الرزاز.. حكومة كل 127 يوما

يُعيدنا رئيس الوزراء عمر الرزاز إلى الماضي الجديد، عندما كان متوسط أعمار الحكومات الأردنية يتراوح ما بين 10 و12 شهرًا.. ولكن هذه المرة بطريقة جديدة ومختلفة نوعًا ما، وإن كانت تصب في نفس الاتجاه وذات الأهداف.. فالرئيس الذي شكل حكومته في أوائل شهر حزيران من العام الماضي، أجرى حتى الآن أربعة تعديلات على حكومته، التي بات يُطلق عليها "النهضة" و"التشغيل"، ومن قبل صاحبة "العقد الاجتماعي الجديد".اضافة اعلان
لا نبالغ عندما نقول بأن الـ17 شهرًا الماضية من عمر حكومة الرزاز، كان عنوانها الأبرز "التخبط"، أو نستطيع القول "البحث عن هوية"، فبعد أربعة أشهر على تشكيل هذه الحكومة، أجرى رئيسها تعديلًا وزاريًا، سمته الأساسية كانت دمج ست وزارات، فضلًا عن حصول تسعة وزراء جُدد على حقائب وزارية.
وما يدل على أن هناك "تخبطا" أو نوعا من أنواع "التيه"، ما قام به الرزاز خلال التعديل الجديد، الذي جرى أمس، بإلغاء دمج الوزارات، التي عمل بالبداية على دمجها، حيث فصل التربية والتعليم عن التعليم العالي والبحث العلمي، والثقافة عن الشباب، والزراعة عن البيئة.
وما يدل أيضًا على عدم الانسجام بين أعضاء الحكومة من جهة، والرئيس وفريقه من جهة ثانية، هو كثرة التعديلات مع قلة الفارق الزمني بينها، إذ نُلاحظ أن الرزاز كان يُجري تعديلًا وزاريًا كل 127.5 يوم، أي بمعنى ثان كان هناك حكومة جديدة، أو على الأقل ضخ دماء جديدة في الحكومة، تقريبًا كل أربعة أشهر.. وبالمقابل لم يكن هناك إنجاز حقيقي يلمسه المواطن، باستثناء الرفع الممنهج للأسعار بشكل عام، والأساسية منها بشكل خاص، مع زيادة التضخم، وتآكل قيمة الأجور والرواتب، وهروب مستثمرين.
"حجة" الرئيس من التعديل هذه المرة، "أنه يأتي استحقاقًا لمتطلبات المرحلة المقبلة، التي تتطلب بذل المزيد من الجهود بما يسهم في تجاوز التحديات، وإنجاز أولويات الحكومة وخططها".. فهل سيجتاز ذلك بفريقه الجديد؟.
نتمنى أن يكون الرئيس قد نجح أو "توفق" في اختيار "حكومته الجديدة"، أي التعديل، فهو أمام أيام عصيبة، ليس عليه ولا على حكومته فقط، وإنما على كل الشعب الأردني، فالمرحلة المقبلة تتطلب استحقاقات، أهمها إنجاز ما طرحته الحكومة قُبيل أيام من مشروع "تنشيط وتحفيز الاقتصاد"، بالإضافة إلى زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين العسكريين والمدنيين، وتحسن مؤشرات محاربة الفقر والبطالة، وإيجاد فرص عمل للشباب الأردني.
نقطة ثانية، تتوجب على حكومة الرزاز بتعديلها الرابع، أن تعد العدة لمواجهة أعضاء مجلس النواب، والذي تبدأ دورته العادية الرابعة والأخيرة يوم الأحد المقبل وتنتهى مع أوائل أيار المقبل، حيث هؤلاء سيستخدمون كل ما هو مسموح لتبييض وجهوهم أمام قواعدهم الشعبية ولإرضائها في نفس الوقت، وسيحاربون بأيديهم وأرجلهم وأسنانهم كي يحصلوا على حقوق للمواطن، ولو كان الهدف من ذلك غايات انتخابية.
ويبقى السؤال، هل تستطيع حكومة الرزاز، بعد تعديلاتها الأربعة، أن تُعيد إليها الثقة ، التي تراجعت كثيرًا حسب استطلاعات رأي ومراكز دراسات، ناهيك عن عدم تحقيق إنجازات تُذكر على أرض الواقع؟