الحوافز اللازمة للوصول العالمي للقاحات

ميشيل جودوين* وجريجوري شافر** استجابة لتكثيف الضغوط السياسية الرامية إلى الحد من معاناة البلدان منخفضة الدخل، تدعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم قرار التنازل عن حقوق الملكية الفكرية (IP) للقاحات كوفيد 19 مع استمرار الجائحة. ينظر بعض المعلقين إلى الموقف الأميركي الجديد باعتباره تحولا نموذجيا في موقف الولايات المتحدة، والذي من شأنه أن يؤثر على حماية الملكية الفكرية. ومع ذلك، يتوقع آخرون أن موقف بايدن الجديد لن يكون له أي تأثير على الوصول إلى اللقاحات. كلا الموقفين لا يستوعبان التحدي الأكبر. أولا، ستستمر حماية الملكية الفكرية، بما في ذلك الخاصة بلقاحات كوفيد 19 في البلدان الغنية حيث تجني شركات الأدوية أرباحًا هائلة. ثانيًا، مع الإرادة السياسية، من شأن التهديد بالتنازل أن يُساعد في تحويل حوافز الشركات الحائزة على براءات الاختراع فضلا عن تحفيز الإنتاج الضخم للقاحات المُضادة لفيروس كوفيد 19 في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. تُواجه الجهود المبذولة لتحقيق الوصول العالمي للقاحات مشاكل هائلة فيما يتعلق بالحوافز. من ناحية أخرى، تواجه حكومات الدول الغنية حوافز متضاربة قصيرة وطويلة الأجل. على المدى القصير، تشجع السياسات المحلية النزعة القومية في توزيع اللقاحات، مما يدفع الحكومات إلى التعاقد للحصول على إمدادات فورية من اللقاحات. الحكومات تواجه تهديدا طويل المدى قد تُسببه السلالات الجديدة المستوردة التي قد تكون اللقاحات الحالية غير فعالة ضدها. ومن شأن هذه العوامل الصحية أن تشكل خطرا واضحا على حياة وصحة المواطنين وعلى الرفاه الاقتصادي للبلدان. وموازاة مع ذلك، هناك تنافس إستراتيجي متزايد بين الولايات المتحدة والصين للسيطرة على المواقع القيادية لإنتاج التكنولوجيا الحيوية. تعمل مجموعة البحوث الصيدلانية ومُصنعي أمريكا (فارما)، على التخلص من هذا الخوف للمطالبة بالسيطرة على أسرارها التجارية. ومن الواضح أن الأسرار التجارية، وليس حقوق براءات الاختراع هي العقبة الرئيسية أمام ضمان وصول أوسع نطاقا إلى اللقاحات المُضادة للفيروس. من الناحية الفنية، لا تعتبر هذه الأسرار التجارية حقا من حقوق الملكية الفكرية، ولكنها محمية بدلا من ذلك بموجب قانون “المنافسة غير المشروعة”. السؤال المطروح الآن هو كيف يتم إجبار شركات الأدوية على تقديم أسرارها التجارية إلى الشركات المُصنعة الأخرى لإنتاج اللقاحات، رهنًا بعقد اتفاقية عدم الكشف عن البيانات والتعويض على أساس التكلفة أو التكلفة زائد نسبة الربح. ببساطة، يجب أن تتغير حوافز الشركات الحائزة على براءات الاختراع. بالمقارنة مع التنازل عن حقوق الملكية الفكرية، فإن من مصلحة هذه الشركات توقيع عقود مع الشركات المُصنعة الخاضعة لاتفاقيات عدم الكشف عن البيانات، وبالتالي تمكين الإنتاج الضخم للقاحات للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. من أجل التوصل إلى اتفاق، يتعين على مجموعة ضخمة من الدول الغنية - فضلا عن منتجي اللقاحات الآخرين، بما في ذلك الصين وروسيا - الاتفاق على عدم الاستفادة من أي تنازل، أو عقد أي اتفاقية للتعويض. يمكن لشركات الأدوية بعد ذلك الاستمرار في تحقيق الأرباح كما كان عليه الحال في السابق. وستستفيد جميع البلدان - في كل من شمال وجنوب الكرة الأرضية. ومع ذلك، قد تُصبح مفاوضات التنازل في منظمة التجارة العالمية رمزية، مما يصرف الانتباه عن الإجراءات اللازمة. يجب أن يكون تهديد التنازل عن الملكية الفكرية حقيقيا لإقناع الشركات بالتعاقد طوعيا من أجل إنتاج لقاحات عالمية ضخمة. وفي موازاة ذلك، يمكن لعدد كافٍ من البلدان النامية إصدار تراخيص إجبارية أو التهديد بإصدارها لتعزيز نفوذها التفاوضي. هذا ليس تغييرًا ثوريًا، لأن حماية حقوق الملكية الفكرية كانت دائمًا خاضعة لمتطلبات الصحة العامة. ومع ذلك، نظرًا إلى أن الصعوبة المركزية تكمن في الأسرار التجارية وليس في براءات الاختراع، فإن اتفاقية منظمة التجارة العالمية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية (تريبس) ليست المشكلة الرئيسية. حتى بدونها، لن يكون لدى شركات الأدوية أي حافز للكشف عن أسرارها التجارية. لقد توفي أكثر من 3.4 مليون شخص حتى الآن جراء الإصابة بفيروس كوفيد 19، ويمكن أن تُفقد أرواح ملايين آخرين حيث تهدد المتغيرات الجديدة للفيروس بإطالة أمد الجائحة. هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات مدروسة وفورية بشأن اللقاحات باعتبارها مسألة مُلحة من الناحية الأخلاقية والعملية. وبالنسبة لإدارة بايدن، فإن هذا يعني اتخاذ خطوات فورية لتغيير حوافز صناعة الأدوية.  * ميشيل جودوين أستاذة بجامعة كاليفورنيا في إيرفين ومديرة مركز التكنولوجيا الحيوية وسياسة الصحة العالمية. **جريجوري شافر أستاذ بجامعة كاليفورنيا في إيرفين. حقوق النشر: بروجيكت سنديكيتاضافة اعلان