الدراما الرمضانية تظلم المرأة بأعمال وتنصفها بأخرى

سوسن بدر وأيتن عامر في مشهد من "الوالدة باشا" - (أرشيفية)
سوسن بدر وأيتن عامر في مشهد من "الوالدة باشا" - (أرشيفية)

إسراء الردايدة

عمان- مع اقتراب انتهاء الموسم الدرامي الرمضاني، تبلورت لدى الجميع القضايا والأفكار التي تعالجها هذه الأعمال، وتحديدا ما يتعلق بقضايا المرأة ومشاكلها، ضمن أساليب وصور مختلفة وقصص متنوعة، قدمت جوانب ايجابية وسلبية لها بحسب السياق الدرامي.اضافة اعلان
بعض الأعمال تناولت قضايا تمس المرأة بشكل عميق، وبأسلوب جريء مثل "القاصرات" للمخرج مجدي أبو عميرة، ومن بطولة صلاح السعدني وداليا البحيري.
ويدور المسلسل حول فكرة زواج القاصرات، وبخاصة فى الأرياف، حيث يتم الدفع بالبنات في طريق مجهول من خلال تزويجهن وهن صغيرات السن، مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة، إلى جانب تصوير للعادات والتقاليد في تلك المناطق، التي تحكم المطلقات والأرامل وتحرمهن حقهن في الزواج مرة أخرى.
وتختلف الصورة في مسلسل "موجة حارة" للمخرج محمد ياسين، حيث تخضع المرأة في هذا العمل إلى الاستغلال الجسدي، وينتقل المشاهد إلى صورة أخرى للمرأة المعيلة والريفية والعاملة البسيطة كما في مسلسل "الوالدة باشا" للمخرجة شيرين عادل، وتقوم ببطولته سوسن بدر التي تعمل على تربية أطفالها الأربعة، بعد أن قتل زوجها أمامها.
وتعالج المسلسلات والأعمال أيضا قضية العنوسة من خلال مسلسل "فرح ليلى"، التي تعاني من خوف من الزواج، وتؤجل الموضوع حتى تقع في الحب، إلى جانب أعمال تعكس التطور في حياة المرأة المصرية واهتماماتها وإسهاماتها الاجتماعية، وسرد الحياة الاجتماعية كما في مسلسل "ذات" بطولة نيللي كريم وإخراج كاملة أبو ذكري ومبنية على رواية صنع الله ابراهيم.
المرأة المظلومة والعنف والضرب والتعذيب، كان محور مسلسل "لعبة الموت" لسيرين عبد النور وإخراج الليث حجو، إذ يكشف النقاب عن المرأة المضطهدة، وهو مسلسل مستوحى من قصة عالمية، وتجسد فيه عبد النور دور امرأة تعاني من العديد من المشاكل، وهو الدور المركب، والذى يمر بمراحل متعددة ويحمل الكثير من التحولات، كما يقول عدلي، منوها في الوقت ذاته إلى أن المعالجة الدرامية ضعيفة، بالرغم من قوة القضية وعمقها.
وكان للمرأة أيضا نصيب من الكوميديا، كما في مسلسل عادل امام "العراف" الذي يسرد بشكل تاريخي زواج إمام من نساء مختلفات في كل محافظة يهرب إليها، مستغلا حقه الذكوري بالزواج والطلاق، بخلفية رجل نصاب، جعل من المرأة هي الضحية الأساسية.
الى ذلك، هناك أعمال أنتجت من أجل بطلاتهن مثل مسلسل ميرفت أمين "موسم الأحلام" وإخراج عادل قطب، وغيرها من الأعمال مثل؛ مسلسل "نكدب لوقلنا ما بنحبش" من بطولة يسرى الذي يدخل في صلب قضايا المطلقات والتحديات التى تقف أمامهن، وهو من إخراج غادة سليم ومسلسل غادة عبد الرازق "حكاية حياة"، ومسلسل إلهام شاهين "نظرية الجوافة"، الذى كتبه وأخرجه مدحت السباعي.
