الرفاق حائرون.. والشباب قادمون!

إنهم يقلبون الطاولة..

إنهم يهزأون بالمحللين والدراسات والاستطلاعات..

إنهم الشباب يصنعون التغيير في العالم، ويقودون حركة الشعوب والمجتمعات.

اضافة اعلان

اختلف كل شيء، فنحن نشاهد الآن جيلا مختلفا وجديدا من الشباب الواعي، لم نكن نفهمه أو ندركه من قبل.. جيلا قاهرا وغير اعتيادي، جيلا غير مستهتر، كما كنا نراه ونعتبره سابقا، يعاند في طموحاته غير الواقعية، ويقصر في امكاناته المتاحة..

كم كنا نستخف بهم! كنا نسميهم، وللأسف، جيل الفيس بوك والتويتر؛ استخفافا بهم، وباهتماماتهم التي لم تكن تتخطى حاجز التسلية ومضيعة الوقت وقتله في كل ما هو عقيم وغير مجد، ولم نكن نعوّل عليهم في رسم خطوط المستقبل أو صياغة حياة جديدة وآمنة.

جيل اليوم أدهشنا وأربكنا، ولربما أحرجنا!

أدهشنا ذلك الجيل المغاير، وفاجأنا بقدرته على التعبير عن كل ما يجول بخاطره بشجاعة وتحد وقوة مطلقة لم نعهدها من قبل، كل ذلك بدا واضحا في ثورة الغضب التي انطلقت في مصر منذ أيام وقبلها في تونس، ثورة فجّرها جيل واع من الشباب الحالم، قادها عبر صفحات موقع الفيس بوك، وقرر أن يتكاتف ويتضامن معا لرفض الواقع، وتغيير الحال الذي لم يعد من المحال!.

أذهلونا حينما اكتشفنا بأنهم شباب ينتمون لجيل عنيد، واقعي، يعترف بالأرقام وليس بالأحلام فقط، يحلل ويطالب بحقه من دون تجن،ٍ مدججا بالقوة ومغلفا بالشجاعة. حين قرر النزول إلى الشارع للدفاع عن الحرية والكرامة، مستعينا بوسائل التكنولوجيا الحديثة التي ساعدته في تثبيت الرؤية الخاصة به في التعبير عن العدالة الاجتماعية التي يبحث عنها.

صفحات تضامنية كانت أولا بأول مع الحدث بتوقيع شباب استفادوا من التقنيات الحديثة، وخلال ساعات قليلة ضموا إليهم الآلاف من المنتمين بطريقة حضارية وراقية تعلي من شأن العقل والتفكير، ليحشدوا أعدادا مهولة من الأشخاص لتوحيد صفوفهم وتثبيت آرائهم وصناعة آمالهم، ومقاومة الاستبداد.

هؤلاء الشباب الذين تمردوا على واقعهم، هم الآن يصنعون المستقبل ويستمدون من أحلامهم القوة والعزم، رافضين الأفكار الانهزامية. الأحداث الأخيرة في مصر انبثقت من شباب حركة 6 إبريل، الذين مهدوا لتفجير ثورة الخامس والعشرين من يناير، وصنعوا تاريخا جديدا لمصر والعالم العربي.

الشباب هؤلاء لا ينتمون إلى أي تكتلات أو جماعات أو أحزاب سياسية تسيّرهم، وربما هذا هو سرّ مبادرتهم التي لا تعرف الخوف، ولا تخضع لحسابات السياسيين المفزوعين.

مفاهيم تنويرية مغايرة تشربها الشباب من جلوسهم الطويل أمام شاشات الكمبيوتر، ما ساهم بشكل إيجابي في نضج وعيهم، بعيدا عن الاستخدام السيئ للتكنولوجيا كوسيلة للتسلية والضياع والمتعة واللهو العقيم والثرثرة الفارغة. مفاهيم جديدة كانت كافية للاطلاع والغوص فيما يدور حولهم، ومراقبة كل ما يجري في بلادهم، وطرح هموم وقضايا ومشاكل يومية، للوصول إلى فكرة واحدة تحقق طموحاتهم وآمالهم.

تلك الأحداث أفرزت شبابا قادرا على صنع إعلام بصري خاص بهم، اعتمد على وسائل التكنولوجيا والهواتف المحمولة، وقدم مادة صوتية وبصرية ومعلوماتية كشفت الحقائق لحظة بلحظة وزودت الرأي العام بحقيقة الحدث، بدلا من الاعتماد على (إعلام التزييف الرسمي وغير الرسمي) الذي يعمل وفق أجندة لا صلة لها بالحقيقة.

شباب الفيس بوك خلقوا واقعهم الحقيقي في عالم كانوا يعتقدون، وكنا نعتقد، بأنه افتراضي ووهمي! لكن هذا العالم الجديد بات منبرا لهم في النقاش والإبداع والتحرر وتحطيم التابوهات وتفتيت القيود والسلاسل التي أحاطت بهم سنين طويلة.

إنهم يقلبون الطاولة، ويغيّرون وجه التاريخ.. ويصنعون البطولات!

[email protected]