الخلافات حول تعديلات "العمل" تتعمق

رانيا الصرايرة

عمان - يبدو أن ماراثون تعديلات قانون العمل في طريقها إلى التعقيد أكثر، بعد أن تعمقت الاختلافات بين كافة الأطراف حوله، سواء في البرلمان بشقيه النواب والأعيان، أو منظمات المجتمع المدني والنقابات.اضافة اعلان
ويحمل كل من الطرفين وجهة نظر بعيدة عن وجهة نظر الجهات الأخرى، ويبدو ان كافة الاجتماعات والنقاشات التي أجريت خلال الشهور الأخيرة حول القانون لم تفلح في الوصول إلى قانون توافقي بحسب مراقبين.
الحلقة الأخيرة من أنشطة نقاشات قانون العمل كانت الخميس الماضي عندما اجتمعت لجنتا العمل والقانونية في مجلس الأعيان، الذي استلم القانون من النواب مؤخرا، بعد أن اجرى الأخير تعديلاته عليه، لتقرر رفض تعديلين جديدين أقرهما مجلس النواب أولهما يتمثل في تعديل الإجازة السنوية للعامل، بحيث تصبح شهرا لمن اتم خمسة أعوام في عمله و21 يوما لمن لم يتمها، في حين كانت 21 يوما لمن أتم خمس سنوات و14 يوما لمن لم يتمها، والتعديل الثاني رفض تعديل النواب بإعفاء ابناء غزة من استصدار تصاريح عمل.
مقررة اللجنة القانونية في الأعيان فداء الحمود بررت رفض اللجنتين لهذين التعديلين بالتأكيد انه فيما يخص إجازات العمال " العطل في الأردن تصل إلى 153 يوما بحسب دراسة لمنتدى الاستراتيجيات، ونحن دولة تعاني من قلة الانتاج أساسا، وبذلك ليس منطقيا زيادة عدد أيام الاجازات"، وفيما يخص رفض إعفاء ابناء غزة من استصدار تصاريح عمل تقول الحمود إن اللجنتين فضلتا ترك هذا الأمر لصلاحيات رئاسة الوزراء، وليس وضعها ضمن مادة في قانون العمل من منطلق وجود جنسيات اخرى على الأراضي الأردنية يجبرها القانون على استصدار تصاريح عمل.
وكان مجلس النواب أقر الشهر الماضي، تعديلا على قانون العمل المؤقت، يقضي بإعفاء أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين وأبناء قطاع غزة من استصدار تصريح عمل، ووقتها رحب خبراء بهذا التعديل مع التأكيد على ضرورة تعديل قرار وزير العمل المتعلق بالمهن المغلقة أمام غير الأردنيين، بما يستثني أبناء الأردنيات وأبناء قطاع غزة من هذا القرار.
مديرة مركز "تمكين" للدعم والمساندة لندا كلش تعلق على رفض لجنتي العمل والقانونية في الاعيان على التعديلين المذكورين بالقول " ما حدث في مجلسي النواب والاعيان فيما يتعلق بتعديلات قانون العمل ما هو الا مجزرة ومقصلة للعمال، وتحكم رأس المال في مفاصل الدولة، وما حدث من نقاش لا يعدو ان يكون مضيعة للوقت".
وتقول أنه" عندما يطلب من الفلسطيني المقيم في الأردن أن يحصل على تصريح عمل، والا يتم استثناؤه من المادة 12 من القانون ما هو الا مخالفة صريحة لقرار سابق لمجلس وزراء الداخلية العرب والخاص بمعاملة الفلسطينيين في الأقطار العربية والذي نص في مادته الثانية على معاملة الفلسطينيين في العمل والتنقل والإقامة نفس معاملة مواطني الدول المصدرة لوثائقهم"
وتضيف كلش " كما أن التراجع عن زيادة أيام الإجازة السنوية مجحف بحق العمال، معربة عن تأييدها لزيادة أيام الإجازة السنوية لتصبح ثلاثين يوما مع تقليل الإجازات في المناسبات الرسمية والأعياد الدينية، ناهيك عن تقييد الحق في التنظيم النقابي، وكذلك تعريف النزاع العمالي،هذا بالإضافة الى ما يحويه القانون نفسه من ثغرات في مواد لم يتم فتحها للتعديل".
