الشرق الأوسط ورؤية أوباما

إسرائيل هيوم

زلمان شوفال

19/1/2011

في الأسس التي تقوم عليها السياسة الأميركية في الشرق الاوسط هناك شقوق آخذة في الظهور. فهل الثورة التي عصفت بتونس ستنتشر الى أماكن اخرى ايضا. الى الجزائر؟ الى المغرب؟ والى أين سيتدحرج لبنان؟ والى اين سيقود تقرير اغتيال الحريري.

اضافة اعلان

والهزات لا تتوقف هنا. في افغانستان تتواصل الحرب من دون أن يظهر في الافق نصر قريب لقوات الناتو على طالبان والقاعدة. وفي الباكستان المجاورة، مع القنبلة النووية التي لديها، تتكاثر المؤشرات على عدم استقرار الحكم وتعاظم العناصر الاسلامية المتطرفة. وذلك رغم الوسائل الهائلة التي تدفع بها واشنطن نحو هذه الدولة وجيشها. في العراق، وان كانت تشكلت أخيرا حكومة، الا انه من المشكوك فيه أن تكون عناصرها الرئيسة تستمد الهامها السياسي من أميركا. يبدو أن إيران مؤثرة أكثر. واذا ذهبنا إلى إيران فسنرى أن احمدي نجاد وآيات الله يواصلون خداع اميركا في الموضوع النووي. حتى ولو بالوتيرة الحالية، وبفضل العقوبات والوسائل الاخرى التي تستخدم ضدها، ستصل طهران الى القنبلة بعد أربع سنوات فقط، يجدر بالذكر ان 2015 هي ايضا خلف الزاوية. وفي هذه الاثناء سورية أيضا تواصل تضليل واشنطن.

كل هذا يثبت مرة اخرى سخافة النظرية المنتشرة جدا في الغرب، بما في ذلك في بعض المحافل في الولايات المتحدة، وهو أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو السبب الرئيس، او حتى الواحد والوحيد، لعدم الاستقرار، ولباقي المشاكل في الشرق الاوسط.

ادارة اوباما، في سنتيها الاولتين، ركزت جهودها السياسية والاعلامية في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني لدرجة تجاهلها عن وعي أو عن غير وعي للمؤشرات الواضحة للهزة الأرضية المقتربة في اماكن اخرى. ويكاد يكون في كل قاطع وقاطع، فان سياسة الانفتاح والتقرب نحو العالم الاسلامي والعربي باءت بالفشل. واليد التي مدها الرئيس اوباما نحو العرب في "خطاب القاهرة" الشهير بقيت معلقة في الهواء.

يتعين على الادارة الأميركية ان تقرر بسرعة شديدة سلم اولوياتها في الشرق الاوسط والخيارات الحقيقية التي توجد تحت تصرفها.

اذا ما سار أسيرا خلف مدرسة اشخاص مثل زبغنييف بريجنسكي، مستشار الرئيس كارتر وبرانت سكوكروفت، مستشار بوش الاب – وكلاهما يؤمنان بان الطريق الى الشرق الاوسط بأسره تمر في القدس، أي انه من دون حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني لن تحل المشاكل التي تقف الولايات المتحدة أمامها في المنطقة بأسرها – فان من شأن اوباما أن يقرر خطوات تحول أميركا من وسيط نزيه الى من يحاول املاء تسوية. من دون ان نتطرق هذه اللحظة الى مسألة اذا كان لمثل هذه الخطوة احتمال بالنجاح وماذا ستكون آثارها من ناحية اسرائيل – واضح ان الامر سيأتي على حساب المشاكل الاكثر اشتعالا في المنطقة التي تمتد من شمالي افريقيا وحتى وسط آسيا.

واشنطن بالفعل تتردد. في الاونة الاخيرة علم (وهذا كان قبل الاحداث في تونس وفي لبنان) بان ادارة اوباما بدأت في هذا الشأن من جولة مشاورات مع عدد من المحافل الخارجية. كما علم بتشكيل فريقين يضم احدهما صمويل بيرغر وستيف هيدلي مستشاري الأمن القومي للرئيسين كلينتون وبوش الابن والثاني برئاسة مارتين اينديك السفير الأميركي السابق في إسرائيل وبعد ذلك مساعد مادلين اولبرايت. وقد بدأ الفريقان بعملهما. فريق اينديك التقى الاسبوع الماضي دنيس روس وبانفراد التقى بشخصيات إسرائيلية وفلسطينية. ولعل الاسابيع المقبلة تبين الى أي اتجاه تنوي ادارة اوباما السير في شؤون الشرق الاوسط.

ولعل هذا الوضع الانتقالي بالذات من ناحية سياسية سيمنح إسرائيل امكانية وحافز لطرح مبادرات خاصة بها.