الدينار قوي الآن

احتياطيات البنك المركزي الأردني من العملات الأجنبية والذهب "تغطي" الدينار وتدافع عن استقراره وتحفظ استقرار الاقتصاد الأردني.
وأهمية هذا "الغطاء" كأهمية "الغطاء" الجوي للجنود على الأرض، فبدونه يسهل قصفهم وإجبارهم على التراجع وإبادتهم، وهي كذلك "للدينار"، فبدونه يتراجع سعر صرفه وتنخفض قوته الشرائية ويبتعد الناس عن الاحتفاظ به وتدّب الفوضى.اضافة اعلان
هذا يستوجب توضيح عدة أمور، أولها؛ أن البنك المركزي يصدر "الدينار" مقابل الاحتياطيات الأجنبية لديه لتحميه، فالاحتياطيات ملك للأردنيين وضمانة "دينارهم" الذي يحتفظون ويتعاملون به ووسيلتهم للعيش المستقر، والتي تستعمل لتمويل مستورداتهم من الخارج، وبذلك كلما زادت هذه الاحتياطيات، كلما زادت قوة الدينار، والعكس صحيح.
وثانيها؛ اختلاف احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية عن الودائع بالعملات الأجنبية لدى البنوك الأردنية، فالأولى "أصول" للأردنيين، أما الثانية فهي "خصوم" مطلوب دفعها لمودعيها، وثالثها؛ أن البنك المركزي يستخدم احتياطياته لدفع فاتورة مستوردات الأردن، أما البنوك فلا تستطيع، وإن فعلت فإنها ستلجأ للبنك المركزي ليزودها بها لتدفعها لأصحابها المودعين.
ورابعها؛ أن احتياطيات البنوك المركزية بالعملات الأجنبية تحتاج وقتا لتتراكم وكذلك لتنزف، ومثله لتظهر آثار نزيفها على الاقتصاد وعلى سعر صرف العملة المحلية.
وخامسها؛ لظروف الأزمة العالمية والاقليم تراجعت مصادر الأردن من العملات الأجنبية من حوالات الأردنيين في الخارج والسياحة والاستثمارات والقروض الخارجية وحصيلة الصادرات الأردنية، لذلك ولعدم تطبيق سياسات علاجية تراجعت احتياطيات البنك المركزي الأردني في نهاية شهر شباط (فبراير) 2012 مقارنة بنهاية 2010 بمبلغ ( 2.5) بليون دولار فانخفضت من  12.2 بليون دولار إلى  9.7 بليون.
وسادسها؛ خفضت مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية تصنيف الأردن مرتين في العام 2011، وإذا استمر الوضع على حاله في العام 2012 فسنشهد تخفيضا آخر.
إقليميا؛ وبسبب الغضب العربي تراجعت احتياطيات البنك المركزي المصري في نهاية العام 2011 مقارنة بنهاية العام 2010 بنسبة (50 %)، وتراجعت احتياطيات البنكين المركزيين اليمني والسوري، ما أثر على استقرارهما الاقتصادي وسعر صرف عملاتهما المحلية.
 لذلك، فإن ضمانة الاستقرار الاقتصادي تحديدا ليست حجم احتياطيات البنك المركزي بل في السياسات المحفزّة على النمو، وبالتالي المؤدية لتراكم هذه الاحتياطيات، ما يطرح سؤالا: لماذا لم يطلع مسؤول يتكلم عن الخطة الاقتصادية للحكومة لتحقيق ذلك ومواجهة نزيف الاحتياطيات وتداعياته، مثلما كان يدللّ كلّ مسؤول بمناسبة وبغير مناسبة بارتفاع احتياطيات البنك المركزي كمؤشر صحة السياسة الحكومية الاقتصادية، فكل ما سمعناه تصريحات وزارة المالية التي أخافت الجميع، وقرار البنك المركزي هامشي الأثر برفع سعر الفائدة على الدينار، واللذان تزامنا بشكل بائس فكانت النتيجة عكس ما هدفا إليه.
ما يطرح سؤالا آخر: هل الحكومات لأيام "القمرة والربيع" فقط ؟ ما نفع الحكومات إذن؟

[email protected]