الروابدة: مواجهة التحديات يستدعي وضع برنامج وطني يتضمن حكومات سياسية كفؤة

تيسير النعيمات عمان – اكد رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبد الرؤوف الروابدة، ان التصدي للتحديات التي يواجهها الاردن يستدعي وضع خارطة طريق واضحة، وبرنامج وطني ذي أبعاد زمنية ثابتة، يتم إقراره على غرار الميثاق الوطني، وتشارك فيه كل القوى والفعاليات الوطنية، وتتبناه الحكومات بإعطائه صيغة تشريعية. وبين الروابده في محاضرة القاها اول من امس بعنوان " التحديات التي تواجه الاردن " بدعوة من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة ان من عناصر هذا البرنامج حكومات سياسية كفوءة إدارياً وفنياً، تمارس ولايتها العامة وفق أحكام الدستور والقانون، بالتعاون والتوازي مع السلطة التشريعية . ودعا الروابده الى وضع قانون انتخاب توافقي، يمثل "بصدق "واقع الوطن و تطلعاته، و يستفيد من التجارب السابقة، ويحرك الأغلبية الصامته لضمان التمثيل الأشمل والأوسع. والمحاربة الجدية للمال السياسي والتدخل في الانتخابات. وطالب بتشجيع الحركة الحزبية، من خلال قانون الأحزاب، يضمن جدية تشكيلها واتساع قاعدتها، والتقليل من أعدادها بتوحيد المتماثل منها، لضمان دور فاعل لها في الحياة العامة. وشدد على ضرورة التطوير الجدي للإدارة العامة ، بوضع هيكل ثابت لها ، وخضوعها التام لمجلس الوزراء ورقابة مجلس الأمة ، واختيار القيادات العليا على أساس الكفاءة والنمو الطبيعي والتدرج الوظيفي. واشار الى اهمية وضع قانون جديد للإدارة اللامركزية ، يضمن المشاركة في القرار ، وعدم الاكتفاء بالمشاركة بالرأي، وتوفير تنسيق حقيقي بينها وبين المجالس البلدية باعتبارها مؤسسات أهلية. واكد ضرورة تقوية الهيئات المسؤولة عن النزاهة ومكافحة الفساد ، بأن تكون مؤسسات قضائية توحي بالثقة في جدية المكافحة. ويرى الروابده ان من عناصر البرنامج الوطني وضع خطة اقتصادية شاملة تكفل توزيع مكاسب التنمية بعدالة ، والحد من الإنفاق ووقف مشاريع الهدر غير المجدية ، وإقرار الخطة تشريعياً وتعزيز ثقة المواطن، وتوفير الانضباطية العامة وفق أحكام الدستور والقانون ووحدة التوجيه الديني عبر جميع مؤسسات الدولة، وتوفير كفاءات الوعظ والإرشاد، ومكافحة التطرف بنشر مبادئ الاعتدال والوسطية. وطالب بإنشاء منظمة شبابية واحدة تجمع الجهود المتعددة ، وتصعيد القيادات الطبيعية ، وإعادة العمل بمعسكرات الشباب، ودعم الرياضة وتوحيد مرجعية الإعلام الرسمي، وتوفير القيادات المسيسة الكفوءة. ونبه الروابده ان ما يطرحه أفكار أولية وتصورات مبدئية تحتاج لدراسة واسعة ومشاركة تامة لتجويدها وتحسينها. وعرض الروابده في بداية محاضرته ابرز التحديات التي تواجه الاردن والتي قسمها الى محورين الاول تحديات اساسية والثاني تحديات متغيرة مشيرا ان لكل وطن في الدنيا عناصر قوّة ، تمثل شرعيته ، وتضمن له الديمومة والتطوّر. وهذه العناصر في الأردن عديدة، يجب العناية بها والتركيز عليها. ولكن بالمقابل، تتعرض كل دولة الى مظاهر ضعف اصطلح على تسميتها لباقةً بـ "التحديات" . وهذه التحديات، إما ثابتة مستمرة، أو متغيرة تنجم عن أسباب داخلية او خارجية. وقال ان الأردن ليس استثناءً، فقد واجهت الدولة الأردنية منذ نشأتها العديد من التحديات البنيوية الداخلية والخارجية، وتتعرض