الدعاء في رمضان.. رجاء مقرون بالأمل في زوال الوباء وحماية الإنسانية

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- "ارفع عنا الوباء والبلاء يا رب"، أمسى هذا الدعاء يتردد على لسان المواطنين منذ انتشار وباء كورونا، ومع تزامن حلول شهر رمضان المبارك، شهر الدعاء والابتهال، مع فرض حظر التجول وإغلاق المساجد بيوت الدعاء والصلاة، بهدف الحد من انتشار وباء كورونا في العالم أجمع.اضافة اعلان
وفي رمضان، يتبادل الناس الأدعية المختلفة، منذ الساعات الأولى من إعلان حلول الشهر الفضيل، وبخاصة في تبادل الرسائل عبر "واتساب" ومواقع التواصل الاجتماعي، التي ضجت بعبارات الدعاء والابتهال، ويختمها مرسلها بقوله "مبارك عليكم الشهر ورفع الله عن الأمة الوباء"، لتكون تلك الأدعية عبارات تهنئة بقدوم رمضان، ودعوة من القلب أن يحفظ الله الأهل والأحباب والأصدقاء، الذين تباعدوا عن بعضهم بعضا، في التزامهم بإجراءات الحجر والتباعد الاجتماعي، ليصبح الدعاء هو حبل الوصال بين الناس في هذه الفترة.
شهر رمضان الذي أنزِل فيه القرآن، يتسابق فيه الناس صغارا وكبارا للدعاء ورفع الأكف إلى الله أن يتقبل دعاءهم ومناجاتهم، طالبين الرحمة والغفران والقبول للطاعات والعبادات. وخلال أوقات الصيام وبعد قراءة القرآن، كما في ما بعد الصلوات، لا تغيب الدعوات، وبخاصة في وقت صلاة التراويح، التي تعد من مظاهر البهجة في شهر رمضان الكريم.
أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية الدكتور منذر زيتون، يقول "إن شهر رمضان من الأشهر التي يُستحب فيها الدعاء، وقد قال الله تعالى في آيات الصيام (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم "دعوة الصائم لا ترد"، وقال "للصائم دعوة لا ترد عند فطره"".
ويضيف زيتون "أن الدعاء مستحب في كل وقت، فينبغي للمسلم أن يزيد على دعائه دعاءً أكثر عند البلاء، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزيد في دعائه عند النوازل، ويقنت في الصلوات، ونحن الآن في نازلة كبيرة وهي الوباء المنتشر في العالم، فينبغي على الناس أن يلجؤوا الى الله تعالى بأن يدعوه، فيدفع عنهم البلاء والأمراض والأسقام".
وبنبرة حزن، تتحدث هالة نصار عن افتقادها للدعاء الذي كانت تسمعه يومياً من إمام المسجد، خلال إقامته صلاة التراويح في المسجد؛ إذ تلتمس بها الكثير من الروحانية والتقرب من الله، كونها في حلقة دعاء جماعية، مع عدد كبير من الناس، الذين يتشاركون الصلاة والدعاء، عدا عن قولها "إن أئمة المساجد قد يتحدثون بأدعية أشمل وأفض مما قد تقوم به وحدها".
وعلى الرغم من يقينها بأن الدعاء في أي مكان، لا يقف بينها وبين الله حائلا، إلا أن الدعاء الجماعي له أجواؤه الخاصة، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك، وهو ما يتفق عليه كذلك أبو فارس، الذي يتشوق مع بداية كل رمضان إلى تخصيص جزء من وقته للدعاء والتسبيح والابتهال إلى الله تعالى بأن يتقبل ما يجول في قلبه من دعوات.
ويؤكد أبو فارس أن الدعاء في هذا العام لدى الغالبية العظمى من الناس، وكما يستمع من والدته المُسنة كذلك، بأن يحفظ الله الأمة ويزيل تلك الغمة "الوباء" عن العالم أجمع، الذي "شتت تفكير الناس"، فاقتران الرجاء من الله أن يرفع عنا الوباء والمرض الذي طال وجال أغلب دول العالم.
وفي رمضان، تُفتح أبواب السماء، وترتبط لياليه دوماً بالدعاء، فهو شهر الطاعات وقبول الدعوات، وأصبح الملايين على يقين بأهمية الدعاء في رمضان، انصياعاً لقوله تعالى "فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ"، وكما قال عليه السلام في رمضان تحديداً "إنَّ للهِ تعالى عتقاءَ في كل يومٍ وليلةٍ، لكل عبدٍ منهم دعوةٌ مُستجابةٌ"، والأصل أن يشترك الجميع في الدعاء فلا نعلم من دعاؤه مستجاب، ومن يقدمه الله تعالى بالإجابة، ولعل الله تعالى يكرم الجميع بدعاء أحدهم.
يقول زيتون "الدعاء عبادة محببة في كل وقت وفي كل حال، بل هي من أعظم العبادات، قال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء مخ العبادة"، وقال: "الدعاء هو العبادة" ويستحب الدعاء دائما في العسر واليسر، في الشدة والرخاء، لأن العبادة تجسد معنى الحاجة الى الله تعالى واللجوء اليه، والإنسان دائما في حاجة ودائما يطلب المزيد، فلا يظن أحد أنه مستغن عن الله تعالى".
ويؤكد زيتون على الأفراد أنه كلما دعا الإنسان أكرمه الله بزيادة النعم، والله تعالى لا يعجزه أن يعطي السائل ما يسأل، ففي الحديث القدسي" (يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْت كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَته، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ)، وخير ما يسأل الإنسان ربه بعد الإيمان العافية، ففي الحديث الشريف (ما سأل عبد الله تعالى بعد اليقين خير من العافية)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في كل يوم "اللهم إني أسألك العافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي".