"الرمضانية": صلة للرحم وتكافل اجتماعي في الشهر الفضيل

يقوم كثيرون بشراء “مونة رمضان” وإهدائها بقصد صلة الرحم -(تصوير: اسامه الرفاعي)
يقوم كثيرون بشراء “مونة رمضان” وإهدائها بقصد صلة الرحم -(تصوير: اسامه الرفاعي)

تغريد السعايدة

عمان- يحرص كثيرون على كسب الأجر والثواب في شهر رمضان فيما يمارسونه من طقوس دينية وعادات اجتماعية تدعو للتكافل والتراحم.
وتعد “الرمضانية” من تلك العادات التي تشيع لدى البعض عند حلول الشهر الفضيل، وعن ذلك تقول أم شادي: انها منذ أن تزوجت قبل ستة أعوام، وهي تسعد بكل ما يرسله لها إخوتها وأعمامها من “رمضانيات”، وهي هدية تُرسل عادةً في بداية رمضان مثل؛ الدواجن واللحوم والأرز، وغيرها من مستلزمات رمضان.
تقول أم شادي إن الرمضانية مهما كانت قيمتها إلا أنها تعتبرها “نوعا من صلة الرحم” التي تُشعرها بالفرح الكبيرة، كما أنها “تنم عن مدى المحبة والمودة” التي تلاقيها من أخوتها وأقاربها الذين يحرصون كل عام على تفقدها بـ”مونة رمضان”.
السبعينية أم ياسر ما تزال تتلقى “الرمضانيات” من أخوتها، والتي اختلفت عن الأعوام السابقة، كما توضح، إذ إنها كانت في السابق عبارة عن كمية من القمح أو السمن والزيت، واللحوم في بعض الأحيان، إلا أنها الآن تنوعت وزادت قيمتها المادية، منوهة إلى أنها تسعد بكل ما يقدمه لها أخوتها مهما كانت قيمته. وتبين أم ياسر أن أبناءها بعد أن كبروا وتزوجوا أصبحوا هم كذلك يرسلون لها الرمضانية، والتي عادةً ما تخبئها حتى تعاود إقامة وليمة لهم وجمعهم في منزل العائلة الكبير، لتزيد من فرحتها وبهجتها بالشهر الكريم.
كما تحرص أم ياسر على تشجيع أبنائها على إرسال الرمضانيات لأخواتهم المتزوجات، حتى تبقى هذه الظاهرة “عُرفا وتقليدا دائمين”، إذ إنها صورة من صور صلة الرحم والترابط بين الأخوة والأقارب على حدٍ سواء، إذ إن كثيرا من الأعمام يقومون كذلك بإرسال الرمضانيات إلى “الأرحام”.
من جهته، يؤكد منير أبو يامن الموظف في القطاع العام، أنه لم يتوان في كل رمضان أن يُرسل إلى أخواته المتزوجات الرمضانيات، كونه اعتاد على ذلك من خلال رؤية والده يرسلها إلى عماته منذ زمن طويل، إلا أنه غير في طبيعة الإهداء، فهو في العادة يرسل اللحوم أو أن يذهب ليزور شقيقته ويقدم لها مبلغاً من المال في بداية الشهر الفضيل.
ويعتقد أبو يامن أن هذه الصورة “الرائعة”، وفق وصفه، لا تظهر في كل مكان، إذ إن بعض زملائه في العمل يستهجنون تلك “العادة”، ويقولون بأنهم يكتفون بإقامة وليمة واحدة للأخوات والأرحام بشكل عام، غير أن أبو يامن يؤكد أنه لم يتوقف عن تلك العادة “الإيجابية والتي تساعده في صلة الرحم في رمضان، ومضاعفة الأجر والثواب”.
الاستشاري الاجتماعي والأسري ورئيس جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان يرى أن كثيرا من الاشخاص يعتبرون شهر رمضان ما هو إلا فرصة ثمينة لتمتين العلاقات الأسرية بين الأقارب وتقوية صلة الرحم، سواء من خلال ولائم رمضان الأسرية أو الزيارات والتواصل والالتقاء في المساجد وأداء صلاة التراويح والفجر جماعةً.
ويعتبر سرحان أن الرمضانيات وتوزيعها على الأرحام، من المظاهر “الجميلة التي تتسم بها بعض المناطق لاسيما العائلات الممتدة والاقارب المعتادون على التواصل.
والرمضانية، وفق سرحان، “من صور التكافل الأسري وتحمل في طياتها معنى دينياً وأسرياً وأخلاقياً، إذ تحرص الكثير من العائلات على اغتنام فرصة تجمع العائلة من أجل الإصلاح بين المتخاصمين، وإزالة التشاحن بين جميع الأطراف، كون الأجواء الروحانية تسيطر على الموقف والوازع الديني يطغى على المواقف العائلية”. وكغيرها من بنات عمومتها، تقول نسرين وهي أم لثلاثة أطفال، أن “وضعها المادي جيد”، إلا أنها لا تنكر أن الرمضانية لها “ميزة خاصة لديها ونكهة تشعرها بالسعادة”، خاصة وأن بعضها يكون مواد غذائية خاصة بشهر رمضان المبارك. ومن ذلك تبين نسرين أن أحد أخوتها أرسل لها مجموعة “غذائية رمضانية مميزة”، وهي عبارة عن مجموعة من العصائر الخاصة برمضان، وقمر الدين والتمور، وكمية من حلويات “القطايف”.
وحول أشكال الرمضانيات، يقول سرحان إن الأشكال تختلف وتتعدد باختلاف المجتمعات والأشخاص على حدٍ سواء، ولكن هناك صورا متعارفا عليها عند الجميع، ومن أبرزها “التقاء الأسرة وأرحامهم في بيت كبير العائلة في أول رمضان لتناول الإفطار، ثم يتم التناوب عند باقي الأخوة خلال الأيام الأخرى من رمضان”.
ومن المظاهر الأخرى للرمضانية، بحسب سرحان، هي إرسال مجموعة من المواد الغذائية التي قد تشمل اللحوم والدواجن والأرز ولوازم أخرى تغطي احتياجات البيت لإعداد وجبة إفطار، فيما يفضل آخرون إرسال مبلغ مالي، بحسب حالة الشخص المادية، فيما يختار البعض أن يولم لجميع أفراد العائلة ومن ضمنهم الأرحام في ديوان العشيرة أو بيت العائلة الكبير.
بيد أن سرحان يرى أن الظروف الاقتصادية “الصعبة والمتذبذبة” التي تعاني منها الكثير من العائلات في مجتمعنا فقد أصبحت الكثير من الأسر تحد من الرمضانيات أو المبالغة فيها، ومنهم من يتهرب من إقامتها، فيما ابتكر آخرون أشكالاً أخرى للرمضانية قد تكون باتفاق الإخوة جميعاً على التشارك في إقامة وجبة رمضانية للأرحام مرة واحدة، وليس بشكل دوري.

اضافة اعلان

 

tagreed.saidah@alghad,jo

@tagreed_saidah