الشرق الأوسط يشهد تعافيا هشا وسط الصراعات والتحولات

مبنى صندوق النقد الدولي -(ارشيفية)
مبنى صندوق النقد الدولي -(ارشيفية)

دبي-الغد- رجح صندوق النقد الدولي في تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي" الصادر أمس أن يرتفع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 2.6 % هذا العام.اضافة اعلان
كما أشار الصندوق إلى انه يمكن أن يتحسن النمو في العام 2015 في حالة تحسن الأوضاع الامنية.
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الذي اطلق التقرير في فعالية أقيمت في دبي مسعود احمد إن "احتدام المشكلات الأمنية بما في ذلك المشكلات الناجمة عن تعمق الصراعات في العراق وسورية ينطوي على مخاطر تطورات سلبية تهدد الآفاق المنتظرة".
وبين أن التأثير على الاقتصاد الإقليمي كان محدوداً حتى الآن؛ لكن عدد النازحين الذي يقدر بنو 11 مليون نسمة بدأ يفرض ضغوطاً على الميزانيات العامة وأسواق العمل والتماسك الاجتماعي في البلدان المجاورة.
واضاف أحمد أن "المنطقة تحتاج الى نمو مستدام وأقوى وأكثر احتواءً لكل شرائح المجتمع حتى تتمكن من خفض ملموس في البطالة، وهي مشكلة اساسية تواجه كل بلدان المنطقة تقريباً".
البلدان المصدرة للنفط تحتاج إلى نموذج جديد للنمو
يتوقع الصندوق أن يظل النمو الكلي منخفضاً هذا العام عند مستوى 2.5 % في بلدان المنطقة المصدرة للنفط، نظراً لتدهور الاوضاع الأمنية، وخاصة في العراق وليبيا.
ويمكن ان يتحسن النمو في العام القادم، ولكن احتمال تدهور الاوضاع الامنية في العراق وليبيا واليمن يمكن ان يعمق الاضطرابات الاقتصادية ويعيق مسار التعافي المتوقع.
ونبه الصندوق الى ان سياسات المالية العامة الحالية سوف تتسبب في اختفاء الفوائض لدى البلدان المصدرة للنفط بحلول العام 2017 وأشار إلى أن كل البلدان باستثناء مجلس التعاون الخليجي والبحرين لديها عجز في المالية العامة بالفعل.
ومما يضيف إلى المخاطر التي تتعرض لها المالية العامة ذلك الانخفاض الملحوظ الذي سجلته أسعار النفط بنسبة 20 % في الشهرين الماضيين.
وصرح أحمد "اسعار النفط إذا ظلت عند مستوياتها المنخفضة الحالية لفترة مطولة، فمن الممكن أن تنتقل البلدان المصدرة للنفط ككل من تحقيق فائض مالي إلى تسجيل عجز في العام القادم".
وبالنسبة للبلدان التي تمتلك هوامش احتياطية، سيكون من المهم أن تصحح اوضاع ماليتها العامة بالتدريج لتخفيف العبء الذي يثقل مسيرة النمو الاقتصادي.
وأهم الأسباب وراء ضعف أرصدة المالية والأرصدة الخارجية مدفوعات دعم الطاقة وفاتورة الأجور الكبيرة.
الهوامش الوقائية تتضاءل
تشير التنبؤات إلى تراجع أرصدة المالية العامة في بلدان المنطقة المصدرة للنفط، لا سيما بسبب عدم دعم الطاقة الكبير وفاتورة الاجور المرتفعة، ومن الضروري احتواء الانفاق الحكومي لكبح عجز الميزانية وادخار موارد للاجيال القادمة.
وتطبق البلدان المصدرة للنفط نموذجاً للنمو يعتمد على نمو الانفاق الحكومي بالاستفادة من ارتفاع اسعار النفط؛ وللتحول الى نموذج اكثر تنوعاً واعتماداً على القطاع الخاص، قال  أحمد ان "دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص يمكن ان تستفيد من اجراء الاصلاحات التالية:
- تشجيع الإنتاج الكفء للسلع والخدمات التجارية بدلاً من الأنشطة في قطاعات السلع غير التجارية الت يتسم بانخفاض نمو الانتاجية.
- الحد من تشوهات سوق العمل التي تزيد من اعتماد القطاع الخاص على العمالة الاجنبية.
- تحسين جودة التعليم حتى يتوافق بشكل افضل مع احتياجات القطاع الخاص.
