السلوك الإعلامي والاجتماعي تجاه الجرائم والحوادث

السلوك الإعلامي والاجتماعي تجاه الجرائم والحوادث ليس موضوعا جديدا في الجدل الإعلامي والثقافي وفي كليات وأروقة الإعلام، ولكن تطور شبكات التواصل الاجتماعي وتقنيات الموبايل والمشاركة الواسعة والشاملة في التصوير والبث والتعليق حولت القضية من جدل مؤسسي إلى اجتماعي وجماهيري، ففي حالة "أمة المدونين" التي تتشكل صار كل مواطن صحفيا يصور ويبث إلى جميع أنحاء العالم بالنص والصوت والصورة بلا تنظيم أو رقابة، وفي ذلك ثمة حاجة إلى تحويل تقاليد العمل الصحفي إلى ثقافة شعبية ويومية، وبخاصة أن قوانين الإعلام والنشر نفسها تتحول لتشمل جميع المواطنين، ولم تعد تخص وسائل الإعلام التقليدية. اضافة اعلان
مؤكد بالطبع أن النشر حول الجرائم والحوادث وتغطيتها ضمن تقاليد ومبادئ اجتماعية وقانونية أمر مهم ومفيد، فهي أولا حوادث كبيرة وملفتة، ويمكن أن يكون للنشر حولها تأثير إيجابي، إضافة إلى فضول طبيعي لمتابعة ومعرفة الأخبار وما يحدث.
عندما يموت مواطن مهما كان سبب وفاته أو مهما كان الرأي فيه فأمره إلى الله، ولا يعود ثمة مجال لموقف أو شعور سوى التعاطف معه والدعاء له بالرحمة، ليس ثمة عقوبة تفوق الموت، ومن مات لم يعد مدينا للمجتمع أو الأفراد، لقد دفع بموته ثمن فعله ومضى إلى عالم آخر لم يعد يخصنا أو لا نعرف عنه شيئا، وليس لدينا ولاية عليه.
ما يهم المواطنين (يفترض) في قصة وفاة مواطن هو العدالة، ولا يجوز محاسبة أحد أو أحد غيره على طريقة موته مهما كان رأينا أو تقييمنا لطريقة الوفاة. وعندما نتساءل إن كانت الوفاة انتحارا او غير ذلك فليس لمحاسبة الميت ولكن لنطمئن إن كان ثمة جريمة قتل أو شبهة جريمة وأن الفاعل سيقدم إلى العدالة.
ينتحر في الأردن حوالي 150 شخصا، وقد يؤشر ذلك إلى 3 آلاف محاولة انتحار وأضعاف ذلك بكثير من حالات الاكتئاب والشعور بالتعاسة والضيق والألم على نحو ينذر بالانتحار.
الانتحار ومحاولة الانتحار رسالة إلى المجتمع والعالم وإن لم نقرأ الرسالة قراءة صحيحة ونهتم بها بجدية فسوف نواصل إيذاء أنفسنا، وأسوأ قراءة هي لوم الميت أو وصم أهله والإساءة إليهم، وكأنه لا تكفيه وتكفي أهله المصيبة التي حلت بهم، حتى نتسلى بمصيبتهم.
يحتاج المواطن أن يثق بالعدالة والمنظومة القضائية والأمنية، وأن يشعر أن المجرم إن كان ثمة جريمة لن يفلت من العقوبة لأي سبب كان. وهذه هي القصة.
الفضول والتطفل على الناس لا يساعد ولا يفيد أحدا، ولكن يجب أن نعزز بكل ما لدينا من وسائل للتأثير تحقيقا نزيها وكفؤا في وفاة المواطنين ومظالمهم!