من حين لآخر الى تحديات طارئة مستجدة. ويرى الروابده ان التحديات الأساسية التي تواجه الاردن هي التحدي الجغرافي اذ يقع الأردن في مركز الشرق العربي، وهو نقطة اتصال بين عناصره. كما أدى ذلك الموقع الى أن يجاور الأردن ثلاث دول عربية قوية وكبيرة ، تتباين أهدافها ومواقفها السياسية. أدى ذلك، وانطلاقاً من قدرات الأردن ، الى أن تحاول الدولة التكيف مع الأشقاء والتوافق معها أو مع بعضها على الأقل. هذه العملية الحرجة كانت تتم في معظم الأحيان على حساب المصلحة الأردنية. وأدى الموقع كذلك وفق الروابده الى أن يضم المجتمع الأردني مواطنين من أعراق وأجناس وفئات عديدة، الأمر الذي جعله الأكثر حساسية للتأثر بأي حدث يجري في أي دولة عربية أو إسلامية. كما أدى كذلك إلى أن توجد في الأردن لوبيات فاعلة لبعض الدول العربية. والتحدي الثاني الاساسي حسب الروابده هو التحدي التاريخي مبينا ان الأردن كان أحد دول بلاد الشام، التي كانت وحدة واحدة قبل التقسيم، فقد سهل ذلك محاولات الاختراق والتأثير، بدعوى أن البعض أصلٌ والآخر فرع، ومحاولات الاستقواء، بدعوى العمل الوحدوي بغض النظر عن المصالح الوطنية. ولقد دعم الإرث النبوي للقيادة شرعية النظام الأردني . ترتب على ذلك تفهم الدولة وتناغمها مع القوى الإسلامية المعتدلة، ما أدى لاحقاً الى خلافات حادة مع بعض الدول العربية والأجنبية التي تناوئ تلك القوى. وتعمّق هذا التحدي حين أصبحت بعض هذه القوى روافد لتنظيمات غير أردنية أو معادية للأردن، تنحو الى العنف. وبخصوص تحدي القضية الفلسطينية قال الروابده إن الأردن أوثق الأقطار العربية ارتباطاً بفلسطين. فهو الأقرب لها من حيث التاريخ والجوار والعلاقات والمصالح والديموغرافيا. ولذا فإن قضية فلسطين قضية وطنية داخلية مركزية وقضية عربية في الوقت نفسه، فقد امتزج الشعبان عبر التاريخ. واضاف ان الأردنيين تفاعلوا مع القضية منذ إرهاصاتها الأولى، فكانوا شركاء في جميع مراحلها وبكل الوسائل والسُبل. وفي حرب عام 1948 شارك الجيش الأردني بفعالية مميزة الى جانب الجيوش العربية، رغم شح الإمكانيات، وسانده العديد من المجاهدين. وحافظ الجيش الأردني على القدس العربية، وجزء من فلسطين صار يدعى الضفة الغربية، ومنح الأردن سكانها واللاجئين إليه الجنسية الأردنية. ثم جرت انتخابات في الضفتين ، انتهت بوحدة اندماجية لم تعترف بها دولة عربية. انتهت الوحدة بقرار فك الارتباط الإداري والقانوني عام 1988 نتيجة النضال الفلسطيني لإبراز الشخصية الوطنية الفلسطينية ، وإنشاء منظمة التحرير، واعتبارها عربياً الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ولما صار السلام في المنطقة خياراً استراتيجياً، انضمت المنظمة للقافلة العربية، وانتهى الأمر بقيام السلطة الوطنية على أرض فلسطين. ودخول عملية السلام في نفق مسدود. واعتبر ان هذا الأمر وضع على الأردن مسؤولية مضاعفة ليحافظ على العلاقة مع الأهل ودعمهم ، لحين الوصول الى حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وليستمر الأردن في دعم الأشقاء بكل السُبل وفي رعاية وخدمة الأوقاف ، وينهض جلالة الملك بمسؤوليته في الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية . كما يتحمل الأردن المسؤولية الرئيسية في موضوع اللاجئين من مواطنيه ومن أبناء غزة أو الضفة. اما بخصوص التحديات المتغيرة فان من ابرزها حسب الروابدهال تحدي السياسي. وبين ان النظرة العروبية تجذرت لدى الشعب والدولة منذ نشوئها. فقد أُسندت المسؤوليات لقيادات عربية مدنية وعسكرية وتعليمية. ترتب على ذلك عدم قيام تنظيمات سياسية أردنية حقيقية على أرض الأردن ، سوى أحزاب الأشخاص التي تقوم وتنتهي بسرعة. وكانت التنظيمات السياسية الأردنية روافد للتنظيمات الأيديولوجية على الساحة العربية أو الدولية. كما توارت أو وئدت الهوية الوطنية الأردنية التي لم تظهر إرهاصاتها إلا بعد بروز الحركة الوطنية الفلسطينية على أرض الأردن. وقال إن الهوية الواحدة هي الأساس الجامع لبناء الوطن في وحدة واحدة غير قابلة للتقسيم، وهي حق مطلق لكل من يحمل الجنسية الوطنية. ولا يجوز أن تعيش الى جانبها هوية وطنية أخرى، حتى لا يكون ذلك سبيلاً لتقسيم المجتمع، وسبيلاً لاستقواء البعض بالإقليمية. مؤكدا إن الرد الحقيقي على حلم العدو بالوطن البديل يكون بتعزيز الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية، كل منهما على أرضها، وفي ذلك مصلحة وطنية أردنية عليا لحماية الأردن وأمنه وسيادته من عبث الأطماع الإسرائيلية. وبين إن بطء تطور العملية الديمقراطية وتراجعها أحياناً، واستقواء بعض مراكز القوى عليها، وغياب الحركة الحزبية الفاعلة أو تشظيها ، أدى الى بروز قوى هامشية هلامية ، وتراجع دور القيادات السياسية. وعزز ذلك غياب الحكومات السياسية لحساب الحكومات التقنوقراطية التي عجزت عن فتح الأبواب لعلاقات إيجابية مع الجماهير، فتراجعت ثقة المواطن بمؤسسات الدولة. أما أخطر التحديات ، وفق الروابده فهو ما سينجم عن المشروع الأميركي بتصفية القضية الفلسطينية ، والذي أطلق عليه " صفقة القرن" . وبين "لقد أجّل الأشقاء الفلسطينيون بعض قضايا الحل الى المرحلة النهائية. انتهز ترامب الفرصة السانحة، وهو يرى تداعي النظام العربي ، واحتدام الصراعات العربية بشكل أزاح القضية مع المحتلين عن صدارة قائمة الأولويات . بدأ بإنهاء تلك القضايا واحدة بعد أخرى حتى لا تبقى مجالاً للتفاوض. القدس وحق العودة والمستوطنات والأمن والحدود، وأضاف إليها الجولان السوري. ارتاح كثيراً وهو يرى رد الفعل العربي الضعيف، ومحاولات البعض اختراق قواعد الصراع مع العدو. بقيت لديه قضية واحدة؛ وهي إدارة مصير الفلسطينيين في الضفة والقطاع بشكل يضمن أمن اسرائيل. إن الرفض المطلق لهذا المخطط سيأتي من الأردن والفلسطينيين على الأرض الفلسطينية". وقال لقد أعلن جلالة الملك الرفض التام لآثار المخطط في موضوعات القدس والوطن البديل والتوطين. إلا أن الإعلان المتوقع بعد رمضان للصفقة سيجد الرفض المطلق من الشعب الأردني، وسيجري استغلال شكل الرفض وأسلوبه من قوى عديدة يتوقع أن تزعج الدولة الأردنية. اما التحدي الاقتصادي: وهو تحد "طويل المدى منذ التأسيس"، فهو ناجم عن ضعف الموارد الطبيعية ونقص المياه. يتظاهر هذا التحدي بالبطالة والفقر وارتفاع المديونية وتزايدها المتسارع بالأرقام المطلقة ، وعجز الموازنة المتراكم. وبالرغم من الجهود والتشريعات، فما زال الاستثمار دون الهدف المنشود في المجال الصناعي، ومعدوماً في مجال الزراعة، وضعيفاً في مجال السياحة. انصب الاهتمام على العقار، الأمر الذي أدى لارتفاع خيالي في أسعار الأراضي والشقق، أضعف قدرة المواطن على تأمين السكن المناسب . زاد الطين بِلّة بالهجرتين: العراقية والسورية. وقال لقد أدت الحاجة الى الاستثمارات في مرحلة سلفت الى استقواء رأس المال، وتحكمه بمفاصل الاقتصاد الوطني ، وتمرير القوانين المؤقتة التي تخدمه. وترافق كل ذلك مع استشراء الفساد المالي واختراقه مفاصل الإدارة الوطنية، ونشوء قوى هامشية جمعت المال بأساليب ملتوية، وأصبحت مراكز قوى اقتصادية وإدارية وسياسية. أقامت الدولة مؤسساتها لمكافحة الفساد الى جانب ديوان المحاسبة صاحب السلطة الدستورية ، إلا أن دورها لم يحزعلى ثقة المواطن بجدية تامة تطال كل القضايا والمشاريع. وبخصوص التحدي الإدارييرى الروابده ان الإدارة الأردنية التي كانت متميزة،تراجعت وأصبحت تعاني عديداً من الأمراض البنيوية ومنها التجرؤ على الهيكل التنظيمي للدولة ولكل وزارة ودائرة ، وجرى التغيير مع كل وزير او قائد إدارة جديدة ، الأمر الذي أدى الى أن يفقد المواطن والموظف البوصلة لتعدد الهياكل. ومن الامراض البنيوية التي عانت منه الادارة اختراع سلالم عديدة للرواتب بدعوى مكافأة الخبرات "فاختلت قناعة الموظفين ، بدأت عملية الاستزلام لمراكز القوى للفوز بالمواقع والرواتب العالية ، فأدى ذلك الى إحباط موظفي الخدمة المدنية". كما جرى تحديد علاوات مجزية لبعض المهن بدعوى أهميتها او قدرتها على الضغط بواسطة نقاباتها. فأصبح التمايز في دخول الموظفين كبيراً، وجرى تجاوز مهمة كالتعليم ، فاختل ميزان التعليم الجامعي بسبب الإقبال على الدخل العالي والعزوف عن المهن الأخرى ، إلا لمن تدنى معدله في التوجيهي. وتميز التطوير الإداري بالنمو البرعمي بخلق دوائر ومؤسسات تفصّل على المقاس لمهمة أو شخص أو لحل مشكلة تفاقمت. وامتد هذا الأمر للحديث عن استقلالية المؤسسات المستحدثة ، فتحوّلت الى إمبراطوريات لا تلتزم كثيراً بخطط الدولة، وبضعف الإشراف العام عليها. واختلت عملية المساءلة بافتعال الربط الإداري برئيس الوزراء. ام التحدي التربوي فان المؤسسة التربوية مؤسسة محافظة بطبيعتها "ولذا يجب أن يكون التطوير متدرجاُ، ومن داخل الجهاز التربوي وينطلق من بناء قناعات ذاتية عند الجهاز التربوي. إن النقلات الفجائية الصادمة تفقد المعلم البوصلة. فالفكر التطويري يجب أن يكون مؤسسياً لتربية قناعات تربوية وسياسية واجتماعية تضمن استمراره، ويجب أن يكون واقعياً بعيداً عن المظهرية والنظريات المجردة التي يجب مواءمتها مع قدرات المؤسسة التربوية. وبين أبدعنا في إعداد المناهج والكتب المدرسية ، وإن شاب بعض تطوير المناهج مظهرية إعلامية وتعددية في مراكز المسؤولية. إلا أن المعلم، وهو عماد العملية التربوية ، بقي الى حد كبير بعيداً عن عملية التنمية والتطوير من داخل المؤسسة التربوية. ومازال المنظرون التربويون يتحدثون عن الفكر المستقبلي ، إلا أن المعلم في الميدان ما زال يعمل بالأسلوب والمفاهيم نفسيهما. ولم تعد تتوفر للمعلم مصادر رضى كافية من حيث بيئة العمل والرواتب والحوافز ، وإمكانيات الترفيه. وأصبحوا يعانون من القيادات التربوية وأولياء الأمور والطلبة. وقلّ الإقبال على المهنة ، وتراجعت الهيبة والمكانة الاجتماعية، ودخلنا دوامة الدروس الخصوصية التي تدمر العملية التربوية ، وترهق أولياء الأمور. والأعجب أننا بدأنا نشهد طبقية في التعليم بنشوء مؤسسات تربوية خاصة ذات نظم تعليمية دولية وبرسوم باهظة، يتأهل خريجوها للدراسات العليا في الداخل والخارج ، ويصبحون قيادات المستقبل على حساب أبناء المواطنين العاديين من خريجي مدارس الحكومة. وبين لقد تطورت نظرية التعليم للجميع، الى التعليم المتميز للأقدر مالياً ، وسوف يتبع ذلك استقطاب هؤلاء للوظائف المتميزة في القطاعين العام والخاص. وبشأن التحدي الاجتماعي بين الروابده انه وبعد تراجع الحركة الحزبية: محلياً وإقليمياً ، تجري العودة الى عناصر التجمع التقليدية، حيث يجد الإنسان حمايته ومجاله للتعبير ، وتتوفر له إمكانية الاستقواء على الدولة والآخرين. وبدأنا نشهد منذ فترة محاولات البعض للاستقواء بالعشائرية والجهوية والإقليمية " ومن عجب أن تقوم أحياناً مؤسسات مجتمع مدني تتلقى أحياناً الدعم من قوى خارجية لا مصلحة لها بالوحدة الوطنية في الأردن. والأعجب أن تمارس ذلك قيادات سياسية وإدارية كانت من صناع القرار ردحاً من الزمن. يتعزز هذا التشظي بأن الحكومات غالباً ما تستجيب لذوي الصوت العالي". واشار ان ذلك يترافق مع كل ما سبق مع اختلال في منظومة القيم والتقاليد العربية والإسلامية ، واستشراء قيم المجتمع الاستهلاكي المنفلت، وانتشار ثقافة العيب، وفي أحيان كثيرة تقبّل ظاهرة الفساد المالي والإداري والاستفادة منها ، وانحسار ظاهرة رفضها ومحاربتها. وحول تحدي التطرف: قال يجتاح التطرف العقدي العالم منذ مدة طويلة، ولن يبقى مجتمع في منأى منه، على اختلاف في السبب والدرجة والأسلوب. وتابع إن التطرف نتيجة حتمية لجميع الإحباطات الداخلية في الدولة. ويزيد من حدة التطرف الرعب من المجهول ، وعدم الاطمئنان للمستقبل ، وسرعة التغيير واختلال المستقر من قواعد الصراع مع الأعداء والرعب من الاستقواء الخارجي ، وانتشار الأسلحة المدمرة والأمراض الفتاكة والمخدرات. وقال بدأت هذه الظاهرة بالتسلل الى المجتمع الأردني منذ مدة. كان يتجلى ظهورها ، كما في البدايات في مواقع أخرى، بالتصرفات الاجتماعية او اللباس او عناصر التجمع والتثقيف والتربية. إلا انها بدأت تتظاهر بتنظيمات تخرج على المجتمع وترفض مقاييسه. وبدأت تمارس العنف والتدمير الذاتي، وتشارك في أحداث ومعارك في دول أخرى. وبدأنا نرى الى جانب ذلك عنفاً مجتمعياً تغلغل حتى وصل الى مراكز التعليم. واكد ليس بالإمكان اقتصار مواجهة هذه الظاهرة على الأجهزة الأمنية، وإنما يجب تحصين المجتمع ضد استيرادها والتأثر بها واقتدائها. مستدركا ان الخطير في الأمر أن مؤسسات التربية والثقافة والتوجيه الديني ، المفترض فيها تعزيز الحصانة الوطنية ، غدت في أحيان عدة مراكز لتفريخ التطرف، ترعاه ، أو تكافئ المتطرف، قناعة بعمله او إكتفاء لشرّه. واكد الروابده إن الحديث عن التحديات ليس دعوة للإحباط، وإنما هو دعوة للتفكير الجاد بمواجهتها" فأسلوب المواجهة هو الذي يحدد ما اذا كانت تلك التحديات عناصر ضعف أو أسباب قوة. إنما السكوت عليها و عدم التصدي لها بواقعية وفاعلية يجعلها عوامل تؤدي إلى تعاظم هذه التحديات وتحوّلها لمشكلات مزمنة وتآكل البنية الوطنية وإضعاف التلاحم المجتمعي، أما تحديدها بوضوح والتصدي لها بوعي و إضعاف آثارها، فإنه يكون بدايةً العلاج ويؤدي إلى تجذير التلاحم الوطني والاستقواء على كل القوى و الجهات والعناصر التي تحاول التأثير في القرار الوطني.اضافة اعلان