السلطة فتحت صنبور المياه للمستوطنات

جندي إسرائيلي يمنع فلسطينيا من الاقتراب من إحدى المستوطنات القريبة في الضفة الغربية-(أرشيفية)
جندي إسرائيلي يمنع فلسطينيا من الاقتراب من إحدى المستوطنات القريبة في الضفة الغربية-(أرشيفية)

هآرتس

عميرة هاس
5/4/2013
المشاريع الكبرى لتوسيع شبكة المياه في المستوطنات في الضفة الغربية، والتي تم تطويرها بين 1995 – 2008، تلقت مصادقة السلطة الفلسطينية. وقد أصدرت السلطة مصادقتها بعد أن اوضح لها بانها اذا لم تفعل ذلك فان إسرائيل لن تسمح باعادة ترميم وتنمية شبكة المياه للسكان الفلسطينيين. هكذا يقرر د. يان سلفي من دائرة العلاقات الدولية في جامعة سسكس في بريطانيا، في بحث يستند بروتوكولات 142 من أصل 176 جلسة عقدتها "لجنة المياه الإسرائيلية – الفلسطينية "المشتركة". وجاء من سلطة المياه الفلسطينيةاضافة اعلان
لـ"هآرتس" بأنها منذ نحو ثلاث سنوات وهي ترفض المصادقة على مشاريع في المستوطنات.
وكانت لجنة المياه تشكلت كجزء من اتفاق اوسلو. ومع أنه خصصت لعملها خمس سنوات (في الفترة المقررة للمرحلة الانتقالية)، فانها توجد حتى اليوم في صيغتها الاصلية. الهدف الرسمي للجنة هو حماية مصدر المياه المشترك لإسرائيل والسلطة الفلسطينية – الخزان الجوفي للجبل – المراقبة عليه وتنميته. ويجادل سلفي الادبيات الاكاديمية التي ترى في اللجنة نموذجا للتعاون الايجابي الذي يسمح بحماية وتنمية مصادر المياه المشتركة. وبزعمه، فان اللجنة لا تمثل فقط بُعدا آخر من عدم التماثل بين إسرائيل والسلطة وقدرتها على فرض الشروط ووضع القيود بل ان عملها سمح حتى بتعميق مسيرة السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية. ويدعي سلفي بان بعضا على الاقل من الدول المانحة كانت على علم بالجانب الابتزازي للجنة المياه المشتركة، ولكنها فضلت عدم التدخل. فقد جاء اتفاق المياه بين إسرائيل والفلسطينيين لتوسيع اقتصاد المياه المستقل لهم وملاءمة الكميات مع احتياجات التزايد السكاني، ولكن بالذات في سنوات "التعاون" وبرأي سلفي بالاساس بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل – اتسع التعلق الفلسطيني بالمياه التي تشترى بشكل مباشر من شركة مكوروت الإسرائيلية.
وطابق سلفي المعلومات التي في البروتوكولات مع تفاصيل المشاريع. وتظهر نتائج بحثه بان نسبة المشاريع الفلسطينية التي اقرت في لجنة المياه ومن قبل مجلس التخطيط الاعلى في الادارة المدنية أدنى من نسبة المشاريع التي اقرت في المستوطنات. في اقصى الاحوال، 66 في المائة من الطلبات الفلسطينية لحفر الآبار تلقت المصادقة، مقابل 100 في المائة من الطلبات الإسرائيلية؛ وقُبلت 50 – 80 من الطلبات لتنمية شبكة توريد مياه للسكان الفلسطينيين مقابل 100 في المائة للمستوطنين، واقرت 58 في المائة من الطلبات لاقامة منشآت مياه عادمة للفلسطينيين، مقابل 69 في المائة من الطلبات لمثل هذه المنشآت للمستوطنين.
عدد المشاريع التي عرضها الإسرائيليون للمصادقة اقل بكثير من تلك التي طلبها الفلسطينيون – 135 مقابل 600 – ولكن السكان الفلسطينيين ازداد عددهم اليوم سبعة اضعاف عدد المستوطنين في الضفة الغربية. عندما بدأت لجنة المياه بالعمل، مع قيام السلطة الفلسطينية، كانت في الضفة شبكة مياه أهملتها إسرائيل في سنوات الاحتلال المباشر لها ومئات التجمعات السكانية عاشت دون ربط بتوريد المياه. ورغم الفارق العددي فان مخرجات منشآت مياه للإسرائيليين أكبر بكثير من مخرجات المنشآت الفلسطينية، بالحسابات النسبية والمطلقة: القطر الاكثر انتشارا لأنبوب المياه للفلسطينيين هو 2 إنش، مقابل 8 أو 12 إنشا للإسرائيليين. 