السالم: الاتفاقيات مع العراق تبشر بمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي

Untitled-1
Untitled-1
  • السالم: المصرف الأهلي العراقي استرد معظم ودائعه العالقة في كردستان
  • الضامن لنجاح الاتفاقيات هو انطلاقها من أرضية المنافع المتبادلة
اضافة اعلان

يوسف محمد ضمره

عمان- أكد رئيس مجلس إدارة كابيتال بنك باسم خليل السالم أن الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمت مؤخرا بين الأردن والعراق هي ثمرة السياسة الخارجية التي يقودها جلالة الملك، مثمنا في الوقت ذاته الجهد الحكومي الكبير الذي أفضى إلى اتفاقيات من شأنها أن توطد أواصر التعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين.
السالم بدا متفائلا حيال نجاح الاتفاقيات والمشاريع المبرمة مع الجانب العراقي، مؤكدا ان الضامن الرئيسي لنجاحها هي انها لم تأخذ شكل الهبات والمساعدات الاقتصادية، وانما قامت على أرضية أساسها المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة، مؤكدا ان ما تم الاتفاق عليه مع الاشقاء العراقيين يخدم الطرفين، وهو ما يجعل الطرفين حريصين على إنجاح الاتفاقيات وتحويلها إلى واقع ملموس.
وقال في حوار مع "الغد"، إنه في الوقت الذي وافقت فيه السلطات العراقية على إعفاء أكثر من 300 سلعة أردنية من الرسوم الجمركية، فإن الأردن قدم بالمقابل إعفاء بنسبة 75 % على السلع الداخلة إلى السوق العراقي عبر البحر الأحمر. وفي الوقت الذي يوفر فيه مشروع أنبوب النفط نفطا للأردن بأسعار تفضيلية، فإن الأردن يوفر للعراق منفذا على البحر الأحمر من خلال ميناء العقبة.


وأما ما يتعلق في المدينة الصناعية المشتركة، فقد أكد السالم مجددا على فكرة المصالح المتبادلة قائلا بان البلدين معا قادران على إيجاد منطقة صناعية متطورة قادرة على اختراق الأسواق التصديرية، مستطردا بان العراق يستطيع أن يوفر الغاز والماء، في الوقت الذي يوفر فيه الاردن اتفاقيات تجارية مع أغلب بلدان العالم بالاضافة الى الخبرة الطويلة في التعامل مع المؤسسات الدولية المانحة مثل البنك الأوروبي للإعمار والتنمية والمؤسسة الدولية للتمويل.
وقد تعرض السالم إلى مشروع الربط الكهربائي المزمع مؤكدا أنه الآخر يحقق مصلحة اقتصادية للبلدين حيث قال السالم: "فكرة المشروع ممتازة. الأردن يمتلك طاقة توليدية فائضة والعراق يعاني حتى اليوم مشاكل كبيرة في قطاع الكهرباء" معتبرا أن المشروع "win-win" بحسب وصفه، اي انه يخدم الطرفين؛ الأردن يخفض من كلفة انتاج الطاقة الكهربائية والعراق يضمن استمرارية أكبر في التيار الكهربائي. وفي الحديث عن الكهرباء اكد السالم ان للاردن تجربة رائدة ومميزة في مجال توليد الطاقة المتجددة وهي خبرة يمكن نقلها الى الأشقاء العراقيين.