الناقد السينمائي والدرامي المصري نادر عدلي يبين أن الأعمال التي ارتبطت بأسماء ممثلات مثل منى زكي في مسلسل "آسيا" للمخرج محمد بكير، ومسلسل "ذات" لممثلته نيللي كريم والممثلة ايتن عامر في مسلسل "الزوجة الثانية"، مختلفة في طروحاتها ومستمدة من واقع الحياة ولم تغفل جانبا.
ويذهب عدلي إلى أن الصورة التي قدمت عن المرأة كانت إيجابية في أعمال وسلبية في أخرى، فمثلا في مسلسل "الداعية" للمخرج محمد جمال العدل كانت صورة المرأة إيجابية في كافة المستويات العاطفية والاجتماعية والعقلية المتفتحة والقوية.
وأضاف أن مسلسل "ذات" قدم المرأة وهي في أوجها منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى الثورة وكيف تطورت ملامح الحياة وتفاعلها مع المرأة، مستعرضا نماذج حقيقة لنساء سياسيات وربات بيوت وناشطات سياسيات وعاملات ودور المرأة في المجتمع وصراعها مع ما يدور حولها.
ومن وجهة نظر عدلي فإن الدراما المصرية لم تتعامل مع المرأة الريفية المصرية بشكل ايجابي وأغفلت جوانب مختلفة من حياتها، منوها إلى أنها في الوقت ذاته تطرقت لما يدور في تلك المناطق  بجرأة وتفصيل لتكشف خبابا المستور، كما في مسلسل "القاصرات" من خلال شخصية داليا البحيري.
ويرى أن "مسلسل "الزوجة الثانية" ظلم المرأة وهو نسخة ضعيفة، إذ يقدم المرأة على أنها سلعة فقط للجسد والمتعة.
في حين يرى الناقد السينمائي المصري رامي عبد الرازق أن معظم النماذج الذي قدمت خلال الموسم الرمضاني ايجابية بمضونها الدرامي، موضحا "هذا يعني أن الشخصية غير نمطية، أي لا شر مطلق أو خير مطلق، وبالوقت نفسه تقدم نموذجا إنسانيا جيدا ودراميا". 
وبين أن المسلسلات الجيدة "تركن بطولتها للكل"، ولكن للمرأة حضور قوي ومؤثر في تسلسلها الدرامي وجزئية مهمة كما في مسلسل "موجة حارة" ومسلسل "نيران صديقة".
ويلفت عبد الرزاق إلى أن هنالك أعمالا درامية هيمنت عليها شخصية واحدة وشكلت محورها الدرامي وتطورت مع تطور أحداثها كما في مسلسل "ذات" لنيللي كريم، وهو من أبرز النماذج الايجابية دراميا في تطور الشخصية وتكوينها.
ويؤكد أن النماذج السلبية لم تخلو من الموسم الحالي، كما في مسلسل "فرح ليلي" من بطولة ليلى علوي، رائيا أن الشخصية وأبعادها الدرامية "سيئة" كونها غير مرسومة بشكل جيد، حيث كان من المتفرض أنها تعالج مشكلة العنوسة، لكن دورها يظهرها بأنها تعاني من مراهقة متأخرة وعنوسة اختيارية بخلاف الظواهر الدرامية، التي نسجت خيوطها حول هذه المشكلة ولم تكن مقنعة.
ومن الصور السلبية اجتماعيا، على حد تعبير عبد الرزاق يحضر مسلسل "مزاج الخير" و"الزوجة الثانية" مصورا المرأة على أنها متعة وجسد، فيما الفكر الذكوري تمحور حول مسلسلات "الحرملك" وفكرة الرجل وحلمه وخيالاته بأن كل النساء يحببنه ويردنه.