السياحة وانتظار تنفيذ الحكومة قراراتها

أكثر من شهر ونصف الشهر مرا على لقاء رئيس الحكومة د.عبدالله النسور، بالقطاعات الاقتصادية، والذي نظمته غرفتا الأردن وعمان، وتم الإعلان فيه عن قرارات مهمة تخص القطاع السياحي. فقد تضمن الإعلان حديثاً عن إلغاء رسوم تأشيرة الدخول للسياح من جميع الجنسيات ممن يأتون عن طريق المكاتب السياحية في شكل أفراد أو مجموعات، شريطة أن لا تقل فترة الإقامة في المملكة عن ليلتين متتاليتين. لكن شيئاً لم يحدث على صعيد التنفيذ حتى الآن.اضافة اعلان
لقد أصدر رئيس الوزراء تعميماً بقرار مجلس الوزراء المذكور منذ أيار (مايو) الماضي، خاطب فيه وزير المالية ودائرة ضريبة الدخل والمبيعات، وكذلك وزير الداخلية ووزير السياحة والآثار، متضمنا الكثير من التفاصيل. لكن المحزن أن الأجهزة الحكومية ماتزال تتقاضى، حتى كتابة هذا المقال، رسوم التأشيرة على القادمين، حتى لو أنهم اشتروا التذكرة الموحدة وأقاموا ثلاث ليال متتالية واستوفوا الشروط كافة. فما هي الرسالة التي تريد الحكومة والوزراء المعنيون إيصالها؛ هل أنهم يصدرون الإعلانات الرسمية فقط لغرض الدعاية المحضة؟
لا أعرف كيف سينظر الخارج إلى الأردن لدى ملاحظة هذه الأخطاء الجسيمة، وكم ستكون انعكاساتها السلبية على قطاع السياحة الذي أريد من القرار المذكور تحفيزه، وهو الذي يعاني من تباطؤ في أعداد السياح الوافدين! لكن ما يحدث في هذه القضية يعكس آلية تعامل أجهزة الحكومة كافة، والمتسمة بضعف التنسيق فيما بينها، فتأتي بكلف مباشرة وغير مباشرة، تضر بسمعة المملكة وبيئتها السياحية والاستثمارية على حد سواء.
لو أن مستثمراً يتابع ما يحدث، ويلاحظ ما يجري بعد اتخاذ سلسلة من القرارات الحكومية، فلا تتم ترجمتها على أرض الواقع، فإنه سيحجم غالباً عن الاستثمار، لأن الانطباع سيكون بوجود بيروقراطية وضعف في التنسيق، وترهل.. وتسميات كثيرة يمكن إطلاقها على هذه الحالة من الضياع، وعن حق.
ماذا لو أن وكلاء السياحة في الخارج، بعد أن قرأوا وسمعوا في الإعلام عن مخرجات الاجتماع بين القطاعين العام والخاص والقرارات التي تم الانتهاء إليها بهدف تحفيز القطاع السياحي الأردني أخيراً، ماذا لو أنهم أرسلوا زبائنهم إلى الأردن ليجدوا شيئاً مختلفاً، فدفعوا رسوم تأشيرة كانوا يعتقدونها ملغاة؟ لا شك في أن أموراً كثيرة ستجول في خاطر هؤلاء، لا تخدم في جوهرها سمعة الاقتصاد الوطني وصورته التي يسعى الجميع إلى تحسينها، أملاً في تحريك نشاطات مختلفة، في مقدمتها السياحية، لتعظيم النمو.
إن ما يحدث في إدارة هذا الملف، وبعد الشقة بين القرار والتطبيق، إنما يدلل على ضعف الأداء الحكومي. وينبغي أن يبدأ البحث فوراً عن الحلقة التي يتوقف عندها القرار ويتعثر في طريقه إلى التطبيق، ومحاسبة المقصر أو معالجة آليات التنفيذ وتحديد المسؤوليات.
في الجانب المقابل، ولو كان الأمر يتعلق بقرار حكومي برفع سعر سلعة ما، فإن آليات تطبيق القرار ستكون معدة قبل إعلانه بالتأكيد. وبمجرد صدور القرار عن مجلس الوزراء، سيحس التاجر والمتعامل بأثره المالي بسرعة البرق، ولن يتأخر التنفيذ دقيقة واحدة. ولو أن موظفاً في دائرة حكومية مرر السلعة على أساس التسعير السابق، فإنه سيعاقب ويدفع الفرق. ولا خلاف على ذلك، لأن القرار يجب أن يحترم. لكن هذه القاعدة يجب أن تسري على كل قرار يستوجب التطبيق بمجرد إعلانه رسمياً، من دون انتقائية غير مبررة.