"السمسمية".. إحياء للموروث الموسيقي الشعبي في العقبة

أشكال متنوعة من آلة السمسمية -(الغد)
أشكال متنوعة من آلة السمسمية -(الغد)

فرح عطيات

عمان – استطاعت نوران محمد أن تكون واحدة من اولئك السيدات اللواتي تدربن على تصنيع آلة السمسمية الموسيقية عبر تجهيز القطع وتركيبها للخروج بقطعة مميزة وبأشكال جميلة تعكس هوية المكان. اضافة اعلان
وانضمت نوران لهذه المبادرة سعيا وراء الترويج للتراث الذي تتميز به مدينة العقبة، وساهم في تنمية مواهب السيدات العاملات في المشروع، وتشغيلهن.
الإيرادات المالية من بيع هذه الآلات لم تكن كبيرة وفق نوران، باعتبار أن المبادرة في بدايتها، ولم تشهد اقبالا كبيرا من المجتمع المحلي على شرائها مقارنة بالسياح الأجانب الذين تستهويهم هذه القطع.
وأعربت عن أملها بأن تشهد هذه المبادرة رواجا أكبر في محافظة العقبة في المستقبل، لتشغيل أكبر عدد من النساء غير القادرات على ايجاد عمل ومصدر رزق، مبينة أن هنالك حاجة لتدريب النساء على فنون تصنيع آلة السمسمية بشكل احترافي، وبيعها للسواح الاجانب.
وجاءت تلك المبادرة، إحياء للتراث التقليدي في محافظة العقبة وترسيخا للهوية الثقافية لها، إذ يقوم عدد من الشباب والشابات من المجتمع المحلي بتصنيع آلة السمسمية، وينقسم مشروع حرفيات السمسميات لمرحلتين، تم تنفيذ الأولى خلال الأعوام 2012 و2014، بتدريب 30 سيدة على تصنيع آلة السمسمية، وتأسيس خط انتاجي من خلال ورش عمل منزلية.
ولأول مرة سيتم اعداد منهاج أكاديمي مبسط لتعليم العزف على آلة السمسمية للراغبين باحترافها، وفق المديرة التنفيذية لشركة اوراق لتنمية المجتمع، القائمة على المشروع، زينة حمدان.
وتهدف تلك الخطوة، إلى توثيق التراث الموسيقي المرتبط بهذه الآلة وبمحافظة العقبة، لأن تناقله يتم شفويا، ولم يتم جمعه بشكل توثيقي أكاديمي.
وأضافت "نسعى لإعداد هذا المنهاج، بحيث يجري تبويبه في أربع وحدات، والمتضمنة تعليم النوتة الموسيقية بطريقة مبسطة، وشرح عن آلة السمسمية وأجزائها وطريقة العزف عليها، وتمارين وتدريبات واختبارات".
واعربت عن أملها أن يتم خلال العام المقبل تدريب مجموعة من الشباب ليكونوا قادرين على تعليم منهاج آلة السمسمية لشباب يافعين بالعقبة.
وتهدف المرحلة الثانية من المشروع بشكل رئيسي إلى تشجيع المؤسسات الوطنية على دعم صناع وعازفي السمسمية لضمان استمرارهم بالعمل بهذا الفن. بيد أن بعض الصعوبات التي تواجه العاملين بهذه المبادرة، تتسبب في التباطؤ في تنفيذها، وفق حمدان، التي أجملتها بنقص الموارد المالية والذي يوقف الانتاج لعدة أيام، بانتظار بيع الآلات وتحصيل سيولة لشراء "المواد الأولية" ومن ثم معاودة السير في العمل.
ودعت حمدان مؤسسات القطاع الخاص وغيرها في دعم هذه المبادرة عبر توفير المواد الأولية وانشاء منجرة صغيرة يتم تشغيلها من الشباب والشابات في العقبة.
وسيتم خلال المرحلة الثانية اطلاق موقع إلكتروني خاص بالمشروع، لتسويق المنتجات وعرض المعلومات والصور لحث الزائر وتحفزه على شراء المنتج.
ومن المقترحات الأخرى إقامة مجسمات لآلة السمسمية، وذلك بموقع مميز في المدينة بجانب مركز زوار العقبة، وأماكن أخرى كذلك، وفق حمدان.
 وتتضمن المرحلة ايضا رسم جدارية لآلة السمسمية في مكان عام داخل محافظة العقبة لتذكير الأهالي وزوارها والسياح القادمين إليها برمزية هذه الآلة وأهميتها التراثية.
وجاء انضمام الشاب يوسف البابري الى هذه المبادرة من أجل احياء التراث القديم، حيث يشتري الأخشاب المنوعة، ويسلمها للسيدات اللواتي يعملن في المشروع لتركيب القطع، ومن ثم العمل على حف ما تم تجهيزه من قبل الشباب وطلائه بالألوان، ليصار إلى عرض المنتج النهائي وبيعه بالأسواق المحلية.
ويتم استخدام السمسمية اما للزينة أو كأداة لعزف المقطوعات الموسيقية، بحسب البابري الذي أضاف أن هنالك توجها بأن يتم تدريب الشباب في المشروع على العزف باستخدام تلك الآلة، للمشاركة في المهرجانات التي تنظم في العقبة".
ويقوم ستة شباب من محافظة العقبة على إعادة إحياء المشروع بعد أن توقف لفترة وجيزة من الزمن، بسبب بعض التحديات المالية وغيرها، عبر شراء المستلزمات وعلى نفقاتهم الخاصة.
ويُتوقع أن يتم تجهيز طلبية كبيرة من السمسميات خلال الأسبوع المقبل من أجل بيعها، ومن ثم محاولة ايجاد داعمين من القطاع الخاص للمشروع، لتعميم هذه الفكرة وعلى نطاق واسع.
ولاقت هذه المبادرة، نجاحا في الترويج سياحيا لمنتوجات تقليدية وتراثية تعكس الثقافة في محافظة العقبة، حيث تم تجهيز طلبات من السمسمية وبيعها كقطع لبعض الاجانب من اجل تسويقها في بلدانهم.
وتشهد مدينة العقبة إقامة سهرات شبابية في العديد من الليالي، والتي ساهمت في الترويج لالة السمسمية، بعد ان تم استخدامها في تزيين أماكن الاحتفالات المقامة.
وخلال المرحلة الأولى تم تدريب النساء من مناطق الشلالة والبلدة القديمة والمحدود، ممن تتراوح أعمارهن بين 37 و47 عاماً، لصناعة آلة السمسمية بأحجام صغيرة تم بيعها كهدية تذكارية، حيث شكلت 85 % من الانتاج.
كما جرى تصنيعها ايضا باحجام متوسطة يستطيع السائح شراؤها من أجل الاستعمال (للأطفال أو غيرهم)، وشكلت 10 % من الانتاج الكلي، في حين أن تلك ذات الحجم الكبير والمستخدمة بالعزف، لم تشكل سوى 5 % من الانتاج.