الزراعة في وادي الأردن.. عزوف العمالة المحلية ونقص بـ"الوافدة" وغياب لأسواق التصدير

figuur-i
figuur-i

حابس العدوان

وادي الأردن – في الوقت الذي ما يزال الواقع الزراعي يشهد تحديات كبيرة، حالت دون تمكينه من القيام بدوره في تنمية المجتمعات المحلية اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، تقف مشكلة العمالة الزراعية كأحد أهم المعضلات، التي تشكل حجر عثرة في طريق نموه وازدهاره، سيما مع نقص العمالة الوافدة، وعزوف الشباب الأردني عن العمل فيه، كونه لا يوفر راتبا دائما، وتأمينا صحيا وضمانا اجتماعيا.اضافة اعلان
فما بين مطرقة عزوف العمالة المحلية وسندان نقص الوافدة وارتفاع أجورها، تزداد معاناة المزارعين الذين يصارعون للبقاء في المهنة، في ظل أوضاع صعبة للغاية للزراعة نتيجة إغلاق الأسواق التصديرية الرئيسة أمامها وما نتج عنها من اختناقات تسويقية وتدني أسعار البيع وخسائر تراكمت سنة تلو الاخرى.
ويرى المزارع عاهد الشوبكي، ان المزارع قبل الأحداث الأمنية في دول الجوار لم يكن يشعر بمشكلة العمالة لان المردود الجيد العائد عليه من بيع انتاجه، كان يغطي جميع التكاليف بما فيها أجور العمالة وان كانت مرتفعة، لكنه يوضح انه" بعد إغلاق الأسواق وتراجع الأسعار بشكل كارثي باتت الكلف تثقل كاهل المزارع خاصة أجور العمالة التي يجب توفيرها بشكل آني دون تأخير، والا فان المزارع لن يجد عمالا للقيام بالعمليات الزراعية وهو ما حصل فعلا مع بعض المزارعين الذين اهملوا محاصيلهم لعدم تمكنهم من توفير أجور العمال".
ويضيف هذا الأمر ينطبق على جميع العمال سواء الأردنيين أو الوافدين إلا ان قيام الحكومات المتعاقبة بتشديد القيود على العمالة الوافدة فاقم من المشكلة وحشر المزارعين في الزاوية وابقاهم تحت رحمة العمال الذين باتوا يتحكمون بسوق العمل الزراعي، لافتا إلى ان الأمر انعكس سلبا على القطاع برمته إذ عجز غالبية المزارعين مواسم عدة عن تجهيز اراضيهم او القيام بالعمليات الزراعية الضرورية سواء بسبب نقص العمالة أو ارتفاع أجورها أضغافا مضاعفة.
ويقر مدير زراعة وادي الأردن الأسبق المهندس عبدالكريم الشهاب، بصعوبة إحلال العمالة الأردنية مكان العمالة الوافدة في الوقت الحالي كون العمل في القطاع الزراعي لا يلبي طموحات واحلام الشباب، خاصة في ظل عدم وجود تأمين صحي أو ضمان اجتماعي والعوامل الاجتماعية الاخرى.
ويرى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة الحقت ضررا بالقطاع الزراعي مع عدم توفر البديل لها، موضحا ان العمل على احلال العمالة الأردنية مكان الوافدة يجب أن يكون تدريجيا على مدى سنوات مصحوبا بحوافز واعفاءات للمزارعين لتشجيعهم على ذلك.
ويزيد أن من أسباب عزوف العمالة الأردنية عن العمل في القطاع الزراعي، عدم وجود أنظمة وتشريعات لحماية العمالة الأردنية وعجز الحكومة عن توجيه الشباب المتعطل للعمل في القطاع عن طريق وضع خطط وبرامج تدريب وتشغيل، مضيفا ان ضعف الأجور واعتماد المزارعين على العمالة منخفضة الأجر اسهم في عزوف الغالبية العظمى من العمالة الأردنية عن العمل في القطاع والتوجه لقطاعات اخرى تحقق له استقرارا وظيفيا دائما.
ويرى الشهاب الحلول لمعالجة مشكلة العمالة في القطاع، تكمن في وضع التشريعات اللازمة لدفع الشباب الأردني إلى الاقبال على العمل في القطاع، خاصة فيما يتعلق بظروف العمل والحد الأدنى للأجور والزامية الشمول بمظلة الحماية الاجتماعية، مشددا على أهمية التأهيل والتدريب من خلال الكليات والمعاهد ومراكز التدريب لايجاد عمالة كفؤة قادرة على الحلول مكان الوافدة.
ويشدد على ضرورة اعادة النظر في الإجراءات، التي اسهمت في تناقص اعداد العمالة الوافدة، والتي انعكست سلبا على القطاع برمته خاصة في مثل هذه الظروف التي يعيشها القطاع.
ويبين المزارع نواش العبادي، أن ارتفاع أجور العمالة الزراعية خلال السنوات الاخيرة زادت الاعباء المادية على المزارعين، إذ ارتفعت أجرة العامل لتصل إلى ثلاثة دنانير للساعة الواحدة، مؤكدا أن الخاسر الأول والأخير من قرارات وزارة العمل بالتضييق على استقدام العمالة الوافدة هو المزارع والقطاع الزراعي ككل.
ويوضح أن كلفة الأيدي العاملة للبيت البلاستيكي تصل إلى 500 دينار خلال الموسم، وإذا ما اضيف اليها اثمان المواد الزراعية والمياه والأجور وغيرها فان أي ناتج سيكون خاسرا، مبينا أن نقص العمالة ورفع أجورها بنسبة 50 % الأمر الذي سيؤدي إلى استنزاف ما يزيد على ثلث الإنتاج لاي مزرعة.
ويقول المزارع موسى العدوان ان أجور العمالة الزراعية تشكل ما يقارب من 30 % من مجموع الكلف الزراعية، ما يجعل منها عقبة حقيقية أمام تطور القطاع الزراعي، الذي يعتمد بشكل كبير عليها خلال جميع مراحل العملية الزراعي بدأ من تجهيز الأرض وحتى الحصاد، موضحا ان ما زاد الطين بلة ان الحكومة ونتيجة للإجراءات التي قامت بها خلال السنوات الماضية اسهمت في ارتفاع اجور العمالة الوافدة ونقص اعدادها بشكل كبير دون توفير البديل ما فاقم من المشكلة.
ويشير إلى ان العمل في القطاع الزراعي يحتاج إلى جهد بدني
وطوال اليوم، وهو الأمر الذي لا يقبله العامل الأردني، لافتا إلى أن العمالة الوافدة وخاصة المصرية تعتبر عصب القطاع الزراعي ولا يوجد بديل كفؤ ليحل محلها.
من جانبه يرى رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، ان العمالة الأردنية لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تكون بديلا عن العمالة الوافدة، لان القطاع الزراعي لا يوفر الاستقرار الوظيفي أو تأمين صحي وضمان اجتماعي، مرجعا ذلك إلى أن العمل في القطاع موسمي وليس دائما في حين أن العامل الأردني يجد صعوبة في التكيف مع بيئة العمل في الزراعة مع وجود بعض الأعمال الشاقة والتكيف مع ساعات العمل.
ويؤكد انه ومن هذا المنطلق فان الإجراءات التي قامت بها الحكومات على مدى السنوات الماضية فاقمت من مشاكل القطاع، مشيرا إلى أن جميع الجهود الرامية للنهوض بالقطاع تصطدم بتحدي نقص العمالة.