بقلم الدكتور المهندس غازي الجبور
الذكاء الاصطناعي هو سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها ومن أهم هذه الخصائص القدرة على التعلم والاستنتاج وردة الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآله وهو مصطلح يشكّل مظلّة للعديد من التقنيات التي تتيح للآلات أن تحاكي الذكاء البشري، ويتكون الذكاء الاصطناعي من عدة أجزاء أولها التعلم وهذا يشبه تعلم الانسان فيحفظ مثلا عدة طرق لحل مسألة، والثاني التفسير وهنا يقوم الذكاء الاصطناعي بالاستنتاج اعتمادا على المواقف الحالية، والثالث هو حل المعاضل حيث تستخدم البيانات لحل المعاضل، أما الجزء الرابع فهوالإدراك وهنا تستنتج الأشياء دون أن تكون معروفة له سابقا مثل معرفة الأشكال، أما الأخير هو فهم اللغة حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بمعرفه المقاطع اللغوية وتجميعها.
يرجع تاريخ الذكاء الاصطناعي لعام 1951 عندما قام العالم البريطاني الِن تورنج (Alan Turing) بنشر مقال بعنوان الآلات المحوسبة والذكاء والذي اقترح فيه لعبة المحاكاة التي أصبحت تعرف باختبار تورنج وكانت ولادة الذكاء الاصطناعي كعلم حقيقي عام 1956 عندما بدأ مشروع دارتموث البحثي حول الذكاء الاصطناعي وعمل فيه جون مكارثي مخترع لعبه (LISP) وهدف المشروع الى البحث عن وسائل تمكن الآلة من محاكاة جوانب الذكاء البشري وجاء الإنجاز الكبير عام 2016 عندما طورت شركة جوجل برمجية ذكاء اصطناعي اسمها Alpha Go والتي تمكنت من هزيمة بطل العالم في لعبة (Go) اللوحية المعقدة.
تتوسّع تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومجالاته لتشمل العديد من الجوانب في حياتنا، ولا شكّ أنّ كلّ واحد منّا قد تعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أو بآخر خلال حياته اليومية. فمثلا في التسوّق كنا قبل عدّة سنوات إذا أردنا العثور على منتج على أحد مواقع التجارة الالكترونية دون معرفة اسمه بالتحديد كابوسًا حقيقيًا، ومهمّة شبه مستحيلة. لكن اليوم وبمجرّد أن نبحث عن منتج معيّن، ستعرض لنا مواقع التجارة الإلكترونية جميع البضائع الأخرى المشابهة، فالأمر أصبح كما لو أنّ محرّكات البحث تقرأ أفكارنا، وفي غضون ثواني معدودة أصبح بإمكانك العثور على معلومات ومنتجات كنت تستغرق أيّامًا وأسابيع في الماضي لإيجادها. وفي الخدمات المصرفية قامت كثير من البنوك والمصارف باستخدام أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي حيث قام بنك HDFC بتطوير روبوت محادثة قائم على الذكاء الاصطناعي يسمىEva ، ومنذ إطلاقها عالجت Eva أكثر من 3 ملايين استفسار من العملاء، وتفاعلت مع أكثر من نصف مليون منهم وأجرت أكثر من مليون محادثة، وتستطيع Eva جمع المعلومات من آلاف المصادر وتقديم إجابات بسيطة في أقل من نصف ثانية. كما تستخدم تقنيّات الذكاء الاصطناعي أيضًا لمنع الاحتيال وذلك من خلال تتبع استخدام البطاقات البنكية وتحليل سلوك المعاملات البنكية لتحديد محاولات الاحتيال والنصب وهذا ما تقوم به الشركات الكبرى مثلMasterCard. وفي مجالات الرعاية الصحية تعتمد الكثير من المنظّمات ومراكز الرعاية الطبية على الذكاء الاصطناعي في علاج المرضى فقد قامت منظمة Cambio Health Care بتطوير نظام الدعم السريري للوقاية من السكتة الدماغية والذي يرسل تنبيهات تحذيرية حينما يكون هناك مريض معرض لخطر الإصابة بسكتة قلبية، وطورت شركة Coala Life جهازًا رقميًا ذكيًا يمكنه الكشف عن أمراض القلب، وفي المجالات التعليمية وبالذات المتخصصة في التعلم الذاتي حيث يتمّ الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تخصيص التجربة التعليمية للأفراد من خلال تحليل أنماطهم التعلّمية وخبراتهم وقدراتهم السابقة ومن ثمّ تحديد المواد التعليمية المناسبة لهم وكذلك مساعدة المعلّمين في أداء بعض المهام الإدارية كإجراء التقييمات وإعداد الاختبارات أو إدارة الأمور اللوجستية ذات العلاقة، وفي المجالات القانونية استخدم الذكاء الاصطناعي من قبل شركة Law Geex لمراجعة نصوص العقود بينما قامت شركة West Law Edge باستخدامه في البحوث القانونية واستخدم كذلك لكشف الهجمات السيبرانية على الانظمه كما استخدم من الدول الغربيه في الانظمه العسكريه للقبام باجراءات سريعه وذكيه ومع ان العالم قد استثمر في هذه التنكلوجيا حيث توقعت مؤسسة International Data Corp أن يصل الإنفاق العالمي في الذكاء الاصطناعي ما يقارب 80 مليار دولار في نهاية عام 2022 إلا ان هذه التكنولوجيا لها سلبيات ومنها الكلفة العالية وعدم تقدير الخطورة بعقلانية والمساهمة في زيادة التسلح العالمي ويمكن أن يساهم في التمييز العنصري من خلال تمييز الالوان كما انه غير قادر على ان يكون خلاقا كما انها ستساهم في زياده البطالة العالمية وكما توقعت مؤسسة Mckinsey بأنها سوف تحل مكان %30 من العمالة العالمية بحلول عام 2030 ولكن هذه التكنولوجيا فوائدها كما أسلفنا ويجب استعيابها بأسرع وقت.
الدكتور المهندس غازي الجبور
[email protected]اضافة اعلان
