الحوكمة المؤسسية أساس تطوير الأداء وتحقيق الأهداف

غسان الطالب*

في رحاب العاصمة عمان عقد مركز تمكين للتنمية الإدارية والفنية المؤتمر الدولي الرابع تحت عنوان «الحوكمة المؤسسية وتطبيقها في منظمات الأعمال أساسا لتطوير الأداء وتحقيق الأهداف»، برعاية البنك المركزي الأردني وبدعم من البنك الإسلامي الأردني، حيث جاء انعقاد المؤتمر في الوقت الذي تواجه فيه القطاعات الاقتصادية تحديات نتيجة الأزمات المالية والاضطرابات السياسية، وما تشكله من تأثير على اقتصادات الدول المجاورة لمناطق الاضطراب. كما عبر عنه ممثل محافظ البنك المركزي في كلمة الافتتاح للمؤتمر، وأضاف أن مواجهة هذه التحديات تتم من خلال تطبيق إدارة المخاطر والتي تتعزز بالحاكمية الرشيدة وتطبيقاتها في المؤسسات، مستعرضا تجارب البنك المركزي والبنوك العاملة في المملكة في هذا المجال.اضافة اعلان
من حانبه أكد ممثل البنك الإسلامي الأردني  أن الحاكمية المؤسسية توفر أفضل القواعد والنظم والإجراءات التي تعزز الثقة في البنك في مختلف أنشطته، العدالة والمسؤولية والمساءلة والشفافية وتوفير الثقة والطمأنينة لمتعامليها «لأن ما يحكم عملها هو الالتزام بمبادئ واحكام الشريعة الإسلامية، والالتزام بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة واختيار نوع الاستثمار والتمويل المناسب الذي يبتعد عن اي شبهة حرام، منوها إلى ان البنك طبق ممارسات حاكمية مؤسسية سليمة، وأعد دليل الحاكمية المؤسسية وفقا لأفضل الممارسات الدولية بهذا الخصوص، ووفقا لمعايير الحوكمة الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية والتعليمات الصادرة عن البنك المركزي الأردني المتعلقة بالحاكمية المؤسسية للبنوك الإسلامية.
مصطلح الحوكمة يعني بمفهومه العام الإدارة الرشيدة وهي تمثل الممارسات التي ُتدار بها الشركات والقدرة على التحكم الجيد لإدارة أعمالها، كما إنها تؤدي إلى عملية توازن بين أهداف المؤسسة، سواءً أكانت اقتصادية أو اجتماعية، مع مصالح الأفراد، ثم الاستخدام الكفؤ للموارد المتاحة من خلال توفير رقابة محاسبية سليمة توفر البيانات المطلوبة كافة للمساءلة عن طريقة إدارة موارد هذه المؤسسة. بمعنى آخر التوفيق بين أهداف صاحب رأس المال والشركة وأهداف المجتمع المرجوة من قيام هذا المشروع؛ أي أنها تمثل مجموعة من الأسس والقوانين التي تحكم عمل الشركة والنظام المتبع لديها.
إذاً هي تمثل مجموعة من الأدوات والإجراءات المنظمة لطبيعة العلاقات بين الأطراف المتمثلة في المالكين للمؤسسة ونظام الرقابة والمسؤولية التي تهدف إلى تحديد استراتيجية فاعلة لأداء الشركة، فعلى الرغم من حداثة هذا المصطلح وظهور الحاجة إلى تطبيقه في منظمات الأعمال بهدف حماية الأموال الخاصة وضمان سلامة هذه المنظمات، خاصة بعد تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري في العديد من كبرى الشركات حول العالم كما حدث في الأزمة المالية والاقتصادية في مطلع هذا القرن، وبشكل خاص في العديد من المؤسسات المالية الخاصة والعامة وفي بلدان عدة، حيث أدى هذا الحال الى حالات من الإفلاس والانهيار للعديد من المصارف والمؤسسات المالية التي كانت تمتلك مراكز نفوذ مالي ومصرفي عالمي.
 وهذا ما يدفعنا إلى التأكيد من منطلق الحرص على مؤسساتنا الانتجاية وخاصة  تجربتنا المصرفية الإسلامية لحداثتها، نادى العديد من المفكرين والباحثين الى اتخاذ الإجراءات الاحترازية والضرورية كافة لضبط وسائل الرقابة وتطبيق مبدأ الحاكمية لضمان حماية أصول هذه المصارف وحماية حقوق المساهمين والمودعين، وبقية المؤسسات الإنتاجية، ومن المهم كذلك التأكيد على  سلامة المركز المالي لها، خاصة القطاع المصرفي.
 ففي المصارف الإسلامية على سبيل المثال  فإن المودعين أصحاب الودائع الاستثمارية يتعرضون لمخاطر كبيرة بسبب طبيعة الاستثمار المبني على أساس المشاركة في الربح والخسارة، اضافة الى ما قد يتعرض له المصرف من تراجع للعائد المرجو من الاستثمار، وهنا نود التأكيد على أن أحكام الشريعة الإسلامية صريحة في تحديد العلاقة بين الأطراف كافة المكونة للنظام المصرفي الإسلامي والمتمثلة في العدالة، المسؤولية، المساءلة والشفافية والتي هي بالنتيجة العناصر الأساسية لمكونات الحوكمة المنشودة والتي ناقش بنودها المؤتمر المذكور.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي