"السؤال عن العريس": إجابات صائبة وأخرى مضللة

من نجاح الحياة الزوجية حسن الاختيار لكلا الطرفين - (أرشيفية)
من نجاح الحياة الزوجية حسن الاختيار لكلا الطرفين - (أرشيفية)

منى أبو صبح

عمان- قصة زواج ابنة الستيني أبو صهيب حولت حياة أسرته إلى جحيم لا يطاق طيلة خمسة عشر عاما، ما تزال تفاصيلها حتى اللحظة جاثمة فوق رؤوسهم، مؤكدا أن سبب ذلك كان التغرير به عند السؤال عن العريس المتقدم للخطبة.اضافة اعلان
ويقول “أحد أصدقائي “سامحه الله” زكّى لي خاطب ابنتي، كما هو حال المقربين منه؛ حيث شهدوا له بحُسن أخلاقه، مما دفعني لتزويجه، ولكن بعد الزواج تبين لنا العكس تماما، فابنتي طردت من بيتها، وهي حامل في الطفل الثالث منذ أكثر من خمس سنوات، ولديها ولدان آخران، وحتى اللحظة تعيش معه صراعا من أجل تطليقها منه، بعد أن ثبت أنه رجل سيئ العشرة”.
ويرى أن التحري الدقيق عن العريس الذي يتقدم لخطبة أي فتاة هو مسؤولية الأهل، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين يستأنس برأيهم يجب أن يكونوا على قدر من الأمانة ومراعاة الله في الإجابة، وألا تنعكس “المصالح الشخصية” على “تضليل الحقيقة”.
وفي قصة خطوبة شقيقة سليم، أوكلت مهمة جمع المعلومات عن العريس المتقدم له، كونه الابن الأكبر، فقرر أخذ إجازة لمدة يومين، ليتفرغ لهذا العمل الشاق، ويطمئن على مستقبل هذا الزواج، فكانت البداية بالبحث والتحري في مكان عمل العريس ورأي الأصدقاء بأخلاقه وسلوكياته مع الآخرين.
وتابع سليم السؤال عن زوج المستقبل في المكان الذي يقطن به، من خلال الأهالي والجيران، وفي الوقت ذاته حرص على عقد صداقة ودودة مع حارس العمارة الذي يمتلك ثروة من المعلومات، فكان سؤاله عن أحوال “الخاطب” وحسن تعامله مع الجيران وسلوكياته وعائلته، وهل يدفعون الإيجار الشهري والنفقات المطلوبة، وغيرها من المعلومات.
دوّن “سليم” جميع الملاحظات التي حصل عليها على ورقة، وكل هذا قبل أن تقرر شقيقته العروس موافقتها على ذلك الزوج بعد توكلها على الله، إلى جانب التقارير اليومية التي وافاها بها شقيقها الآخر.
وتلجأ العديد من الأسر إلى “أساليب تقليدية” في البحث عن معلومات تخص العريس المتقدم للزواج من ابنتهم، لذا فإن ثقافة السؤال عن “الخاطب” أصبحت مهمة شاقة محفوفة بالمخاوف بالنسبة لأهل العروس، وذلك بسبب ضعف المعلومات التي تصل عن الخاطب، أو عزوف البعض عن المشاركة في الرأي، بشكل قد يبعث الخوف لدى أهل العروس، وفي أحيان أخرى تكون الإجابات “معتمة”، وقد تسبب خلافات بين الزوجين بسبب عدم صحة المعلومات الأولية التي قد تنكشف أحيانا خلال الأشهر الأولى من الزواج.
ومن أجل موضوع السؤال عن العريس، تعرضت صداقة ربة المنزل أم أمين إلى قطيعة أبدية مع جارتها أم فارس التي عرفتها وجاورتها أكثر من ثلاثين عاما، جراء “كلمة حق” قالتها عندما سألها أهل العروس عن خاطب ابنتهم وهو ابن جارتها أم فارس.