مدير "بيت العمال" الخبير في سياسات العمل حمادة ابو نجمة يؤكد انه تم الانتهاء من القانون الخميس الماضي في لجنتي العمل والقانونية، ولكنه سيعرض على مجلس الأعيان الأسبوع القادم، ومن ثم يعاد إلى مجلس النواب، ويؤكد انه "للأسف لم تتابع أي من الجهات ذات المصلحة موضوع التعديلات الخاصة بالنقابات التي اثرناها في تقرير سابق لبيت العمال، وكان هذا خطأ كبير أدى إلى اقرار النواب والاعيان نصوص تسمح للحكومة بالتدخل بعمل النقابات بصورة تخالف المعايير الدولية، خاصة من حيث شرط تصديق انظمة النقابات الداخلية من وزارة العمل، وصلاحية الوزير بحل النقابات بدلا من القضاء، وصلاحية الوزير منفردا في تصنيف النقابات المسموح بانشائها بدلا من اللجنة الثلاثية".
وأضاف أبو نجمة " حاولنا اقناع الجهات المعنية للتدخل ووقف ذلك، من اتحاد العمال الى وزارة العمل وعدد من منظمات المجتمع المدني، ومجلسي النواب والاعيان، ولكن لم يتحرك احد سوى نقابة العاملين في الكهرباء، وهذه التعديلات الخاصة بالنقابات ستسيئ لصورة الأردن كثيرا على مستوى دولي، بعد ان كنا قد تقدمنا كثيرا في ذلك عند وضع القانون المؤقت عام 2010 والتعديلات ايضا تدل على تسرع غير مدروس في الصياغة التشريعية، فرغم وجود مثل هذه الصلاحيات للحكومة قبل العام 2010، إلا ان الحكومة لم تكن تستخدمها نهائيا احتراما للمعايير الدولية وخشية تعرضها للادانة".
بدوره يؤكد المستشار القانوني في منظمة محامون بلا حدود المحامي معاذ المومني ان بعض التعديلات التي طرأت على قانون العمل ايجابية وتقدم ضمانات حماية أكثر للعامل مثل إجازة الابوة وتعديل مادة انشاء الحضانات في أماكن العمل ، لكنه يؤكد ان بعض التعديلات بحاجة لاعادة نظر مثل تعريف النزاع العمالي الذي جعله التعديل الجديد مقتصرا فقط على النقابات العمالية .
وتعرّف المادة الثانية من قانون العمل، بنسختها التي وصلت من لجنة العمل والسكان النيابية النزاع العمالي بأنه " كل خلاف ينشأ بين النقابة من جهة وبين صاحب عمل او نقابة أصحاب العمل من جهة أخرى حول تطبيق عقد عمل جماعي او تفسيره او يتعلق بظروف العمل وشروطه" وبذلك يحصر النص المقترح الخلاف بين النقابة وصاحب العمال ويغيب العمال الذين ليس لهم نقابات.
وفي سياق آخر، يرى المومني أن من السلبي اعطاء الوزير الحق بحل الهيئة الادارية للنقابة، ليؤكد ان اعطاء السلطة التنفيذية هذا الحق يعد تعديا على العمل النقابي والمؤسسات النقابية إذا كان يتوجب ان يتم ذلك بقرار قضائي.
وختم المومني بالقول :" اعتقد أن تعديل القانون اصبح في مراحله الدستورية النهائية وكنا نتمنى ان تفتح كل مواد القانون لنقاش مستفيض ليحقق العدالة للعامل
ويعيد ضبط وتعريف العلاقة بين العامل ورب العمل وفقا لمبادئ العدالة وسيادة القانون، كما ان الحق في تشكيل النقابات والتفاوض الجماعي هو حق مصان لجميع العاملين وليس فقط للنقابات العمالية، خاصة وأن الغالبية الكبيرة من العاملين في الأردن لا يتمتعون بالحق في التمثيل النقابي وأغلبهم لا ينضون تحت مظلة مؤسسة نقابية تخمي وتحافظ وتدافع عن حقوقهم".