيه في السابق. مصدر كبير في وزارة الأمن الداخلي اعترف بأن احتمال نجاح العملية ضئيل جدا. "لا يوجد تعاون للبلديات أو اعضاء كنيست، ولكن في اوساط الجمهور لا يلاحظون استجابة حقيقية"، واضاف "من لديه سلاح غير قانوني هم الخارجون على القانون، وهم لن يتطوعوا لتسليمه". في الشرطة، يبدو انهم يمهدون لفشل العملية، ويوجهون اصبع الاتهام لرؤساء السلطات المحلية العربية حتى قبل بداية العملية. مصدر كبير في الشرطة قال إن رؤساء السلطات الاساسية في الوسط العربي يرفضون بشدة التعاون، فكيف اذا بعد ذلك يريدون أن يأتي الجمهور ويسلم لنا السلاح". حسب هذا المصدر "بدون تعاون من قبلهم، وبالاساس بدون تصريح واضح من ناحيتهم، يصعب العمل". ولكن في محادثات مع عدد من رؤساء السلطات المحلية يتبين أنه لم يكن هناك أي توجه لهم من قبل الشرطة. رئيس مدينة كفر قاسم، عادل بدير، فوجئ بأن الشرطة تنوي القيام بعملية جمع السلاح بمساعدة البلديات. "أولا، لم يتحدث أي شخص معي حول ذلك"، وأوضح "ثانيا، ليس من وظيفتنا جمع السلاح، بل هذا وظيفة الشرطة. لا تتحدثوا عن هذا الموضوع معنا لأنه لا حاجة الى أي عملية خاصة، هذا يضيع للوقت، فهو لم يجد في السابق ولن ينجح في هذه المرة ايضا. أنا ايضا لا اؤمن بذلك لأنه غير جدي. الشرطة تريد جمع السلاح؟ فلتتفضل، قوموا باجراء التفتيشات وامنعوا التهريب، افعلوا ذلك فقط". رئيس مجلس عرعرة ورئيس لجنة السلطات المحلية، مضر يونس، هو أحد المعارضين البارزين للعملية. "كل هذه العمليات هي غير حقيقية. حقا، شاب اشترى بندقية ام16 بـ 40 ألف شيكل هل سيتطوع ليأتي ويسلمها للشرطة؟"، تساءل. "لن يأتي أحد ويتطوع لتسليم سلاحه، ومن يعتقد ذلك لا يفهم الواقع". وحسب اقوال يونس "الشخص الذي بحوزته سلاح ولا يستخدمه، ببساطة هو سيدفنه في ارضه الخاصة. هذه العمليات يمكن أن تعمل ربما لدى خريجي الجيش في الوسط اليهودي الذين عثروا على ذخيرة أو مخازن سلاح، ولكنها لا تفيد في الوسط العربي". يونس يعتقد بأن هناك طريقة واحدة لجمع السلاح وهي "أن تدخل الشرطة لجمع السلاح ممن يملكه". في محادثة مع "هآرتس" وجه يونس انتقاد على طريقة معالجة الشرطة للجريمة في الوسط العربي، وهو يتحدث عن تبادل لاطلاق النار حدث في عرعرة مدة ثلاث ساعات عشية عيد الغفران. "لقد اتصلت مع قائد مركز شرطة عيرون ومع الضباط. وقال لي احدهم إنه ليس لديه ما يكفي من سيارات الشرطة. وفقط بعد ثلاث ساعات جاءت قوات معززة"، قال. "الشرطة تعرف أين يوجد السلاح. فلتدخل وتأخذه. لا يمكنهم أن يلقوا علينا المسؤولية عن كل شيء. وأنا أخشى من أن هذه ستكون عملية اخرى من اجل أن تأتي الشرطة وتقول بعد ذلك "انظروا، هم لا يقومون بتسليم السلاح". ولكن هذه هي مهمة الشرطة وليست مهمتنا". ايضا د. وليد حداد الذي كان الى ما قبل بضعة اشهر خبير كبير في الاجرام في وزارة الامن الداخلي لا يؤمن بأن هذه العملية ستنجح. "خطة جمع السلاح هي خطة زائدة تماما. لقد قاموا بتجربتها عدة مرات في السابق ولم تنجح. اذا ما الذي سيختلف هذه المرة؟ الوزير والشرطة يقومون بذلك فقط من اجل القول "انظروا، نحن نحاول"، قال. حداد الذي شغل وظائف اخرى، كان مشرف قطري على المجتمع العربي في سلطة مكافحة المخدرات والكحول، قال "نحن لا نريد اعطاء جائزة لمن يوجد لديه سلاح، بل نريد معاقبته". حداد يدفع قدما في الوقت الحالي بخطة لمحاربة الجريمة في الوسط العربي سوية مع لجنة المتابعة العليا للجمهور العربي. وهو يعتقد أنه يجب اقامة سلطة لمحاربة الجريمة، بحيث تكون جزءا من مكتب رئيس الحكومة، ويعمل فيها اشخاص مهنيون وممثلون من المجتمع العربي. "هذا سيتجاوز البيروقراطية ويعطي معالجة محددة للمشاكل، وبالاساس يعطي ميزانيات للمحطات المحتاجة لذلك. اليوم ايضا اذا كانت الشرطة تريد العمل فليس لديها المال". وحسب قوله فان الشرطة لا يمكنها محاربة الجريمة في قلنسوة مثلما في رمات افيف. "هناك حساسية واختلاف، لذلك أي عملية كهذه هي حل مؤقت. ما نحتاجه هو حل بعيد المدى". رئيس معهد الجريمة في الجامعة العبرية، البروفيسور بادي حسايسة، قال إن عمليات جمع السلاح تسير بشكل جيد في وسائل الاعلام، ولكن تأثيرها محدود". وحسب اقوال عدد من العلماء في الاجرام، لا يوجد أي بحث ربط مباشرة بين عمليات تسليم السلاح وانخفاض معدل الجريمة. ابحاث اجريت على عمليات مشابهة في دول اخرى، منها الارجنتين والبرازيل وامريكا وبريطانيا، وجدت أنها على الاكثر ساعدت على منع حوادث اطلاق نار بيتية. وحسب عدة ابحاث، عملية كهذه يجب أن تكون جزء من خطة وطنية لمحاربة الجريمة، وإلا فان تأثيرها سيكون ضئيلا. وحسب بحث لحكومة الارجنتين، الذي أجري في جامعة تورتواكو ديتيلا في بوينس آيريس، هناك امكانية بأن الجريمة لن تقل حتى لو نجحت الشرطة في جمع السلاح غير القانوني بكمية كبيرة. وحسب البحث فانه في عملية مشابهة جرت في الارجنتين قبل عشر سنوات تم جمع نحو 100 ألف قطعة سلاح، ولكن البحث اوضح أنه لم يحدث انخفاض في عدد حالات القتل والانتحار أو عمليات السطو المسلح. عدد من الباحثين الذين عملوا في هذا الموضوع استنتجوا أن من يقوم بتسليم السلاح يفعل ذلك لأنه لا يستخدمه أو أن السلاح غير صالح. وقد توصلت الى هذه النتائج ابحاث اجريت في نهاية التسعينيات في بلتيمور وواشنطن وسياتل وسانت لويس، وفي العام 2006 في استراليا. وقد توصل الى نتيجة مشابهة مركز المعلومات والابحاث للكنيست الذي نشر في هذا العام استعراض حول الموضوع. "في معظم الحالات، الخطط لم تكن ناجعة في تقليل العنف المرتبط بالسلاح"، كتب في الوثيقة، "احد المخاوف هو أن المخالفين للقانون الذين يسلمون سلاحهم غير القانوني لا تتم ادانتهم ولا يتم فرض عقوبة السجن عليهم، وهكذا سيرتفع عدد المخالفين للقانون غير المسجونين. يجب فحص هل من الصحيح تطبيق خطة لجمع السلاح كخطوة فردية أو من الافضل دمجها بخطة وطنية شاملة مثلما اظهرت التجربة في بريطانيا مثلا؟". كاتبة هذه الوثيقة، الدكتورة نوريت يحيموفيتش كوهين، اشارت الى أن الدول التي تنفذ خطة لجمع السلاح شددت في المقابل على اجراءات حيازة السلاح القانوني، لكن وزارة الامن الداخلي في اسرائيل بالذات تسهل شروط الحصول على رخصة السلاح. إن من يؤيد عملية الشرطة لجمع السلاح هي رابطة "مبادرة ابراهام". في رسالة ارسلتها الرابطة لنائب المفتش العام للشرطة أوصت من بين امور اخرى بمنح محفز مالي لأي شخص يعطي معلومات عن مكان السلاح، لكنها اضافت بأن العملية لا يجب أن تكون محددة زمنيا. "من الخطأ القيام بعمليات جمع سلاح تقطعة"، كتب، "يجب تنفيذها بصورة متواصلة في اطار زمني محدد ومعروف مسبقا".اضافة اعلان