"الشخصية المقلدة".. تبعية وعدوى بصيرية تفتقد للوعي

figuur-i
figuur-i

مجد جابر

عمان - يبدو أن التقليد الأعمى بعيدا عن الوعي الكافي والشخصية المستقلة، أشبه بظاهرة تنتشر سريعا، سواء في الحياة الواقعية أو على منصات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي يجعل الكثيرين يتساءلون عن السبب وراء ذلك؟ هل غياب الهوية أو العدوى البصرية هي السبب وراء التقليد غير المبرر؟اضافة اعلان
في المواقف والآراء والسلوكيات هنالك تقليد واضح، فما أن يقول شخص رأيا معينا بقضية ما، حتى يسارع المئات لتقليده من دون حتى ادراك حقيقي للرأي الصائب من عدمه، أو البحث والتقصي والتفكير، وهو أمر بات ملاحظ كثيرا، خصوصا بالقضايا العامة، وكأنه يدلل على تجرد الشخص من المبادئ والقيم، والتفكير بوعي وموضوعية.
اختصاصيون اعتبروا أن شخصية "التابع" موجودة بكثرة في مجتمعنا للأسف، إذ تفتقر لأي محتوى أو جدوى وفائدة للغير، إنما تقليد الآخر بما يقوله، وهذه الشخصيات فارغة لا تملك أي محتوى ولا يمكنها تحقيق النجاح على المستوى الفردي. لذلك ينبغي معالجتها منذ التنشئة.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، أن الشخص المقلد هو شخص "تابع"، لا يملك شخصية منفصلة عن الآخر، إنما شخصيته تقتبس الرأي من الشخصيات الموجودة حولها، وهي لا تملك محتوى خاصا ومجردا أو مستقلا بحد ذاته.
ويشير مطارنة الى أن هذه التبعية تدل على وجود خلل ما، وأن الشخص ليس لديه القدرة على أن يحدد مبادئه وقواعد حياته، فيذهب لتقليد الآخرين لاثبات ذاته من خلالهم، مبيناً أن هذه الشخصيات لا يمكن أن تحقق نجاحا على المستوى الفردي على الاطلاق.
ويعتبر مطارنة أن هذا الأمر منتشر ونشاهده بشكل كبير، والسبب أن كثيرا من الأفراد في المجتمع أضاعوا ثقافاتهم الحقيقية وتأثروا بثقافة الغير، وهذه اشكالية تؤثر على المجتمع وتكوينته.
ويعتبر مطارنة أن هذه آفة وعدوى إذا أصابت مجتمعا أضاعته، مبينا "أننا مجتمع نعاني فيه بكثير من الأحيان من الغزو الثقافي القوي، والتفاخر والتقليد الأعمى من دون معالجة المشاكل الأساسية والجوهرية الموجودة.
في حين يرى الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي، أن العدوى بين ابناء المجتمع بالسلوكيات خاصة في السلبية منها تكون ناجمة أولاً عن الغيرة، وحب الظهور والجهل من عواقب الأمور، لهذا السبب فإن الناس عندما ترى بعض السلوكيات بغض النظر عن ما هي، حتى في أبسط الأمور مثل لبس الكمامات والقفازات، نجد أنهم ينعدو بصرياً سواء في ارتدائها أو ازالتها.
ويشير إلى أن ذلك يعتبر نوعا من أنواع التقليد السلبي للممارسات الخاطئة، مبينا أنه لا بد من العمل على الجيل منذ صغره وتنشئته وتوجيهه وارشاده على أن يكون له شخصية مستقلة قائمة بحد ذاتها ولها مواقفها ومبادئها، مبيناً أن هذه العادة قد تترك آثارا سلبية على الشخص تنعكس على شخصيته في المقام الأول وعلى من حوله.
ويشير الخزاعي إلى أن التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في تربية الابناء على الاستقلالية وعدم اتباع أي شخص، مبيناً أن التوعية في هذا الموضوع ضرورية وباستمرار من أجل الوصول الى مجتمع صحي طبيعي خال من كل الشوائب.