أما أولويات البلدان غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي فتتضمن تحسين مناخ الأعمال، ومعالجة اختناقات البنية التحتية، وإتاحة المزيد من التمويل للشركات الخاصة، طبقاً لتقرير الصندوق.
البلدان المستوردة للنفط تحتاج لإصلاحات لتوفير فرص العمل
سلط الصندوق الضوء على بعض الاتجاهات العامة الايجالية في بلدان المنطقة المستوردة للنفط، مشيراً الى التحسن التدريجي الذي تشهده البلدان في مجالات التصدير والسياحة والاستثمار الاجنبي المباشر مع تراجع عدم  اليقين السياسي.
وبالاضافة الى ذلك، احرز كثير من البلدان تقدماً في احتواء الانفاق على الدعم - ولا سيما مصر والاردن وموريتانيا والمغرب وباكستان والسودان وتونس.
وكان الهدف بشكل عام هو اعادة توجيه جزء من الوفورات المحققة الى دعم النمو والحد من الفقر عن طريق شبكات الامان الاجتماعي الموجهة الى الشرائح المستحقة واستثمارات البنية التحتية المولدة للنمو، والرعاية الصحية، والتعليم كذلك تستخدم البلدان جانباً من وفورات الدعم  لكبح عجز المالية العامة؛ طبقاً للتقرير.
ومع ذلك؛ قال الصندوق إن "اقتران التوترات الاجتماعية - السياسية العميقة، والاختناقات الهيكلية، والتداعيات النابعة من الصراعات الاقليمية المتصاعدة، شكل عقبة امام بلوغ النمو المستويات اللازمة لتخفيض معدلات البطالة المرتفعة السائدة".
وقال أحمد إن "تداعيات الصراعات الاقليمية والنكسات في مسيرة التحول السياسي، بالاضافة الى النمو دون الموقع لدى اهم الشركاء التجاريين، كلها يمكن ان تؤدي الى اضعاف التعافي الذي نتوقع ان يكون متواضعاً في الاصل في المنطقة".
كذلك نبه التقرير الى استمرار ارتفاع نسب الدين الى اجمالي الناتج المحلي ويتوقع أن تبلغ احتياجات التمويل الخارجي لهذه المجموعة من البلدان 100 مليار دولار في العام القادم.
وبحث الصندوق كثيراً من البلدان المستوردة للنفط على الاحتفاظ بزخم الاصلاح في المرحلة القادمة لتخفيض معدلات النمو المرتفعة.
نمو ضعيف وغير مولد لفرص العمل
ما يزال النمو في بلدان الشرق الأوسط المستوردة للنفط غير كاف لاحداث اثر ملحوظ على البطالة المرتفعة بشكل مزمن في المنطقة ورفع مستويات المعيشة.
ويتعين إجراء اصلاحات جريئة لتحقيق تحسينات دائمة في مستقبل الوظائف.
وقال أحمد في المؤتمر الصحفي الذي عقد بمناسبة اطلاق التقرير ان "معظم سكان المنطقة لم يشعروا بعد بتحسن مستوياتهم المعيشية لان بعض الاصلاحات تستغرق وقتاً حتى تؤتي ثمارها".
وأضاف أنه بناء على الجهود الجارية، تهدف هذه البلدان الى ضمان وضع الدين العام على مسار قابل للاستمرار وتعزيز الثقة في المستقبل، وهو ما يمكن ان يساعد بدوره في عطاء دفعة للنمو وتوفير فرص العمل.
وأكد الصندوق ان تحقيق تحسينات دائمة في  آفاق النمو وفرص العمل على المدى المتوسط سيتطلب تحولاً عميقاً متعدد الابعاد لإحياء الديناميكية الاقتصادية لدى القطاع الخاص، مما يؤدي الى رفع النمو الممكن، وزيادة فرص العمل، والحد م عدم المساواة.
وقال أحمد "من الضروري إعطاء أولوية للاصلاحات  المطلوبة في مناخ الاعمال ونظام التعليم وكفاءة سوق العمل، من اجل تعزيز امكانات النمو".
وأضاف التقرير أن "الحصول على تمويل إضافي من المجتمع الدولي والتركيز على بناء القدرات وتعزيز فرص التجارة من شأنه دعم جهود البلدان في مجال الاصلاح والسماح بإجراء تصحيح اقتصادي كلي اكثر تدرجاً واقل مشقة".