المشهد الاقتصادي في العراق
كيف ترون المشهد السياسي والاقتصادي في العراق؟ وهل تتوقعون عودة الاقتصاد الى جادة النمو؟
الأوضاع في العراق تبعث على التفاؤل. على الصعيد السياسي قام العراقيون منتصف العام الماضي بانتخاب برلمان جديد تمخض عنه رئيس للبلاد، كما تم التوافق على رئيس وزراء جديد هو عادل عبد المهدي وهو شخصية توافقية من المحسوبين على تيار التكنوقرا ط في العراق وهو يحظى برصيد كبير من القبول داخل وخارج العراق. وعلى المستوى الامني، فقد تمكنت السلطات العراقية من إعادة بسط هيمنتها على كامل الرقعة العراقية بعد ان تمكنت من هزيمة التنظيمات الارهابية. أما على المستوى الاقتصادي فان عودة الامن والاستقرار مضافا إليه الارتفاع المتوقع في إنتاج النفط مع انتهاء مفعول اتفاقية اوبك منتصف هذا العام، والاستثمارات المتوقع تدفقها لإعادة الإعمار، بالتزامن مع الإصلاحات المالية الطموحة التي تنفذها الحكومة العراقية مع صندوق النقد الدولي والتي تتمحور في جوهرها حول تنويع الاقتصاد والتخفيف من اعتماده على النفط بالاضافة الى محاربة الفساد وتحسين بيئة الأعمال، من شأنها مجتمعة ان تقدم دفعة قوية للاقتصاد العراقي.
"ان تمكن العراق من إصدار سندات يوروبوند، من دون ضمانة دولة أخرى، أواخر العام 2017 يحمل إشارات إيجابية تعكس تنامي منسوب الثقة في الاقتصاد العراقي".
إعادة الإعمار
حول موضوع إعادة الإعمار يقول السالم: "تعرضت البنى التحتية في العراق الى اضرار جسيمة من جراء الحرب على الإرهاب". مضيفا ان البنك الدولي قدر هذه الاضرار في المحافظات السبع الأكثر تضررا بحوالي 45 مليار دولار، وقد قدر البنك الدولي تكلفة اعادة الاعمار في تلك المحافظات بحوالي 90 مليار دولار. ويقول السالم ان "هذا الرقم يشكل فرصة كبيرة ينبغي على القطاع الخاص استثمارها خصوصا في ضوء محدودية الفرص في السوق المحلي".
مردفا "اذا ما نظرنا الى القطاعات الاكثر تأثرا في الحرب نجد الاسكان والصحة والتعليم والطاقة في مقدمة القطاعات الاقتصادية، وهي جميعها قطاعات يمكن للقطاع الخاص الاردني المساهمة في اعادة بنائها بشكل فعال ان كان عبر بوابة الانشاءات والمقاولات او من خلال تشغيل المنشآت وتأهيل القوى العاملة العراقية".
وقد اشار السالم الى لقاء جمعه مؤخرا برئيس اتحاد المقاولين العراقيين علي السنافي ونقيب المقاولين الأردنيين المهندس أحمد اليعقوب في عمّان، أبدى خلاله السالم استعداد كابيتال بنك المتواجد في السوق العراقي عبر المصرف الاهلي العراقي لتقديم جميع اشكال التسهيلات الائتمانية والكفالات المالية للمقاولين الاردنيين الراغبين بتنفيذ المشاريع في العراق.


