الداخل الإسرائيلي يتجه أكثر نحو الغلو واقتحام "الأقصى" ويعكس سيطرة اليمين المتطرف

شرطة الاحتلال تخرج أمس أحد مرابطي الاقصى بالقوة لتخلي باحاته للمتشددين اليهود لممارسة طقوسهم ثاني أيام أعيادهم. - (وفا)
شرطة الاحتلال تخرج أمس أحد مرابطي الاقصى بالقوة لتخلي باحاته للمتشددين اليهود لممارسة طقوسهم ثاني أيام أعيادهم. - (وفا)
نادية سعد الدين - يعكس استطلاع حديث للرأي العام الإسرائيلي توجهاً داخلياً أكثر حدة نحو الغلو والتشدد، برفض غالبيتهم للسلام مع الفلسطينيين وتطبيق "حل الدولتين"، مما يُجسد نفسه حالياً في اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين على المصلين في المسجد الأقصى المبارك، أمس، لليوم الثاني على التوالي من بدء إحياء "الأعياد اليهودية"، بما أدى لاندلاع المواجهات التي امتدت إلى أنحاء القدس المحتلة. ويدخل اقتحام قوات الاحتلال، ومستوطنيه، للمسجد الأقصى والهجوم على المصلين وإخراجهم بالقوة العسكرية العاتية من باحاته، أسوة بما حدث أمس، في إطار سياسة حكومة الاحتلال لتهويده إحكام السيطرة الكاملة عليه، بالاستعانة بالجماعات اليهودية المتطرفة، تحت حجة إحياء "الأعياد" التي ترتفع خلالها وتيرة الانتهاكات بحق حُرمة المسجد. ولا تجد السياسة الحكومية الإسرائيلية معارضة ملموسة من الداخل المُحتل، لاسيما من تيار اليمين الإسرائيلي المتطرف صاحب الحظوة الأكبر في رسم التوجه السياسي والعسكري العام، مستمداً قوته من قاعدة مجتمعية غير قليلة عبرت عن موقفها في استطلاع الرأي الأخير الذي أظهر أن معظم الإسرائيليين لا يؤيدون حل الدولتين. في حين تتضاءل الأصوات الإسرائيلية المُنادية بعملية السلام؛ إذ طبقاً لاستطلاع "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، الذي نشره موقع "تايمز أوف إسرائيل"، أمس، فإن أقل من ثلث الإسرائيليين، بنسبة 31 % فقط، يؤيدون حل الدولتين، مقابل11 % مُبهمين، وذلك بعد يوم واحد من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، "يائير لبيد"، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعمه لحل الدولتين. ويأتي تصريح "لبيد"، الذي لا يتماشى مع التوجه العام الداخلي، فيما يستعد للدخول في منافسة انتخابية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، "بنيامين نتنياهو"، بما يجعل تصريحه جزءاً من المعركة الانتخابية الساخنة حالياً. ويستقيم ذلك مع حالة الإرباك في المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية حيال سبل التعامل مع التصعيد الراهن في القدس المحتلة، وبقية أنحاء الضفة الغربية، في ظل خطط مطروحة على الطاولة تتراوح "بين استمرار النشاط الحالي وإحباطات موضعية، وبين عملية عسكرية واسعة النطاق كما حدث عام 2002، أي عملية سور واقٍ ثانية"، وفق ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول عسكري كبير لم تكشف اسمه. وادعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أنها قررت، عشية "الأعياد اليهودية"، اعتماد تكتيكات ميدانية مختلفة، مِثل التقليل من الاعتداءات الهجومية داخل القرى والبلدات الفلسطينية، لتخفيف وتيرة التصعيد في الضفة الغربية، بخاصة القدس المحتلة. ولكن الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تواصل استنفارها في الضفة الغربية، في ظل انتشارٍ واسع لِما يصل إلى 25 كتيبة عسكرية، في كل نقطة احتكاك ومعبر، دون أن يبدو هذا كله كفيلاً بوضع حد للهجمات الفلسطينية التي باتت عنصراً ثابتاً في المشهد الميداني في الفترة الأخيرة. بينما تواصل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إطلاق مزاعم التحذير من عمليات فلسطينية