الزراعات التعاقدية.. هل تكون طوق نجاة للقطاع بوادي الأردن؟

حابس العدوان

يجمع مزارعون ومعنيون بالشأن الزراعي أن النهوض بالقطاع في وادي الأردن مرهون بإيجاد حل لمشكلة التسويق، مشيرين إلى أن الزراعات التعاقدية تعتبر أهم هذه الحلول التي قد تكون طوق نجاة لانتشال القطاع من حالة الوهن التي المت به منذ ما يزيد على 10 سنوات.

الزراعات التعاقدية هي نظام يحدد العلاقة بين المزارع والمسوق بهدف تأمين الإنتاج الخضري وفق مواصفات تتوافق مع متطلبات الأسواق العالمية مقابل الالتزام بشراء كامل الإنتاج وبأسعار محددة مسبقا. ويبين الخبير الزراعي المهندس عبدالكريم الشهاب أن مفهوم الزراعة التعاقدية يعتمد على عقد اتفاق بين المزارع والمسوقين سواء شركات أو أفراد يتم بموجبه تأمين المزارع بالبذار المراد زراعته ودعم مادي لإنتاج أصناف معينة ضمن مواصفات ومعايير تتوافق مع متطلبات الأسواق المستهلكة، على أن يتم التعهد من قبل المسوق بشراء كامل الإنتاج وبالسعر المتفق عليه بالعقد المبرم بينهما. ويضيف أن هذا النمط عادة ما يحقق فائدة جيدة للمزارع لأنه يعرف ان جهده وتعبه لن يذهب هدرا وان انتاجه سيباع بسعر جيد يضمن له حياة كريمة ويمكنه من مواصلة العمل للمواسم القادمة، لافتا إلى أن هذه التجربة لاقت نجاحا باهرا قبل أكثر من عقد حين وصل عدد البيوت الزراعية التي جرى التعاقد على زراعتها إلى حوالي 25 ألف بيت بلاستيكي قبل أن تفشل مع بدء الأحداث الأمنية في المنطقة وإغلاق طرق العبور إلى تركيا وروسيا وأوروبا. ويقول الشهاب “نجاح التجربة اليوم يبقى مرهونا بنجاح واستمرار الشركة الأردنية الفلسطينية التي أخذت على عاتقها البدء بهذا العمل من جديد، وقدرتها على فتح أسواق تصديرية جديدة والتوسع بهذا النمط ليشمل عددا أكبر من المزارعين في المواسم المقبلة”، مؤكدا “أن الزراعات التعاقدية على الأغلب هو طوق النجاة الذي طالما انتظره المزارع في وادي الأردن لانتشاله من مسلسل الانتكاسات المتكررة”. وكانت الشركة الأردنية الفلسطينية لتسويق المنتجات الزراعية قد قامت بتوقيع عدد من العقود مع مزارعين لزراعة عدد من الأصناف المخصصة للتصدير إلى الأسواق الأوروبية وفق المواصفات الأوروبية المتعاقد عليها مع هذه الدول. ويبين مدير عام الشركة علاء الدين أبوالخير أن الشركة قامت بتوقيع عقد مع دولة المجر / هنجاريا لزراعة وتصدير 500 طن من الفلفل الهنغاري بقيمة مليون دولار أميركي وتوقيع عقد آخر مع احدى الشركات لتصدير 1000 طن فلفل بلوكي إلى هنجاريا ورومانيا وبولندا والتشيك. وأضاف أنه تم التعاقد مع شركة هولندية كبرى على التمثيل التجاري للشركة ومنتجاتها في هولندا والمانيا وعدة دول أوروبية، لافتا إلى أن الجهود التي تبذلها الشركة سيكون لها أثر إيجابي على القطاع الزراعي الأردني من خلال التواصل مع الأسواق الخارجية عبر إبرام اتفاقيات مع المستوردين في الخارج وتوجيه المزارعين لزراعة احتياجات الأسواق الخارجية بعد ان يتم دراسة احتياجات هذه الأسواق