الرحلة "السرية": هناك رأس للكذب

 

يديعوت –باروخ ليشم

     

في بحث اجري في الولايات المتحدة في العام 1996 تم فحص نحو خمسين ألف قصة وخبر حول الازمات في المنظمات. وحسب "وول ستريت جورنال" تبين انه في 86 في المائة من الحالات كان يمكن توقعها وكانت مثابة قنابل موقوتة في المنظمة. وبالاستعداد التنظيمي المناسب كان يمكن منع الانفجار.

اضافة اعلان

وقد أوصى الباحثون بمشاركة محافل الاعلام في المنظمة في توقع الازمات، وبالاساس، عندما تنشب، وكانت القاعدة هي: قل الحقيقة وافعل ذلك بسرعة.

في مكتب نتنياهو جرى بالضبط عكس ذلك: لم يكن هناك استعداد مسبق، لم يشركوا محافل الاعلام، وبالأساس، عندما اندلعت الأزمة كذبوا وبسرعة.

هذا المفهوم الإعلامي لإدارة الأزمات ليس فقط موضوعا أخلاقيا بل موضوع يتعلق بالمنفعة ايضا. وهناك قاعدة معروفة في الاعلام تقول إنه في اللحظة التي يوجد فيها تضليل للجمهور، فان الضرر يكون اكبر من سياسة التضليل. وهناك منظمات تجارية، وعامة، وبالاساس سياسية تستخدم الاعلام كي تدفع قضاياها الى الامام. ولهذا الغرض فانهم يوظفون رجال علاقات عامة، وناطقين ومستشارين اعلاميين. ويغرق هؤلاء الصحف ووسائل الاعلام الالكترونية بالبيانات الصحافية، والمؤتمرات الصحافية والجولات المغطاة اعلاميا لخدمة قضاياهم. وتستخدم وسائل الاعلام هذه المعلومات حسب مبدأ الاهتمام الجماهيري، ولكنها لا تكتفي بذلك. فهي ترى في هذه المنظمات اهدافا اعلامية يجب ملاحقتها ملاحقة دائمة لتحقيق حق الجمهور في المعرفة.

إن سلسلة التواصل الاعلامي هذه مبنية على الثقة المتبادلة بين مقدمي المعلومات، وهم في هذه الحالة، السياسيون والناطقون بلسانهم وبين الصحافيين والجمهور. ومن يكسر احدى هذه الحلقات في السلسلة يحدث أزمة اعلامية ويلحق ضررا بمصداقية المنظمة.

لو أن نتنياهو عقد اجتماعا مرتبا، ليس فقط في الجوانب الأمنية للرحلة إلى روسيا، بل وايضا في المغازي الإعلامية لها، لكان فهم على الفور بان لديه مشكلة تصل حتى الحرج، فالناطقة بلسان الديوان تنقل كل يوم إلى وسائل الاعلام الجدول الزمني العام لرئيس الوزراء. والهدف بالطبع هو الوصول الى اقصى قدر من الشفافية حول سلوكه. واذا لم ينقل هذا الجدول ليوم واحد فان هذا سيثير قلقا محقا في اوساط الصحافيين حول الحالة الصحية لرئيس الوزراء.

ماذا كان سيقترحه المستشار الاعلامي لنتنياهو؟ امكانيتان: اذا كان الحديث يدور عن نشر يمس بأمن الدولة، فانه يمكن استخدام الرقابة واذا لم يكن كذلك، يمكن الاعلان عن الرحلة من دون التطرق الى اهدافها الحقيقية. فللسياسيين بالتأكيد اسرار ولا يوجد ما يدعو إلى اشراك الجمهور فيها. بدلا من ذلك فان عصبة الاعتباط في المكتب كذبت وكشفت هدف اللقاء في آن معا.

كان ينبغي لنتنياهو أن يفهم منذ بداية الأزمة بانه عندما أعلن عنه كجندي مفقود فان الجدال لن يكون عن طبيعة زيارة رئيس الوزراء بل عن طبيعة رئيس الوزراء... في فترة ولايته السابقة وصل الى البلاد آرثور فينكلشتاين المستشار الاعلامي الأميركي لليكود. وبسبب الطبيعة السرية للزائر عمد الناطق بلسان نتنياهو شاي بزاك إلى النفي بان يكون هذا الرجل موجودا في إسرائيل. وفي الغداة نشرت صورة لفينكلشتاين صورة وهو يخرج من فندق "الملك داود" في القدس. وفي تلك المرة ضحى نتنياهو برأس بزاك ونفاه الى القنصلية في ميامي. أما في الحالة الراهنة فإن الضحية الدورية هو السكرتير العسكري لرئيس الوزراء. ولا بد انهم يبحثون له الآن عن قنصلية مناسبة، ربما في سيبيريا.

المستشارون يقالون او يستقيلون ولكن الضرر الحقيقي يلحق بنتنياهو. وإذا كان الكذب بلا قدمين، فإن له رأسا، حتى لو ادعى بانه لم يعرف بذلك مسبقا.