الحوار الوطني يفضي إلى قانون انتخاب توافقي

بدأ أمس ماراثون المشاورات النيابية لتشكيل حكومة برلمانية، بعد أن كلف الملك رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، بإجراء المشاورات مع الكتل والائتلافات النيابية من أجل هذه الغاية.اضافة اعلان
وهذه التجربة هي الأولى، والتي سيبنى عليها الكثير. فالحكومة الجديدة من المفترض أن تكون نيابية، وأن تتشكل بالتشاور مع النواب الذين سيمنحونها في المحصلة الثقة أو يحجبونها عنها.
المهم في هذه التجربة أن على عاتق الحكومة الجديدة ومجلس النواب مهامّ جساما، من أبرزها "مراجعة قانون الانتخاب ليحظى بالتوافق الوطني"، وفق ما جاء في خطاب العرش الذي ألقاه الملك أول من أمس في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة.
طبعا، هناك مهمات كبيرة أخرى عديدة تقع على الحكومة والمجلس، ولكن إنجاح التجربة الأولى للحكومة البرلمانية يتطلب الكثير، وخصوصا من الكتل النيابية التي تشكلت في الآونة الأخيرة، والتي من المفترض أن تقود عمل المجلس، وأن تساهم بدرجة كبيرة في تشكيل الحكومة.
المرحلة حساسة، والمهام كبيرة، فهل يستطيع المجلس والحكومة البرلمانية الأولى اجتيازها بطريقة تضمن البناء عليها، لتعزيز الديمقراطية؟ سؤال ستجيب عنه في البداية المشاورات التي بدأت مع الكتل النيابية، ورؤية هذه الكتل لشكل الحكومة وتركيبتها، والمهام المناطة بها. فإذا كانت الكتل النيابية ترى أن المرحلة تحتاج إلى حكومة قوية، ومسيسة، ولديها برنامج عمل محدد وواضح من حيث الأهداف والمدة الزمنية، فإنها (الكتل) ستختار تشكيلة حكومية قوية، وستشترط أن تكون الحكومة ذات برنامج إصلاحي، يكون على رأس أولوياته إصلاحات تعزز الديمقراطية، ومن أهمها الاتفاق على تعديل قانون الانتخاب، لتلافي السلبيات وإيجاد صيغة مناسبة وأكثر عدلا وقدرة على اختيار ممثلي الشعب، وتعزيز الحركة الحزبية والسياسية في المجتمع.
الحكومة والمجلس النيابي مطالبان بفتح حوار حقيقي وجاد حول قانون الانتخاب، تشارك فيه كافة القوى السياسية والحزبية، وخصوصا تلك التي قاطعت الانتخابات النيابية الأخيرة؛ فبدون مشاركة هذه القوى بالحوار، سيكون التقدم إلى الأمام بخصوص قانون الانتخاب محفوفا بالمخاطر، ولاسيما أن هناك حاجة فعلية وضرورية وماسة إلى قانون يحظى بالتوافق الوطني. فأي قانون لا يحظى بالتوافق الوطني، سيسبب مشاكل سياسية واجتماعية كبيرة، وسيعيق الإصلاح والحركة السياسية والحزبية، وسيعيدنا إلى المربع الأول، مع أننا بحاجة إلى قطع خطوات كبيرة على طريق الديمقراطية والإصلاح.
لقد كان الملك واضحا عندما طالب بمراجعة قانون الانتخاب؛ فالهدف هو عدالة التمثيل، وتمكين الأحزاب من التنافس بعدالة، وترسيخ الحكومات البرلمانية، وحماية مبدأ التعددية. وهذا القانون لا يمكن الوصول إليه بدون حوار فعلي، يقوم على مشاركة واسعة من القوى والفاعليات الحزبية والسياسية، بمختلف ألوانها وأشكالها الفكرية والسياسية. ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا إذا تأكدت هذه القوى والفاعليات من أن الحوار جاد، وأن نتائجه ستطبق على الأرض من خلال إقرارها تشريعات من قبل مجلس الأمة.
التحدي الأبرز أمام الحكومة البرلمانية المنشودة على الصعيد السياسي، هو الحوار الوطني الجاد. فهل تنجح به، أم أن الائتلافات والكتل النيابية التي تشكلت على أساس المصلحة لن تتمكن من السير قدما باتجاه التغيير والديمقراطية والإصلاح؟ إنه التحدي الذي تحتاج مواجهته والتغلب عليه إلى عمل متواصل، وجدية ورغبة، وتوجهات إصلاحية حقيقية.

[email protected]