السلامة على الطرق: لا يجوز أن تترك للمصادفة

أزمة سير في العاصمة عمان - (تصوير: امجد الطويل)
أزمة سير في العاصمة عمان - (تصوير: امجد الطويل)

المهندس جميل علي مجاهد

أعاد الملك عبد الله الثاني تأكيده أهمية التصدي لمشكلة الحوادث على الطرق بحزم ومسؤولية، ما يضعنا جميعا حكومة ومواطنين ومؤسسات مجتمع أمام اختبار حقيقي حول قدرتنا على التعامل مع هذه المشكلة التي كانت وما تزال من أهم المشاكل التي تواجه المجتمع الأردني.اضافة اعلان
في العام 2004، أطلقت منظمة الصحة العالمية شعار "السلامة على الطرق لا يجوز أن يترك للمصادفة"، وذلك تأكيدا أن ضمان السلامة على الطرق لا يمكن أن يتحقق بمحض المصادفة وإنما لا بد للحكومات والشركاء الكثيرين معها اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمشكلة.
إن مشكلة السلامة على الطرق هي مشكلة صحة عامة، إضافة الى كونها مشكلة اقتصادية واجتماعية، فالحوادث على الطرق من أهم أسباب الوفيات؛ حيث تتجاوز حالات الوفيات الناتجة عن هذه الحوادث على المستوى العالمي أكثر من 1.3 مليون حالة وفاة سنويا.
نجحت الدول مرتفعة الدخل وهي أول من استخدم المركبات، وكما أن لديها أعلى مستوى من ملكية المركبات، إلا أنها تتمتع بأدنى نسبة للوفيات الناتجة عن حوادث الطرق، فقد انخفض معدل وفيات الطرق بنحو 50 % بالرغم من أن معدلات المسافات المقطوعة سجلت نمواً ملحوظا خلال الـ30 سنة الماضية وبلغت نحو 200 %، ومن المتوقع أن تستمر هذه الدول في تحسين سجل السلامة على الطرق وتحقيق نتائج أفضل في السنوات المقبلة.
إن ما قامت به الدول المتقدمة في مجال السلامة على الطرق يتلخص بأنها جعلت السلامة على الطرق من أولوياتها السياسية، ووضعت أهدافا ملائمة وخططا وبرامج وخصصت الموارد لها، ولجأت الى الاستثمار في مجال السلامة على الطرق، كونه استثمارا جيدا يحقق عائدا ماليا يتراوح ما بين 9 % و22 % فقد تم تعويض المصروفات الخاصة بالسلامة على الطرق بما تم توفيره من تكاليف إصابات حوادث الطرق، فلا مناص للدول من تحسين السلامة على الطرق لأسباب مالية بحتة ناهيك عن إنقاذ حياة البشر التي هي أسمى من أن تهدر.
في الأردن لم ننجح في التصدي للمشكلة، فما نزال نتعامل مع المشكلة بأسلوب الفزعة وليس بأسلوب علمي ممنهج، فالغاية الآن لا يوجد أهداف وطنية واضحة للسلامة على الطرق وخطط وبرامج لتحقيق هذه الأهداف، ويعزى ذلك الى  سببين أولهما أن الحكومة والمواطنين يتخذون مواقف المؤمنين بالقضاء والقدر إزاء الحوادث، ولما كان بمقدورنا التحكم في العديد من احتمالات الخطر المقترنة بحوادث الطرق، فإن تفادي معظم هذه الحوادث والإصابات الناتجة عنها أمر ممكن،  ومن ثم إنها لا تحدث بمحض الصدفة، وثاني هذه الأسباب، أن الحكومة والمواطنين لا يدركون حجم الأضرار والخسائر الناجمة عن حوادث الطرق، ولا يدركون إمكانية الوقاية من العديد من من الحوادث والحد من عواقبها.