الخطة التنفيذية لتطبيق اللامركزية

بدأت أعمال منتدى وطني موسع حول اللامركزية، بإشراف وزارة الشؤون السياسية. واليوم، ستكون هناك حلقات عمل حول المحاور المختلفة. ويا ليت لو كانت توافرت بين يدي المشاركين الخطة التنفيذية، وهي الآن عند مجلس الوزراء لإقرارها؛ إذ سيكون الأمر مفيدا أكثر لدراستها وتقديم الأفكار المفيدة حولها، فلم يعد مجديا مناقشة القانون ولا الأنظمة، فقد تم إقرارها وأصبحت وراء ظهرنا.اضافة اعلان
مهما يكن، تستطيع الوزارة الآن تعميم الخطة التنفيذية واستقطاب النقاش العام والآراء حولها. وأنا على يقين أن الكثير من الخبراء في الإدارة ومسؤولين سابقين لديهم ما يقولونه بهذا الصدد. فهناك قلق حقيقي إزاء موضوع اللامركزية، وأحد التساؤلات التي تكررت كان عن فرص نجاح المشروع، واحتمال أن يتحول إلى عبء إضافي يعرقل العمل ويفرض كلفا إضافية وهدرا في الوقت والجهد، بدل أن يكون عونا ورافدا قويا للنهوض بالتنمية والأداء العام. ومن المخاوف المشروعة التضارب المحتمل في الأدوار والصلاحيات وتنازع الاختصاصات، ثم توسيع الخصومات والنزاعات والمنافسة على الأدوار والمنافع؛ فنساهم في تعثر التنمية والأداء بدل تمكينهما.
هناك حملتان يجب القيام بهما: الأولى، تثقيفية من الآن وحتى الانتخابات. والثانية، تثقيفية وتدريبية بعد الانتخابات وحتى بداية السنة الجديدة،  لأعضاء مجالس المحافظات والمجالس التنفيذية، فخريطة الطريق التي ستضعها الحكومة يجب أن تتضمن وصفا دقيقا وملموسا للمهمات والأدوار والعلاقة بين الجهات الثلاث المعنية؛ المجالس البلدية والمحلية ومجالس المحافظات والمجالس التنفيذية. وفي الأثناء على الحكومة أن تحضر درسها جيدا خصوصا في ما يتعلق بتفويض الصلاحيات؛ إذ يجب أن تتحدد دفعة أولى من تفويض الصلاحيات لمختلف الإدارات وفي كافة المجالات مع بدء المجالس المنتخبة أعمالها، لأن التراخي عن إنجاز هذه المهمة يضع الجميع أمام فراغ في العمل وحيرة وبلبلة. ونتفهم الحذر بشأن نقل الصلاحيات، لكن هناك العديد من المسؤوليات عن القرار يمكن نقلها فورا من دون مخاطرة بتحميل الإدارة المحلية مسؤوليات ليست أهلا لها، ثم إن ممارسة مسؤوليات معينة والاضطلاع بسلطة القرار بشأنها هي نفسها جزء من عملية التدريب والتأهيل أي بالتدرب فعلا على السباحة في مياه غير عميقة بدل التعلم على اللوح.
هناك حلقة وسيطة أتمنى لو أن خريطة الطريق أو الخطة التنفيذية تأخذها بالاعتبار، وهي الحلقة الوسيطة بين القرار على مستوى المحافظة، أي مجالس المحافظات والمجلس التنفيذي، والقرار على المستوى الأدنى، أي على مستوى المتصرفيات أي الألوية والأقضية والمديريات أو المكاتب المختلفة للوزارات والمؤسسات على مستوى الألوية وحتى المناطق البلدية. وقد لا نحتاج إلى إنتاج جسم جديد؛ فلدينا في نظام التقسيمات الإدارية أصلا مجالس استشارية برئاسة المتصرف على مستوى الألوية، بعضوية المسؤولين على مستوى اللواء المدنيين والأمنيين وممثلي المجتمع المحلي، ويمكن النص على عضوية أعضاء مجلس المحافظة المنتخبين من اللواء في هذا المجلس ما دام قد أصبح للواء ممثلون منتخبون، وتغيير الصفة الاستشارية للمجلس إلى صفة تقريرية ضمن حدود القانون. والمهم أنه يمكن على هذا المستوى إجراء التفاهمات والقيام بعملية التنسيق التنفيذية على الأعمال والمشاريع التي تم إقرارها. ويستطيع أعضاء مجلس المحافظة من اللواء الاطلاع على مجريات الأمور وسلامة الأداء في كل مرفق وكل خدمة وضمان التكامل والتنسيق بين أعمال المجالس البلدية والمحلية وأعمال السلطة التنفيذية، ثم هنا يكون ميدان دراسة الاحتياجات والمطالب التي سيحملها أعضاء مجلس المحافظة من أجل إدراجها في موازنة السنة التالية. وستكون هذه قناة مفيدة لتواصل نواب المحافظة في شؤون "الواسطة" والاحتياجات التي تخص مراجعيهم ضمن فكرة نقل عبء "نائب الخدمات" من المركز إلى الأطراف.