52 مشروع للفلسطينيين مقابل 63 مشروعا للإسرائيليين، تضم أنابيب بقطر 8 إنشات. أقر 174 مشروعا لخزانات مياه للفلسطينيين، بمخرجات عامة تبلغ 167.950 سنتيمتر مكعب، مقابل 28 للإسرائيليين بمخرجات عامة تبلغ 132.250 سنتيمتر مكعب. المخرج المتوسط لخزان المياه الإسرائيلي هو 4.723 سنتيمتر مكعب، مقابل 965 سنتيمترا مكعبا في الطرف الفلسطيني. والكثير ينبع من حقيقة أن أغلبية المشاريع الإسرائيلية التي اقرتها اللجنة المشتركة كانت لشبكات مياه بين المستوطنات والارتباطات بينها وبين شبكة المياه في إسرائيل. أي من الطلبات التي رفعتها إسرائيل إلى اللجنة وفحصها سلفي لم تكن لشبكة داخل الارض المبنية في المستوطنات. بالمقابل الطلبات الفلسطينية هي لشبكات مياه داخل البلدات الفلسطينية وبينها. ويشير سلفي إلى أنه إذا كان انبوب فلسطيني يمر في منطقة "ج" فان مدة الانتظار تطول أكثر بأضعاف، لأنه مطلوب سلسلة اخرى من المصادقات من الإدارة المدنية ومن الجيش.
كما أن المدة الزمنية التي تمر إلى أن تقر لجنة المياه المشتركة المشروع مختلفة: 11 شهرا بالمتوسط للمشروع الفلسطيني وشهران للمشروع الإسرائيلية. وهناك مشاريع يتطلب إقرارها زمنا أطول بكثير – ولا سيما في حالة حفر الابار. ورفضت إسرائيل سبعة طلبات لحفر آبار جديدة في الحوض الغربي للخزان الجوفي واقرت اثنان من تسعة طلبات لحفر آبار بديلة للآبار التي جفت في الحوض الغربي. في الحوض الشرق من الخزان الجوفي، عارضت إسرائيل في أحيان قريبة حفر آبار في الموقع الافضل من ناحية هيدروجيولوجية، والزمت السلطة بتغيير موقع الحفر إلى نقطة أقل خصوبة.
ويدعي سلفي أنه لا يمكن تسمية المشاريع التي طلبت السلطة من اللجنة اقرارها كخيار مستقل وموضوعي، حسب احتياجات السكان. فقد قررت ورفعت طلبات للمصادقات وفقا للمعرفة المسبقة اي مشروع قد يرفض واي مشروع له احتمالات أكبر بأن يقبل. وقد صيغت المشاريع وفقا للمعرفة بان المشاريع ذات انابيب بقطر اصغر لها فرصة أكبر في القبول – وليس بالضرورة وفقا لاحتياجات المجتمع والتزايد الطبيعي للسكان في المستقبل. ويكتب سلفي فيقول ان السلطة الفلسطينية أطاعت نظام لجنة المياه لانعدام البديل ولكنها ما تزال "تتحمل بمستوى معين المسؤولية". ويشير  إلى أنه بعد 2010، عندما اتخذ الفلسطينيون موقفا اكثر مبدئية في لجنة المياه ورفضوا اقرار مشاريع في المستوطنات، نشأ جمود في عمل اللجنة.
اوري شور، الناطق بلسان سلطة المياه في إسرائيل كتب معقبا: "كل موضوع المياه والمجاري بين دولة إسرائيل والسلطة الفلسطينية ترتب بتوافق كامل، في الاتفاق الانتقالي بتوقيع الطرفين وبرعاية الولايات المتحدة، روسيا، مصر وآخرين كشهود. وبين الاتفاقات كان ايضا إنشاء لجنة مشتركة (إسرائيلية – فلسطينية) بحكم دورها في تطبيق الاتفاق خولت بالبحث وباقرار المشاريع للطرفين، وهكذا تتم الامور".
أما من سلطة المياه الفلسطينية فجاء التعقيب التالي: "ادعاء سلفي صحيح جزئيا. اليوم، وعلى مدى نحو ثلاث سنوات لم يقر الجانب الفلسطيني اي مشروع إسرائيلي يتعلق بالمستوطنات. وقد أدى الأمر باللجنة إلى طريق مسدود وذلك لان الطرف الإسرائيلي يشترط اقرار مشاريع فلسطينية باقرار مشاريع إسرائيلية في المستوطنات، الامر الذي نرفضه. واليوم تنحصر مداولات لجنة المياه أساسا في مواضيع التسعير. والسبب الأساس الذي جعل مشاريع في المستوطنات تقر في الماضي هو أن معظم التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية تحصل على مياهها من أنابيب تخدم المستوطنات. وبسبب الحاجة لتوريد المياه لتلك التجمعات وبسبب الامتناع الإسرائيلي عن إقرار شبكات مياه جديدة تخدم التجمعات الفلسطينية وحدها، تم الاقرار. وحاول الطرف الفلسطيني المرة تلو الاخرى رد الاشتراط بين الاقرارات، ولكن بسبب الحاجة لبناء، تنمية، ترميم وتطوير مستوى شبكة المياه الفلسطينية يضطر إلى إعطاء موافقته.
"يجدر بالذكر أنه منذ البداية جاء اتفاق المياه ليكون اتفاقا انتقاليا. وكان التوقع أن تخلى المستوطنات في إطار الاتفاق الدائم، وبالتالي فان كل إقرار يحمل طابعا مؤقتا. وعندما تعاظم الوعي في أن إسرائيل لا تعتزم وقف الاحتلال والمشروع الاستعماري، بات واضحا أنه للمشاريع في المستوطنات سيكون تأثير بعيد المدى وانها ستسحق حل الدولتين، ولهذا السبب فاننا منذ بضع سنوات ونحن نرفض اقرار مشاريع في المستوطنات".