الذنيبات.. أمهر ضابطي إيقاع السير في عمان المزدحمة يرحل بهدوء

الوكيل الراحل هزاع ذنيبات-(أرشيفية)
الوكيل الراحل هزاع ذنيبات-(أرشيفية)

عبدالله الربيحات

عمان- رحل الوكيل هزاع الذنيبات صباح أمس، بعد ان شغل صباحات عمان على مدى سنوات بحضوره الجميل واللافت . كان "رقيب السير" الذي ذاع صيته كأبرع منظم لايقاع حركة السير في عمان، ابان سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، قبل أن يعود للخدمة في الفترة الأخيرة، يصر على ان الصباح هو لحظته المفضلة التي كان يتميز خلالها بحركاته السريعة، بتنظيم حركة سير مدينة تكتظ بالسيارات وتتوسع على نحو كبير.
أضحى الذنيبات، علامة مميزة بنشاطها في ذهن الأردنيين والعمانيين، وشاهدا على حيوية العاصمة، التي تتسارع حركة عمرانها وتوسعها، وجزءا من تراثها غير المكتوب.
رحل الذنيبات "أشهر شرطي سير في الأردن" أمس، بعد مكوثه في مدينة الحسين الطبية لأيام، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وبرحيله، تفقد عمان إحدى أيقوناتها الجميلة، وأحد أروع معبر عن حيويتها.
واشتهر الذنيبات، بنشاطه وحركته المفعمة بالحيوية في تنظيم السير في شوارع وتقاطعات عمان الرئيسة وكان آخرها إشارة الصناعة في العبدلي، وقد أهلته مهارته في تخفيف حدة ازدحامات الشوارع، للفوز بجائزة الملك عبدالله لتميز الأداء الحكومي والشفافية/ فئة الموظف المتميز، المساند في الدورة السادسة من الجائزة، كما نال العديد من الأوسمة والجوائز.
ويعتبر الذنيبات أشهر رقباء السير في الأردن، نظراً لخبرته الطويلة في العمل، وتميزه في مجال الإشارات المرورية اليدوية في تنظيم حركة السير والمركبات، حيث عد شخصية متميزة تجذب انتباه جميع الأردنيين والمقيمين على أرض الوطن بأدائه المميز.
وبرحيله، تطوى صفحة جميلة غنية ومشرقة من صفحات تاريخ الأردن، غنية بالحب والتقدير والإخلاص، تعزز المعنى الحقيقي لاداء الواجب والخدمة العامة.
وكان الذنيبات، المولود العام 1942، التحق بالخدمة بجهاز الأمن العام العام 1960، واستمر يعمل رقيبا للسير حتى تقاعده، الى أن اعيد للخدمة برغبة ابداها الكثيرون لرؤية "هزاع" ينظم حركة السير في شوارع عمان المكتظة، وبالفعل كان العام 2007 بداية لعودته الجديدة، والتي لم تفت من عضده، وأثبت فيها براعته واستمرار نشاطه وحيويته ومستوى أدائه العالي، حتى وافته المنية صباح امس.
تمكن الذنيبات من الحضور في ذاكرة العمانيين، بسبب إخلاصه، وروحه المرحة في التعامل مع السائقين والمارة، ما جعل حضوره في أي شارع من شوارع عمان لتنظيمه، درسا في الحيوية والسلوك النبيل، والروح الجميلة.
مشوار الذنيبات في سلك الشرطة، بدأ عندما اسندت اليه مهمة تنظيم المرور في احدى مناطق العاصمة، التي تشهد كثافة مرورية تضيق عن احتمالها حتى الاشارات الضوئية، وكان على الراحل التعامل مع الموقف، ولم يكن يملك سوى ساعديه، فكانا عونا له، وأدى مهمته بمهارة، بحيث وجد في هذا البحر من المركبات فرصة لاختبار قدراته بالمقارنة مع الإشارات الضوئية التي تتكفل عادة بهذه المهمة وقبل التحدي على الفور.
الراحل الذنيبات تمكن خلال اعوام خدمته من تطويع امواج السيارات الى حركات سريعة، يؤديها بخفة ورشاقة، وتطلب منه ذلك ان يجند حواسه، وأن يجعل من يديه أدوات تهندس حركة السير، وتفكفك الازدحامات المرورية، ما شكل بينه وبين السائقين ألفة ومودة، وطمأنة لهم بعدم ضياع أوقاتهم هدرا.
ذاع صيت الذنيبات في العاصمة وخارجها، ليصل الامر بأن هناك أشخاص كانوا يتابعون أمكنة وجوده، ليروا كيف يزاول مهاراته في ضبط إيقاع حركة السير في اي مكان يتواجد فيه، ليمتد الأمر ليمسى حالة من الذكاء والحيوية، يحرص زوار الأردن على التقاط صور تذكارية لهم معه.
وتبقى قصة الذنيبات مع المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين، من أجمل القصص، اذ كان الراحل الحسين حينها متجها في طريقه إلى راس العين، وكان الذنيبات ينظم المرور عند إشارة راس العين، فأوقف السير دون ان ينتبه للموكب الملكي، وفي هذه اللحظة نزل ضابط من حرس جلالته، ليعلمه ان جلالة الملك في السيارة، وفي الاثناء قدمت سيارة أسعاف من مستشفى البشير الحكومي باتجاه جبل عمان، فأعطى الذنيبات لها الاولوية.
وبعد مرور سيارة الإسعاف، قام الذنيبات بفتح الطريق امام الموكب الملكي، وعندما وصله الحسين طيب الله ثراه، ادى له التحية العسكرية، وقال له جلالته: "شكلك تعبان من ازمة السير"، فرد هزاع: "من يراك يا سيدنا تذهب همومه ويذهب تعبه"، فأنعم عليه جلالة الملك الراحل، بهدية ملكية، وأمر بترفيعه من رتبة عريف إلى رتبة رقيب.

اضافة اعلان

[email protected]