وقد أشاد السالم بقرار البنك المركزي الاردني الاخير الذي سمح للبنوك الاردنية بتقديم كفالات مصرفية، مدعّمة بضمانات مقدمة من مؤسسة ضمان القروض، للمقاولين الاردنيين الراغبين بالعمل في العراق، معتبرا ان القرار يضاف الى سلسلة مبادرات البنك المركزي الاردني الرامية الى اعادة الزخم للنشاط الاقتصادي.
واضاف السالم ان "الطريق الى العراق مفتوحة اكثر من اي وقت مضى".
وبسؤاله عن آليات تحقيق ذلك، يجيب: "لا بد من إقامة شراكات مع القطاع الخاص العراقي والتواصل مع المؤسسات المانحة المنخرطة في السوق العراقي عبر ورش عمل، وذلك للتعرف على الشروط والمعايير المؤهلة للدخول في المشاريع المتاحة في السوق العراقي، لا سيما في قطاعات الهندسة الكهربائية والميكانيكية والمعمارية، بالاضافة الى تكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية وحلول الدفع، وغيرها من القطاعات التي يتمتع فيها الاردن بميزة تنافسية والتي تحقق للاقتصاد قيمة مضافة". وقد أكد السالم ان "العمل من الاردن سوف يظل محدود الفعالية" وان "لا مناص من التواجد الفعلي على الأرض إذا ما أردنا أن يكون لنا حصة مجزية من إعادة الإعمار"، مضيفا "ان خبرتنا في العراق هي من علمنا ذلك. تعاملنا مع الكثير من الشركات الأجنبية الناجحة في المصرف الأهلي العراقي، ولا أبالغ إذا قلت إن جميعها لديها تواجد فعلي على الأرض العراقية".
المصرف الأهلي العراقي
إلى أين وصلتم في قضية الأموال المجمدة الخاصة في المصرف الأهلي العراقي؟ كيف تقيمون أداء المصرف الأهلي العراقي مع نهاية العام الماضي؟ وهل توجد تصنيفات تظهر مدى تقدم المصرف في السوق العراقي؟
العام 2018 كان عاما جيدا على المصرف الأهلي العراقي، أبرز ما تحقق فيه كان تحصيل مبلغ 87 مليون دولار من الودائع العالقة في فرعي البنك المركزي في أربيل والسليمانية، لينخفض بذلك رصيد الأرصدة العالقة الى 52 مليون دولار فقط من إجمالي 210 مليون دولار. ومرّة ثانية أود التأكيد على تفاؤلي بقرب استلام المبالغ المتبقية، علماً أنني أتوقع أن تكون عملية الاسترداد في المرحلة المقبلة أسرع مما كانت عليه حتى اللحظة الراهنة. وعلى كل حال فقد تعهد البنك المركزي العراقي بدفع المبلغ المتبقي من خلال دفعات شهرية لسنتين مقبلتين، دون أن يستبعد إمكانية التسديد المبكر.
ونتيجة لتحرير تلك الأرصدة، فقد ارتفع منسوب السيولة في المصرف. وقد تزامن ذلك مع ارتفاع ودائع العملاء خلال العام وذلك نتيجة الخطط التسويقية والمنتجات المتميزة التي يجري طرحها في السوق العراقي.
كما واصل البنك خلال العام تحقيق نتائج ايجابية على صعيد استقطاب رواتب الموظفين الحكوميين ضمن إطار مشروع التوطين، حيث تمكن المصرف من خلال شبكة فروعه المنتشرة في المحافظات العراقية من استقطاب رواتب نحو تسعة آلاف موظف عراقي خلال النصف الأخير من العام 2018، مردفا "نحن ماضون بتوسيع قاعدة الموظفين لاننا ندرك حجم الفرصة الماثلة في توطين رواتب القطاع العام الذي يصل عدد موظفيه الى قرابة 4 ملايين موظف".
وقد أضاف السالم أن المصرف الأهلي العراقي قد أبرم خلال العام الماضي اتفاقية تمويل تجارية مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، هي الأولى من نوعها مع مصرف عراقي، بقيمة 10 ملايين دولار بهدف تسهيل وصول عملاء المصرف الأهلي العراقي من قطاع الشركات الى الأسواق العالمية، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم تتمثل بتقديم مؤسسة التمويل الدولية الدعم للمصرف الأهلي العراقي في مجال الحوكمة المؤسسية، معتبرا هذه الاتفاقيات مؤشرا مهما على تنامي اهتمام المؤسسات التنموية بالسوق العراقية.
وقال إن "الصورة الأكبر تبشر بمستقبل جيد للمصارف الخاصة في العراق"، مؤكدا أن "الطفرة التي نشأت عن مزاد العملة في طريقها إلى الزوال، وذلك بفعل إجراءات البنك المركزي العراقي الحصيفة التي أزالت التشوه الذي اعترى سوق العملة لسنوات، وهو ما سوف يدفع بعدد كبير من البنوك الهشة والصغيرة الى ترك القطاع، وهذا سوف يصب في مصلحة البنوك القوية والمتماسكة مثل المصرف الأهلي العراقي".
نتائج كابيتال بنك
ماذا عن نتائج كابيتال بنك؟ وما هي خططكم المستقبلية؟
أكد السالم أن النتائج الأولية صدرت وقد تم الإعلان عنها وهي إيجابية في العديد من جوانبها"، مضيفا "صافي الدخل بعد الضريبة ارتفع بنسبة 11.1 % ليصل الى 30.3 مليون دينار بالمقارنة مع 27.3 مليون دينار للعام 2017، وهو ما حدا بمجلس الادارة ان يوصي بتوزيع أرباح نقدية بنسبة 10 %". وقد أضاف السالم انه وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة فقد انخفضت نسبة التسهيلات الائتمانية غير العاملة من 9.8 % الى 8.6 %، مؤكدا أنها مغطاة برصيد جيد من المخصصات.
وحول المستقبل قال السالم ان "الأولوية بالنسبة إلينا هي التكنولوجيا"، مضيفا "القطاع المصرفي في تغير مستمر من جراء التطور المتسارع في التكنولوجيا، لذا فإن البنك يولي تطوير أنظمته وبناه التحتية وثقافة موظفيه على النحو الذي يضمن له أن يتمكن من مواكبة أحدث التكنولوجيا المطبقة عالميا وبما ينعكس على عملائه بمتطلباتهم واحتياجاتهم المتزايدة، وقد ختم السالم كلامه قائلا "التكنولوجيا المصرفية لم تعد ترفا وإنما ضرورة لا يمكن لنا الاستمرار من دونها".