الرؤية عن قرب

يعقوب ناصر الدين بينما يواصل مجلس النواب مناقشة قانون البيئة الاستثمارية، يدور الحديث في الأوساط الاقتصادية عن تفاصيل رؤية التحديث الاقتصادي، المنبثقة عن مخرجات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية، التي تتمحور حول شعار «مستقبل أفضل» وفي تلك الأحاديث ما يؤشر إلى قدر من الاهتمام بالحيوية الراهنة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية، والحرص على جعلها عملية منضبطة ومتصاعدة ومستدامة. لقد تم إطلاق تلك الرؤية بحضور جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي سبق وأن تناول في رسالته المهمة التي وجهها إلى أبناء وبنات شعبه بمناسبة عيد ميلاده الستين ملامح مستقبل الأردن في إطار رؤية وطنية شاملة عابرة للحكومات، يشارك الجميع في رسمها، ولا يمكن في اعتقادي الفصل بين محاور تلك الرسالة وبين الرؤية التي تم إنجازها، لأنها تشكل الإطار القيمي لعملية التحديث وغاياتها وأهدافها القريبة والبعيدة المدى. التذكير بتلك الرسالة من شأنه أن يمنح روحا ايجابية لكل نقاش تشريع كان أو نخبوي من أجل التحضير للمرحلة الأكثر أهمية ألا وهي مرحلة التنفيذ التي ستتواصل على مدى عشر سنوات مقبلة، وتتطلب جهودا مكثفة تبني على نقاط القوة وتعالج نقاط الضعف في التخطيط والتنفيذ ومستوى الأداء. الرسالة في مجملها وضعت إطارا أخلاقيا للكيفية التي ينبغي أن نواجه بها الصعوبات والإخفاقات التي نعرفها جميعا، ونرسم طريقنا للمستقبل الأفضل الذي يتطلع إليه الأردنيون جميعا، من أجل تحسين حاضرهم وبناء مستقبل أبنائهم، من خلال إطلاق الطاقات الكامنة، ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم، والتغيرات التي طرأت على الأولويات والقطاعات والتوجهات، وكلها مرتبطة بمكانة الدولة في محيطيها الإقليمي والدولي، ذلك أن الهدف النهائي هو أردن أقوى، وأكثر ثباتا، وأفضل حالا، وهو هدف لا يتحقق دون أن تكون الوطنية الصادقة أساسا لكل حوار وقرار وأداء. لا يمكن التقليل من أهمية النصوص الواردة في الرؤية وبنودها ومراحلها وطموحاتها، ولا من الجهود المبذولة من القائمين عليها، والنقاش حولها، وحتى الخلاف على بعض تفاصيلها ظاهرة سليمة وصحية، ولكن من الضروري التعريف بها، وتحويلها إلى نوع من الثقافة الاقتصادية التي يمكن أن يجد فيها المواطن وخاصة الشباب فرصتهم المناسبة في المشروعات التي تتضمنها، وتنبه أصحاب القرار، وأصحاب المصالح إلى الفرص المتاحة لاستغلالها على الوجه الأكمل، ومن أجل أن نرى الرؤية عن قرب لا بد من تكثيف التشاور والحوار بين جميع الأطراف والشركاء في مراحل التنفيذ لأنه الاختبار الحقيقي لإرادتنا وعزيمتنا وفهمنا لمصالح بلدنا العليا. المقال السابق للكاتب للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان