الرئيس الأميركي في السعودية

د. محمود عبابنة نكتب عن زيارة الرئيس الاميركي بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط التي يَخبرها عندما شَغلَ نائباً للرئيس أوباما، وليس في جعبته إلا التأكيد على الدعم غير المشروط لدولة الاحتلال، والطلب من دول الخليج العربي زيادة إنتاج النفط والغاز، وإلى جانب هذه الأهداف فقد كشف النقاب قبل سفره عن طلب يشكل قمة الاستفزاز لشعوب المنطقة وقادتها، وخلاصته ليس دمج اسرائيل بالمنطقة العربية فقط، وليس التعهد باستمرار تفوقها العسكري على جميع دول المنطقة مجتمعة، بل إن الرئيس يتقدم بخطوة جديدة تتمثل بدمج دولة الفصل العنصري بالمنظومة العسكرية العربية وإدارة الفوهات جميعاً نحو إيران، دون أن تقدم اسرائيل تنازلاً واحداً، أو تشجب استيطاناً قادماً أو تغير موقفاً ثابتاً في سياستها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو تتحفظ على ضم هضبة الجولان التي ضمتها إسرائيل بمباركة أمريكية، أو تطرح مشروعاً لحل قضية العرب الأولى، إن قُدر لهذا المشروع أن يتحقق دون مقابل يتعلق بالقضية الفلسطينية وبحل الدولتين الذي ينادي به جلالة الملك (لا قدر الله)، فسيكون ذلك بمثابة ضوء أخضر أو التوقيع على صك على بياض، لتزيد إسرائيل في إمعانها بسياسة الاحتلال والاغتصاب والتنكيل وستكون مباركة عربية على شرعية احتلالها وتعدياتها على الشعب الفلسطيني والأرض والمقدسات. نعرف أننا نعتمد على الولايات المتحدة كقوة عظمى في الكثير، وليس لدينا مانع للتعاون معها في المجالات السياسية والاقتصادية والتنسيق الأمني الدفاعي لصالح كلا الدولتين رغم معاييرها المزدوجة وغض الطرف عن جرائم حليفتها اسرائيل، كما هو الحال في جريمة مقتل الشهيدة شيرين ابو عاقلة. أعتقد أن الحكام العرب هذه المرة لم ينصاعوا لنصائح وتوجيهات السيد بايدن وأنهم سيجمعون على أن اللبنة الاولى في مدماك التعاون الذي يرغب به بايدن يجب أن يمر عبر إيجاد حل عادل وشامل لقضية العرب الأولى (حل قضية فلسطين)، ولا ننسى مقولة الأمير السعودي وشجاعته بالقول إننا قد نتفق 90 % مع اميركا ولكن هناك خلافات ايضاً، وهذا يشير الى التغيير الكبير الذي حصل في السعودية على صعيد السياسات الخارجية والخيارات المتاحة والرؤية التي تتشكل لبلورة مفهوم دولة سعودية حداثية لها قيمها وتاريخها ومواصفاتها الخاصة. أميركا دولة عظمى ولكن عظمتها لم تعد كما كانت قبل الحرب الروسية الأوكرانية ولا يجب التهويل من قوتها بعد الآن، ودخول بايدن هذه المرة ليس كدخول الفاتحين، كما فعل سلفه سيئي الذكر عندما تجول بعنجهية في القصور العربية كما كان يفعل السيد الكمبيادور في قصور عرب الأندلس ويبتزهم بالمال والمنجنيقات المهترئة، يأتي الرئيس المبجل بايدن وهو يستجدي رضا السعودية التي وصفها فيما سبق بالدولة المنبوذة ودول الخليج العربي، ويحثهم على إنتاج مزيدٍ من النفط والغاز لخفض الأسعار، ليهدئ من روع الأوروبيين الذين مرّغ بوتين أنوفهم بالدقيق الأوكراني، ويتوعدهم بشتاء تصطك به أرجلهم. على الجميع أن يدرك أنه لم تعد القدر المحتوم على هذه المنطقة، فقد انتهى عرش القطب الواحد، والرئيس الوقور بايدن يريد أن يختتم مدته الرئاسية بما يلقنه ويمليه عليه الخبراء والمساعدون وأكثر ما يوصونه مساعديه هو التمسك جيداً عند نزوله من على سلم الطائرة التي ستحط في جدة في السعودية، لعله يتفادى السقوط أو التعثر او النطق بعبارة مستهجنة أو مستفزة أو مكررة تفشي سر الغفلة والنسيان (………) الذي بدأ يتسلل إلى ذاكرة الرئيس (عافاه الله)، كما هو حال مؤشرات التفسخ الاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة التي ربما لن تكون متحدة في المستقبل المنظور. المقال السابق للكاتب للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان