محمد عمّار
عمان– يخطئ من يظن أن الرياضة ما تزال أمرا ثانويا في الحياة، ومن ما يزال يظن أن الرياضة ليست سوى نشاط ترفيهي، كما كان عليه واقع حال الرياضة سابقا، فالرياضة أصبحت تقوم وفق منهجية ونمط تفكير ونشاط اقتصادي عملي، وذات أبعاد ثقافية واجتماعية مهمة، ومن هنا ينطلق الرياضي نحو آفاق عديدة لتحقيق الإنجازات على الصعيد الشخصي، وأخرى على الصعيد الوطني.
ومن الملفت للنظر، أن بعض الحكومات، ما تزال تتعاطى مع الرياضة بكونها خارج دائرة الأهمية وبالتالي الاهتمام، خصوصا في ظل مرحلة جائحة كورونا، وفي وقت يسعى فيه العالم الغربي سريعا للعمل على فتح أبواب الأندية الرياضية في سياق خطواته لمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي ضربت العالم في زمن "كوفيد 19"، الذي أثار الرعب في كافة الأوساط الدولية.
الرياضة كانت وماتزال وستبقى، هي الرئة التي تتنفس منها المجتمعات المتطورة، وربما لا تخلو أي جلسة سياسية، اقتصادية وحتى اجتماعية من تواجد الشق الرياضي في جوانب الحديث العام، في مؤشر على كون أن الرياضة تشكل ركنا أساسيا في الحياة، من حيث الممارسة والمشاهدة، ما يساعد على توجيه الريع والدعم نحو الرياضة من قبل أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبرى في العالم.
الرياضة هي نمط تفكيري ومنهجية تعمل على صياغة مفردات الحياة أمام الممارسين والمتابعين والداعمين على حد سواء، وذلك عبر التنافس الفردي من خلال الحصول على الميداليات في الألعاب الفردية، وصولا إلى الفوز بالكؤوس والألقاب في الألعاب الجماعية المختلفة.
في الزمن الراهن، تعد الرياضة إحدى أبرز الواجهات الاقتصادية للعالم، وعلى المستوى المحلي، ربما لا يعلم أصحاب القرار في الحكومة أن هناك أكثر من 50 ألف رياضي في مختلف الألعاب، يعتاش أغلبتهم على ممارسة الرياضة، ومن المؤكد هناك اعداد اكبر تعتاش خلف هؤلاء الرياضيين.
وفي هذا المقام، لا بد من الإشارة إلى أن أكثر الشركات شهرة في العالم، هي تلك التي تتوجه لرعاية أو دعم أحد الأندية العالمية الشهيرة، وذلك لتسويقها، فيما تتعامل أغلب دول العالم باعفاءات خاصة لتلك الشركات التي تقوم برعاية تلك الأندية، ويحرص مهندسو الضرائب في العالم على ايجاد صيغة تخص الشركات التي تساهم برعاية الأندية الرياضية أو اللاعبين، لتخفيف العبء الضريبي عنها، نظرا لمساهمتها في إبعاد الشباب عن مخاطر الحياة.
وتعمل الرياضة كثيرا على تشجيع الاقتصاد، من خلال تسويق منتجات تلك الأندية، أو من خلال الحضور الجماهيري الذي يعمل على فتح (الاقتصادات) بكافة اشكالها.
وعندما توقفت الرياضة في الوطن، فقد ساهمت في توقفت الحركة التجارية بشكل عام، وخصوصا في مرافق المدن الرياضية وحولها، من محال تجارية ووسائط نقل، وتجمد أنشطة المئات من اللاعبين، المدربين، الاداريين، الجماهير والإعلاميين، وأصبح الأمل يحدو الجميع بعودة الرياضية، لتعود الحياة الى طبيعتها، وتعود الصالونات للحديث في الرياضة والتوقعات والترشيحات.
الرياضة هي ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
والرياضة ثروة وطنية لا تقدر بثمن، وهي إحدى الركائز الأساسية للمجتمع، وللعلم فإن قيمة رعاية البث التلفزيوني من الدوري الإنجليزي وحده يصل الى مبلغ 8 مليارات دولار؟، وهذا الرقم يعتبر اكثر من ميزانية دول، وحتى عند إقامة مباراة بين برشلونة وريال مدريد على سبيل المثال، فإن أثمان اللاعبين في (المستطيل الأخضر) تزيد عن عدة مليارات من الدولارات، وتدفع الدول مليارات من الدولارات لاستضافة احداث رياضية مثل كأس العالم أو دورات أولمبية أو بطولات أوروبا وأميركا اللاتينية وحتى البطولات الآسيوية؟، وتسارع لهذه الغاية في إجراء صيانة لمنشآتها الرياضية او بناء منشآت جديدة، ومن شأن ذلك تفعيل دورة الحركة الاقتصادية في الدولة، جراء اقامة العديد من المباريات القوية؟، واعداد الجماهير التي تسافر إلى الدولة المعنية للوقوف خلف منتخبات بلادها.