جديدة ضد أهداف إسرائيلية، وذلك بهدف دفع جيش الاحتلال لملاحقتهم واعتقالهم وإعدامهم ميدانياً بدم بارد، ولإبقاء حالة التأهب في مستوياته العالية، في إطار تبرير عدوان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. ويدخل المشهد المتوتر والمضطرب في المسجد الأقصى في نطاق سياسة الاحتلال التهويدية؛ إذ اقتحمت قوات الاحتلال، بقيادة المفتش العام لشرطة الاحتلال، "يعقوب شبتاي"، المسجد ونفذت اعتقالات بين صفوف الفلسطينيين من داخله وبمحيطه واعتدت على المصلين وأخرجتهم بالقوة من باحاته، لتأمين اقتحامات المستوطنين للأقصى، في أوسع عمليات اقتحام، وتنفيذ جولاتهم الاستفزازية في البلدة القديمة. ولليوم الثاني على التوالي؛ أخلت قوات الاحتلال المناطق المحاذية للأقصى "باب السلسلة وشارع الواد وباب حطة وباب الأسباط"، من المصلين، ونشرت فرق الخيالة في منطقة "باب العامود" بالقدس المحتلة، ونشرت الآلاف من عناصرها وقواتها في شوارع وطرقات القدس المحتلة، التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، وتحديداً في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى، مثلما نصبت الحواجز العسكرية والمتاريس. ووفرت قوات الاحتلال الحماية ألأمنية لاقتحام المستوطنين للمسجد لإحياء ما يسمى "عيد رأس السنة العبرية"، المزعوم وهم يرتدون "لباس الكهنة" ويؤدون الطقوس التلمودية المزعومة، وفق دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة. في حين احتشد العشرات من المرابطين والمرابطات داخل الأقصى، مرددين التكبيرات للاحتجاج ضد انتهاك حُرمة المسجد، فيما تحصن بعض الشبان الفلسطينيين داخل المصلى القبلي وألقوا "المفرقعات" وأصدروا أصواتًا مختلفة لإرباك المستوطنين وشرطة الاحتلال. واعتلت قوات الاحتلال أسطح بعض المصليات المطلة على المصلى القبلي الذي يتواجد بداخله مجموعة كبيرة من الشبان الفلسطينيين، فيما حلقت طائرات بدون طيار في سماء المسجد، وسط انتشار قوات الاحتلال بكثافة داخل البلدة القديمة لتأمين اقتحامات المستوطنين. وتصاعدت الدعوات الفلسطينية لتكثيف الرباط والحشد الدائم في المسجد الأقصى، وحمايته والدفاع عنه من اقتحامات المستوطنين المتطرفين ومخططاتهم. وأكدت الفصائل الفلسطينية أن المقاومة على أهبة الاستعداد للقيام بواجبها ولن تتأخر في تلبية نداء القدس والمسجد الأقصى، داعية الأمة العربية والإسلامية لتحمل مسؤولياتها في نصرة الأقصى والدفاع عنه في مواجهة عدوان الاحتلال. وبالمثل؛ حذرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية من المخاطر الحقيقية التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك، والوضع التاريخي والقانوني والديموغرافي القائم، نتيجة عمليات التهويد التدريجية المتواصلة للمسجد وباحاته. وأشارت، إلى التصعيد في أداء المزيد من الصلوات والطقوس التلمودية داخل الأقصى، في محاولة لتكريس تقسيمه، منددة بتحويل القدس ومحيط المسجد إلى ثكنة عسكرية، وفرض القيود على حركة الفلسطينيين، وتحديد أعمار الفئات التي يسمح لها بالدخول إلى المسجد، بما يعد اعتداءً صارخاً على مشاعر ملايين المسلمين، وهجوماً سافراً على صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية وحقها القانوني والشرعي في الإشراف على تنظيم حركة المصلين من والى المسجد. وقالت "الخارجية الفلسطينية" إن ما تتعرض له المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس جزء من مساعي الاحتلال لتهويد القدس، ومحاولات تغيير هويتها الحضارية وفصلها عن محيطها الفلسطيني، وحسم مستقبلها السياسي مسبقاً، منتقدة غياب الإرادة الدولية لتطبيق قرارات الشرعية الدولية.اضافة اعلان