الرأسمالي الكبير

يتضاعف تقديرنا للمقال الذي كتبه رئيس الوزراء الأسبق عبد الكريم الكباريتي على صدر صفحة الرأي الأخيرة عن د. كمال الشاعر، إذ لم يكن خطابا في حفل تأبين بل شهادة صادقة لرجل استثنائي يحق للأردن أن يفخر به، وهو يرقد الآن على سرير الشفاء.

اضافة اعلان

أمّا موضوع هذا المقال فهو تلك المعلومة التي أوردها المقال، لم أكن أعرفها وهي أن د. كمال الشاعر في مرحلة معينة انفصل عن زميله في الشركة لأن الأخير لم يوافقه على التنازل عن 60% من أسهم الشركة للمدراء العاملين فيها، وكان الشاعر قد أنشأ "دار الهندسة" مع زملاء آخرين برأسمال 3500 دولار، ويتوقع بحلول العام 2009 أن تحقق هذه المؤسسة العملاقة دخلا يبلغ  مليار دولار.

أذهلتني المعلومة بما تنطوي عليه من دلالات على شخصية هذا الرجل. الاقتحامية والريادة والشغف برؤية أو تصور ما لدرجة السخاء بأكثر من نصف ملكية الشركة لآخرين ليس شيئا يحدث كل يوم. ثمّة الكثير من الرأسماليين الكبار بدأوا من القليل، لكن "الكبير" في عنوان هذا المقال تشير الى الرجل.

لا بدّ أن تمليك المدراء أكثر من نصف الأسهم قد حوّل الشركة الى مؤسسة تمور بالابداع والريادية وتندفع للانجاز بلا حدود. وليست القضية الاخلاص في العمل فحسب، بل الالهام الذي يعطيه هذا السلوك. وبوصفي رجلا يتحدّر من جذور اشتراكية، فإنّ هذه المعلومة المحفزة للخيال تدفعني للتفكير في مقترحات أخرى مثل لجوء الشركات لتوسيع قاعدة المساهمة للعاملين فيها بما يربطهم بصورة اقوى وأفعل مع المؤسسة، لكن الفكرة الثانية التي سأطرحها، في هذه الأيام العصيبة اقتصاديا، هي المسؤولية الاجتماعية للشركات!

يوجد حوار حول مستوى ضريبة الدخل على الشركات وبدل الجدل حول رفع أو تخفيض الضريبة لنفرض ما يمكن أن يطلق عليه السهم الاجتماعي الذي تذهب عوائده الى صندوق عام (وليس الى الخزينة) تشارك في ادارته الجهات الاجتماعية المختلفة مع الحكومة لتمويل أمور مثل التأمين ضدّ البطالة واجازة الأمومة وحضانات أطفال العاملين والتزامات اجتماعية أخرى وأيضا دراسات ومبادرات لتحفيز الانتاجية وتحسين مستوى معيشة الناس.

عندما يتنازل رأسمالي عن 60% من الأسهم لصالح المدراء وتنمو الشركة وتنجح بصورة مذهلة لا أرى لماذا لا يكون التنازل عن جزء أقلّ بكثير لصالح الدور الاجتماعي الذي يعود بالنهاية على الشركات وبيئة العمل بفوائد عظيمة. 

[email protected]