الزمن التعليمي الوليد.. أيقظوا طلّابنا

بعد نحو 45 يومًا سيتقدم ما يقرب من الـ178 ألف طالب وطالبة لامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)… وبما أننا على أبواب الثورة الصناعية الرابعة، إن لم يكن بالفعل قد دخلناها، فإنه يترتب على هؤلاء الطلبة وأولياء أمورهم، وكذلك مؤسسات التعليم العالي مجتمعة، أن يغيرون من طريقة تفكيرهم، في التوجه نحو التخصصات التي يحتاجها العالم، ومن ضمنه الأردن.اضافة اعلان
الكثير من الدول، ومن ضمنها الأردن أيضًا، تقاعست عن إعداد خرائط طرق، قابلة للتنفيذ، للتعامل مع تلك “الثورة”، بإيجابياتها وسلبياتها، وكأن لسان حالها كان يشير إلى أن الأمر يتطلب عدة أعوام أخرى، حتى تكون في صلب ذلك الموضوع، إلا أن جائحة فيروس كورونا المستجد، عجلت بذلك، فعلى رأي المثال القائل “رب ضارة نافعة”.
أعمى البصر والبصيرة، من يشك بأن المؤسسات التعليمية الأردنية، تُخرج منذ أعوام، عشرات الآلاف من البطالة، والتي قد يعتبرها البعض بطالة مقنعة، فما تزال جامعاتنا تُدرس تخصصات، يُطلق عليها مشبعة، بالإضافة إلى أنها لم تعد مطلوبة أو أن السوق أصبح فعلًا ليس بحاجتها، وما يدل على ذلك دراسات أشارت إلى أن السوق الخليجي فقد خلال خمسة أعوام فقط، حوالي 21 بالمائة من الوظائف، التي كانت مطلوبة وموجودة في العام 2015.
يتوجب على أصحاب القرار بشكل عام، والمؤسسات التعليمية بشكل خاص، أن تلتقط هذه الإشارة المهمة، و”الخطيرة” في نفس الوقت، إن لم يُحسنوا التعامل معها.. إذ يقع على عاتقهم، جميعًا، أن يضعوا خطة للتوجه إلى التخصصات والوظائف والمهن، التي يحتاجها العالم، في الأيام المقبلة.
قد يقول، قائل، بأن الجامعات ليس من تقرر ذلك، فهي عبارة عن مؤسسات تعرض بضاعة، وعلى المهتم أن يختار ما يشاء، إلا أن هذا القول ليس بالصواب، فالطالب الذي يجتاز امتحان “التوجيهي” يختار ما تُقدم له الجامعة من تخصصات، مرتبطًا ذلك بمعدله المئوي الحاصل عليه في الثانوية العامة.
وهنا، الطالب الذي لا يمكّنه معدله من الحصول على تخصص يؤمّن له وظيفة مطلوبة في قابل الأيام، حتمًا سليجأ إلى دراسة تخصص، بات السوق الحالي مشبع بخريجيه، فضلًا عن أن السوق المستقبلي، لن ينظر إليه، وليس بحاجته.
يجب الإقرار، بأن السوق أصبح مهتمًا وبحاجة إلى تخصصات أو وظائف ومهن جديدة، لم تكن موجودة في أعوام قليلة مضت، وكلها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتكنولوجيا، من قبيل الأمن السيبراني، التي أكدت الدراسات بأن العالم بحاجة إلى ملايين الوظائف في هذا المجال، خلال الأعوام المقبلة، ناهيك عن محللي البيانات ومصممي التطبيقات.
يجب التنبه إلى الدراسات التي تؤكد أن مئات الملايين من البشر سيكونون أمام وظائف ومهن جديدة، بعد نحو 15 أو 20 عامًا، ما يعني أن هناك حجما من الوظائف والمهن ستكون عبارة عن “أطلال أو آثار”.
رغم صعوبتها، إلا أن المهمة الواقعة على عاتق مؤسسات التعليم العالي، ليست مستحيلة، فالأمر يتطلب اتخاذ قرار جريء، وفي الوقت نفسه، تطبيقه وبجرأة أيضًا… يتوجب على الجامعات التوجه إلى تلك التخصصات التي يحتاجها السوق مستقبلًا، والاستغناء عن خصصات أصبح السوق مشبعًا فيها أو متخمًا فيها، لا بل بات “يلفظها”، من غير النظر إلى أمور، قد يعتبرها البعض سلبية، من قبيل الاستغناء عن أعضاء هيئة تدريس أو موظفين إداريين، أعدادهم لن تتجاوز العشرات.