الزيارات المفاجئة.. حينما تصبح "إرباكا" للزائر والمضيف

منى أبوحمور

عمان - تبقى العلاقات الإنسانية أساسية في حياة الأفراد، تحديدا في مجتمعاتنا القائمة على التواصل والتواد والتراحم والاجتماعات المستمرة المغلفة بالحب والمودة، غير أن هنالك أناسا قد "يتعدون" على مساحات خاصة من خلال "زيارات مفاجئة"، تأتي في وقت لا يكون فيها الآخر مستعدا لها.اضافة اعلان
وفي الوقت الذي يرحب فيه كثير من الأشخاص بأناس يأتون من دون مواعيد مسبقة، ويتعاملون مع الموقف ويرحبون بالضيف، ما يزال البعض الآخر يبحث عن مساحته الخاصة في ظل الحياة السريعة التي تتطلب أن يكون هنالك ترتيبات مسبقة ومواعيد قبل أن يقرر الشخص زيارة آنية لمكان العمل أو البيت.
وترى ليلى عبدالرحمن أنها تعرضت لموقف محرج نوعا ما أثناء تواجدها في اجتماع رسمي لها في العمل، وذلك بسبب زيارة بعض معارفها لمكان عملها من دون ترتيب موعد مسبق، الأمر الذي تسبب لها بإرباك وإحراج كبيرين.
الانشغال بجدول أعمال مليء واجتماعات متتالية لم يسمح لليلى استقبالهم بطريقة تليق بهم، حسب تعبيرها، فقد كانت مضطرة في كل مرة إلى تركهم وحدهم في المكتب لإكمال بعض التفاصيل المطلوبة منها. وتقول "انزعاجي لا يعني أنني لا أحبهم أو لا أرغب بزيارتهم، وإنما كان قدومهم دون ترتيب مسبق سببا بإرباكي وتشتتي"، متابعة أن المشكلة ليست فقط باحتمالية عدم التواجد في المكتب في وقت الزيارة فحسب، وإنما أيضا المواعيد والاجتماعات والكثير من الأمور التي تنشغل بها خلال عملها.
في حين اعتبر محمد عبدالله الزيارة الفجائية إرباكا للطرفين ولا يأخذ كل طرف حقه، متسائلا ما الذي يدفع البعض لوضع أنفسهم وغيرهم في موقف محرج؟، خصوصا وأن الظروف ومتطلبات الحياة تؤثر بشكل كبير في مزاج الفرد وقد يكون في وقت ما لا يرغب برؤية أحد.
الزيارات الفجائية لا تقتصر فقط على مكان العمل، وإنما أيضا يقوم البعض بزيارة الأقارب وأفراد العائلة دون أي تريب مسبق، ما يتسبب في كثير من الأحيان بإحراج ومشاكل عائلية.
ومن جهة أخرى، كان قدوم أقارب أحمد بشكل مفاجئ لبيته صدمة كبيرة، خصوصا وأنه كان بانتظار ضيوف آخرين بدعوة خاصة إلى منزله، مضيفا أن الطرفين لا يتفقان، وبينهما مشاكل وخلافات عدة.
الإرباك والقلق ظهرا بشكل كبير على وجه أحمد الذي تفاجأ بضيوف على الباب وهو ينتظر أشخاصا آخرين، ولم يتمكن من الهروب من تلك الملامح التي بدت ظاهرة على وجهه.
ووفق اختصاصي علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان، فإن الزيارات على أهميتها يجب ألا تشكل عبئا على الطرفين الضيف والمضيف سواء من النواحي المادية أو المعنوية أو الوقت، واختيار الوقت المناسب من أهم عوامل نجاح الزيارة، وهو يعني "المناسب" بالنسبة للطرفين، والأصل أن يكون هذا الوقت محددا ومتفقا عليه مسبقا.
ويضيف "بعض الأشخاص من الأقارب والأصدقاء يصرون على عدم ترتيب موعد للزيارة مسبقا ويفاجئون آخر بزيارة أثناء عمله، وسواء كان العمل في القطاع العام أو الخاص فإن ساعات العمل مخصصة لإنجاز مهام تتعلق بطبيعة عمل الموظف. والزيارة في غالب الأحيان تتسب في إشغاله عن عمله وتأخير إنجاز مهامه".
وقد يكون إنجاز بعض المهام محددا بوقت معين أو مرتبطا بأشخاص آخرين سواء من فريق العمل أو مراجعين أو مستفيدين من الخدمة، وهذا يعني أن أثر الزيارة السلبي سيمتد الى أشخاص عدة، وفق سرحان.
ويتابع "البعض قد يأتي لزيارة قريب أو صديق في مكان عمله فقط، لأن لديه وقت فراغ يريد أن يشغله، أو لأن له عملا أو مصلحة في منطقة قريبة، ومنهم من يتصل وهو على مدخل المؤسسة ليقول لصديقه: أنا قريب منك، وأريد أن أسلم عليك أو أزورك، لأن لدي موعدا بعد ساعة مثلا، ما يسبب الإحراج للآخر فهو لا يستطيع الاعتذار".
إلى ذلك، ما يزال بعض الأشخاص أو الأسر "يفاجئون" الآخرين بزياراتهم في بيوتهم، بحسب سرحان، رغم توفر كل وسائل الاتصال التي تتيح للجميع التواصل لترتيب المواعيد والاتفاق عليها.
ويلفت سرحان إلى أن الشخص قد يكون غير مهيئ لاستقبال الضيوف أو الزائرين، سواء لسبب شخصي أو أسري أو خلافات قائمة حينها، أو الانشغال بإنجاز عمل ما، أو لديه ضيوف آخرون، أو رتب أموره مسبقا للخروج من المنزل أو لديه موعد مع آخرين أو بحاجة للراحة.
اختصاصي علم النفس موسى مطارنة، يذهب الى أن البيت هو مكان للسكينة والراحة، ما يجعله ليس متاحا للزيارة في كل الأوقات، وكذلك العمل الذي يتطلب من الفرد أداء مهام وإنجاز أعمال، وبالتالي فإن الزيارات الفجائية تتسبب بإرباك وحالة من سوء الفهم للطرف الآخر الذي لن يتمكن من الاهتمام به ومحاولة إنهاء زيارته بأي شكل حتى يتمكن من العودة إلى العمل.
الزيارات المفاجئة سواء في البيت أو العمل، بحسب مطارنة، "تسبب حرجا كبيرا"، لافتا إلى أن مفاجأة الآخرين بمنازلهم في بعض الأوقات تسبب حرجا كبيرا لهم وحالة من الإرباك وتكون في الغالب زيارة غير مرغوب بها وغير محببة.
ويرى مطارنة أن المتغيرات الحياتية غيرت الأنماط ونسق الحياة، فالحياة أصبحت مختلفة عن السابق، إذ كانت مختلفة ببساطتها وطبيعتها، وكان العمل فيها تشاركيا وتعاونيا والأسرة ممتدة، ولم تكن الخصوصية فيها بشكل كبير كما هو في الوقت الحالي.