تقول “لم أتردد من قول ما أعرفه عن ابن جيراننا، فللأسف لم يكن حسن السيرة، واشتكت والدته أمامي أكثر من موقف عن مشاكل ومصائب كانت قد تودي بحياة عائلته، ويعلم الجميع في المنطقة بعضا من هذه السلوكيات”.
وتضيف “علمت والدته بزيارة والدة وشقيقات العروس لأكثر من منزل من ضمنهم بيتي للسؤال عن العريس، وعليه غضبت وقررت مقاطعتنا عدا عن الاتهامات التي وجهت لنا بإفساد حياة ولدها التي تنوي إصلاحها”.
أما العشرينية رؤى فكان تضليل الحقيقة من قبل الجيران في المنطقة التي يسكن بها زوج المستقبل سببا في طلاقها فيما بعد، فلم يستمر هذا الارتباط أكثر من ثلاثة أشهر تصفها بأسوأ أيام في حياتها.
وتقول رؤى بألم “لا أبالغ إن قلت هناك سلبيات لا تحصى في هذا الزوج، فعداك عن البخل والعقد النفسية، فليست لديه شخصية واضحة أو قرار بعيد عن رأي والدته حتى في أدق أمور الحياة، وما زاد الطين بلة، أن والدته منعت زيارة أفراد عائلتي لي إلا بحضورها وبموعد مسبق لذلك، خصوصا وأننا نقطن في العمارة ذاتها”.
وفي ذلك، يرى استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان، أنه من أسس نجاح الحياة الزوجية حسن الاختيار لكلا الطرفين، التي تقوم على أسس منها؛ الدين والنسب والحسب والجمال والمستوى الثقافي والاجتماعي والتوافق، منوها إلى أن هذه الأمور ينبغي لكلا الطرفين الحرص على معرفة مدى توفرها بالطرف الآخر قبل الزواج.
وهناك وسائل لمعرفة مثل هذه الأمور، وفق سرحان، منها السؤال المباشر من قبل الخطيب للخطيبة أو العكس، أو سؤال الأهل أو الأصدقاء والزملاء والمعارف والجيران، ولا بد من تحري الدقة في الإجابة بغض النظر عن الشخص المسؤول عنه.
وهذا يتطلب، كما يقول، معرفة ودراية بالشخص المسؤول عنه، ودرجة هذه المعرفة هي التي تحدد الإجابة أو الاعتذار عن الإجابة وعمق الإجابة ودقتها، موضحا “فالأصل أن لا يتحرج الشخص من الاعتذار عن تقديم رأيه في حالة عدم المعرفة الكلية بالشخص المسؤول أو كانت معرفته آنية أو سطحية في ظل طبيعة العلاقات التي تربط الكثير من الأشخاص، فإننا نجد أن المعرفة لا تكون عميقة، بسبب قلة التعامل المباشر والشخصي بين الناس والاعتماد على وسائل تواصل حديثة”.
ويضيف “لذلك فإن الخطبة فترة مهمة لكي يتعرف كل طرف على الآخر، شريطة أن تراعى في هذه الفترة الضوابط الشرعية والقيم والعادات الشرعية المنضبطة، وهي فترة يمكن أن تسهم في مزيد من تعرف كل طرف على الطرف الآخر”.
وفي كل الأحوال، فإن التوكل على الله بعد السؤال وحسن النية من الطرفين، يسهم في إنجاح الحياة الزوجية، وفق سرحان، لأن البعض يبالغ في كثرة الأسئلة والبحث عن أدق التفاصيل، مما يجعل من المستحيل وجود توافق، مؤكدا أن بعض الأشخاص خصوصا الفتيات يخسرن فرصتهن بالزواج بسبب كثرة الأسئلة والتمحيص المبالغ فيه، وكذلك بالنسبة للشباب، رائيا أن الحياة الزوجية تحتاج إلى الصبر والحوار وتقبل الآخر، وعدم التركيز على السلبيات ونقاط الاختلاف.