للموسم المقبل. ويصف أحد المزارعين المتعاقدين مع الشركة نعيم أبودوش نظام الزراعات التعاقدية بالناجح كونه يدرء شبح الخوف من تكبد الخسائر نتيجة عدم وجود أسواق أو حدوث فائض بالإنتاج، لافتا إلى أنه ومنذ سنوات لم يشعر باريحية واطمئنان اثناء الموسم كما هو عليه الآن، لأنه يعرف أن إنتاجه سيباع وبسعر جيد يمكنه من تغطية تكاليف الزراعة ومواصلة العمل للمواسم المقبلة. ويقول”إنه تعرض لخسائر كبيرة ومتتالية في المواسم الماضية ارغمته على التخلي عن زراعة جزء كبير من الأرض التي اعتاد على زراعتها سنويا”، مضيفا ان الشركة قدمت له دعما ماديا وبذارا لزراعة 250 بيتا بلاستيكيا وهو أمر لا يمكن المجازفة به دون وجود تعهد بشراء المحصول بأسعار ثابتة ومحددة مسبقا. ويبين أبودوش أن الشركات التعاقدية لديها القدرة على التسويق وإيجاد أسواق تصديرية وفتح أسواق جديدة وهو أمر طالما تمناه المزارعون للعودة الى ما كان عليه القطاع قبل عقد من الزمان، مشيرا إلى أن مساهمة الحكومة بالشركة منحهم الاطمئنان لان تجاربهم السابقة مع أفراد باءت بالفشل والخسارة الثقيلة حين تم إغلاق طرق الوصول إلى الأسواق المتعاقد لها كتركيا وروسيا. ويوضح أن مثل هذه الزراعات تشكل بيئة مناسبة للنهوض بالمنتج الأردني والإنتاج بأفضل المواصفات المطلوبة للأسواق العالمية، خاصة فيما يتعلق بالتسميد والرش والوصول بالإنتاج إلى حجم معين وجودة مثالية للحصول على أفضل الأسعار، أملا أن يتم تعميم هذه الفكرة لتشمل شريحة أوسع من المزارعين وبالتالي سيعود النفع على بقية المزارعين الذين سيتمكنون من تسويق إنتاجهم بأسعار أفضل مع تراجع الكميات المنتجة للأسواق المحلية. ويؤكد تاجر المواد الزراعية نواش العايد أن تجربة الزراعات التعاقدية اثبتت نجاحا سابقا وتكاد تكون أفضل الحلول للنهوض بالقطاع الزراعي، لافتا إلى أن نجاح هذه التجربة مجددا سينعكس إيجابا على كافة عناصر القطاع الزراعي بدءا من المزارع إلى التاجر وقطاع مستلزمات الإنتاج والنقل والأيدي العاملة وغيرها من القطاعات التي تعتمد في عملها على القطاع الزراعي. من جانبه، يؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة لورانس المجالي أن الوزارة تعمل جاهدة على حل مشكلة التسويق التي تعتبر المعضلة الأهم التي تواجه المزارعين، إذ جرى تأسيس الشركة الأردنية الفلسطينية لتسويق المنتجات الزراعية والتي سيكون لها دور مهم في تصدير المنتجات الزراعية إلى الأسواق العالمية. ويبين أن دور الشركة سيشمل الحفاظ على الأسواق الخارجية التقليدية وتعزيزها وفتح أسواق جديدة داخل وخارج الإقليم وتنظيم السوق المحلي ومعالجة التشوهات من خلال آليات تنافسية مناسبة مثل التعبئة والتدريج والتغليف ودراسة احتياجات السوق والعمل على الزراعات التعاقدية التي تتيح لصغار المزارعين التوجه نحو الزراعة المناسبة للتسويق وتنظيم شكل التعامل مع السوق من قبل المزارع وتخفيف المخاطر التسويقية.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان